تحتل أهمية كبرى لدى صناع القرار فى الدولة حيث يعتمد عليها فى اتخاذ تدابير، وقرارات تحمل الصفة المصيرية فى كثير من الأحوال، فيعتبرها المراقبون بمثابة جسد الدولة الذى يحفظه وقت الأزمة، ويدافع عنه حين تكون المخاطر،لذا كانت الحاضر الغائب فى شبح الأزمة الإقتصادية التى تسيطر على مصر عقب ثورة 30يونيو، ونفاد جزء كبير من المخزون الإستراتيجى فى معظم القطاعات. حول قناة السويس تدور الأحاديث وتنتشر الأقاويل وعلامات الإستفهام كونها مصدراً هاماً ضمن مصادر الدخل القومى التى تعتمد عليها الدولة فى توفير العملة الصعبة، وتغطية جزء من المصروفات المتزايدة فى كل موازنة تقديرية.
لم تخرج قناة السويس من محور أحاديث الساسة وخبراء الإقتصاد أثناء تناول الوضع العام بالدولة، ومعضلة العجز بالموازنة والمظاهرات الفئوية التى تطلب زيادة الأجور والمكافأت ومن ثم السحب من الإحتياطى الآمن، المثير أيضاً أن قناة السويس ورغم أحداث الثورة وما تبعها من حالة عدم الإستقرار على الساحة المصرية تمكنت من تحقيق معدل نمو بلغ نحو 10%،وذلك من خلال اجمالى ايرادات بلغت 3.895 مليار دولار فى 9 أشهر، وذلك بزيادة قدرها 106 مليون دولار عن العام السابق.
المثير أيضاً رغم الأرقام السابقة التى باتت محل جدل بين المتابعين هى تلك التوقعات التى خرجت بها شركة سى آى كابيتال الزراع البحثية للبنك التجارى الدولى وهو وصول اجمالى ايرادات القناة بنهاية العام الجارى إلى نحو 5 مليار دولار،وزيادة غير مسبوقة فى أعداد الناقلات البحرية. من هنا يمكن اعتبار قناة السويس عاملاً لا يمكن انكاره فى الحديث حول كيفية الخروج من النفق الإقتصادى المظلم والبحث حول بدائل متنوعة للموارد الثابتة، لكن قبلها لابد أن نعرف حقيقة تلك الإيرادات وكيفية استغلالها،ولماذا لا نشعر بقيمتها فى حل أزمة السيولة التى نعانى منها الآن. الدكتور عبدالرحمن العليان الأستاذ بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية أكد أن ارتفاع المصروفات السنوية وزيادة أوجه الإنفاق العام على كافة القطاعات الموجودة بالدولة ساهم فى عدم الشعور بحجم ايرادات القناة خلال الأزمة التى تمر بها الدولة،مشيراً إلى صعوبة تحسن الآداء الإقتصادى من خلال مورد واحد تعتمد عليه الدولة منذ سنوات طويلة.
وأضاف العليان أن ايرادات القناة تتراوح سنوياً بين 4 مليار دولار إلى نحو 5.6 مليار دولار فى حين نجد أن اجمالى ميزانية قطاع هام مثل الصحة يصل إلى نحو 27 مليار جنيه سنوياً، بل حالياً يطالب الأطباء بزيادة وتحسين الأجور.
وشدد الخبير الإقتصادى على ضرورة الحفاظ على قناة السويس كمورد رئيسى فى جلب العملة الصعبة إلى جانب السياحة، وضرورة تسويقها بشكل جيد منعاً لمحاولات عدد من القوى الخارجية تحويل مسارات السفن إلى طرق أخرى أرخص وأوفر من القناة،وهى الخطوة التى فى حال حدوثها ستؤثر على الدخل القومى.
" الأمور تحتاج إعادة دراسة" هكذا علقت الدكتورة هبة حندوسة النائب السابق لرئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة مشيرةً إلى أن تزايد المصروفات خلال تلك المرحلة ربما يؤدى لتفاقم الأزمة وعدم قدرة القائمون على الأمر بمعالجة الفجوة المتوقع حدوثها.
وأضافت حندوسة أن الجميع يعلم مدى تأثير قناة السويس على صناع القرار فى الدولة ومدى أهميتها فى الأوقات الحساسة،كذلك يدرك الجميع أنها تحقق ايرادات سنوية مرتفعة،لكن الأهم هنا هو كيفية توجيه تلك الإيرادات التى تصل إلى نحو 5.5 مليار دولار والإستفادة منها فى مشروعات تنموية يستفيد منها المواطن بشكل مباشر فى عملية توظيف الشباب وتوفير الإحتياجات الأساسية وتحجيم عملية الإستيراد المتزايد.