بدأتها "توماس كوك" وازدهرت في عصر"السادات"وتحولت للعشوائية في حكم "مبارك" وانهارت في ولاية "مرسي" 280 فندق عائم ما بين الأقصروأسوان تقف حاليا خاوية علي عروشها، بسبب تراجع معدلات السياحة، خاصة الثقافية والتي ترتكز عليها هذه الفنادق، وترصد "بوابة الفجر" تاريخ الفنادق العائمة في مصر والتي لم يقتصر دورها علي ترفيه السائحين عبر رحلة طويلة تبدأ من القاهرة وتنتهي في أسوان، لكنها كانت شاهده علي العديد من الأحداث التاريخية في مصر. ففي عام 1863 أمر الخديوي إسماعيل والي مصر ببناء يخت يحمل اسم "المحروسة" وفي شهر إبريل عام 1865 أتمت بناؤه شركة "سامودا" والتي يقع مقرها في لندن، وأبحر اليخت لأول مرة في شهر أغسطس من نفس العام من ميناء لندن علي ضفاف نهر التايمز الإنجليزي إلى ميناء الإسكندرية، ليكون أحد اليخوت المهمة التي استخدمها بعد ذلك الزعيمين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات في تدريب القوات البحرية، ويرسو اليخت حاليا قبالة شاطيء قصر رأس التين الملكي بمدينة الإسكندرية حيث عدل اسمه رسميا من قبل الحكومة المصرية بعد عام 1952 إلي اسم يخت " الحرية "، وفي عام 2000 أمر الرئيس السابق حسنى مبارك باسترجاع اليخت إلى اسمه الاصلى "المحروسة". وفي عام 1884 قامت شركة "توماس كوك"، كبري شركات السياحة البريطانية، بتنظيم أول رحلة إلى الأقصر، في جولة عبر نهر النيل، كما قامت بنقل حملة الجنرال الإنجليزي "غوردون" إلى السودان في نفس العام، والتي ضمت 11 ألف جنديا بريطانيا و7 آلاف جندي مصري، وكانت الشركة صاحبة الامتياز الأول في مصر لتنظيم الرحلات النيلية الطويلة والتي تستمر قرابة 14 يوما بين القاهرةوأسوان، وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت الشركة تمتلك حوالي 5 مراكب عائمة من بينها الباخرة" السودان" و" لوتس" و" أرابيا"، ومع قيام ثورة 23 يوليو عام 1952، حصلت شركة "نجمة للسياحة" علي 4 مراكب منها ما عدا الباخرة" السودان"، والتي كان قد اشتراها الزعيم الوفدي الراحل فؤاد سراج الدين من الشركة البريطانية، استخدمها في رحلاته بين القاهرة ورأس البر، وأعطاها بعد ذلك لزينب الوكيل زوجة مصطفي النحاس باشا رئيس وزراء مصر الأسبق، وبعد وفاتها حصل عليها أخيها أحمد الوكيل، لتدخل شركة"ايستمار للسياحة"، في السوق المصرية من خلال شراكة الوكيل لتشغيل باخرة "السودان" إلي أن قامت الشركة بشرائها بعد ذلك بحوالي 2 مليون جنيه، لتحل الشركة محل شركة"توماس كوك" من خلال أسطولها الجديد من الفنادق العائمة "السودان" و"أرابيا" و"ممفيس" ولوتس"، و"نفرتاري" و"رع 1" و"رع 2"، ومن بين الشركات التي قامت بتنظيم الرحلات النيلية بين الأقصروأسوان في هذا التوقيت شركة "نارش للسياحة" من خلال مركبها العائم "ترايتون". وقامت القوات المسلحة عقب الثورة بالحصول علي مراكب الملك فاروق " فخر البحار" و"قاصد خير" والذي قامت شركة "ايستمار للسياحة" بتأجيره لفترة طويلة، إلي أن قامت شركة فرنسية بإدارته ليغرق بعد ذلك علي إثر تعرضه للحريق تحت كبري ادفو ولم يخرج من النيل حتي هذه اللحظة، و"المحروسة" والتي غادر بها إلي إيطاليا، ليعود بها جلال علوبة قائد اليخوت الملكية إلي مصر لتنضم لممتلكات الثورة. وفي عام 1965 قام عبد القادر حاتم وزير السياحة في ذلك الوقت، بتكليف شركة "مصر للسياحة" بالدخول في المنافسة وتنظيم رحلات نيلية من خلال تصنيع باخرتين سياحيتين في ألمانيا، وبالفعل قامت الشركة بتدشين الباخرتين " إيزيس" و"أوزوريس"، وعرضت علي شركة "ايستمار للسياحة" تشغيلهما، إلا أن الشركة رفضت، لتقوم "مصر للسياحة" باستخدامهما كا لوكاندة لتقوم فنادق شيراتون بتأجيرها منذ ذلك التوقيت حتي الآن. وفي عصر الرئيس الراحل أنور السادات ازدهرت الرحلات النيلية الطويلة بعد زيادة تراخيص العائمات النيلية حيث وصلت في بداية حكمه إلي حوالي 75 عائمة نهرية، إلي أن وصل عددها حوالي 120 مركبه بنهاية فترة حكمه، حيث سمح للمراكب العائمة في تنظيم رحلات سياحية طويلة، في حين بلغت بنهاية فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك حوالي 280 فندقا عائما تعمل بين الأقصروأسوان. وشهدت الفنادق العائمة خلال فترة الرئيس السابق العديد من الأحداث، حيث توقفت رحلاتها الطويلة بين القاهرةوأسوان عقب وقوع مذبحة الأقصر عام 1997، والتي راح ضحيتها ما يقرب من 58 سائحا، كما تدني مستوي الخدمة المقدمة للسائحين مع ازدياد أعداد الفنادق ودخول من ليس لهم علاقة بالمهنة في المجال السياحي، وحدثت حالة من التكدس نظرا لعدم وجود مراسي مجهزة لاستقبال هذه الأعداد، الأمر الذي استدعي معه وقف إصدار تراخيص جديدة. ومع اندلاع ثورة 25 يناير تراجعت معدلات السياحة لأدني مستوياتها خاصة الفنادق العائمة، وزادت الأوضاع سوءا مع تولي الرئيس المعزول محمد مرسي سدة الحكم، ورغم محاولة منير فخري عبد النور وزير السياحة السابق، عودة الرحلات النيلية الطويلة بين القاهرةوأسوان، إلا أن الأوضاع السياسية الغير مستقرة تسببت في توقفها سريعا. ويقول أحمد شمس الدين عضو غرفة الفنادق العائمة، أن تصاعد حالة الاحتقان وعدم الاستقرار في الشارع المصري، تسبب في تفاقم أوضاع الفنادق العائمة، خاصة مع انخفاض أعداد السائحين طوال الفترة الماضية. ويشير إلي أن تكلفة الفندق العائم الخمس نجوم تبلغ حوالي 7 ملايين جنيه، وأن معظم الفنادق العائمة معروضة للبيع حاليا، بعد تراجع معدلات الإشغال بها لتقترب من الصفر، وتحقيقها خسائر فادحة طوال الثلاث أعوام الماضية.