احتفظت حكومة الائتلاف الكبير بين الاشتراكيين الديموقراطيين والمحافظين، بالسلطة في النمسا لخمس سنوات أخرى لكن بفارق ضئيل، وذلك في الانتخابات التشريعية التي نظمت اليوم، والتي حقق فيها اليمين المتطرف تقدما كبيرا حسب استطلاعات للراي.
ووفقا للنتائج المتشابهة لهذه الاستطلاعات فقد حصل الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة المستشار فيرنر فايمن، الذي سجل اسوا نتائج في تاريخه، على 26.4% من الاصوات كما حصل حزب الشعب المحافظ على 23.6% وهي ايضا اسوأ نتيجة له ، فيما حصل الحزب اليميني المتطرف بزعامة هاينز كريستيان ستراخ على 21,9% بارتفاع بنحو اربع او خمس نقاط.
وبالنسبة للحزبين النمساويين الكبيرين تدل هذه النتيجة على تراجع لشعبيتهما في حين ان النمسا كانت افضل مقاومة للازمة الاقتصادية والمالية من الدول الاوروبية الاخرى. وفي عام 2008 حصل الحزب الاشتراكي الديموقراطي على 29.26% من الاصوات وحزب الشعب المحافظ على 25.98%.
وتمكنت قائمة الملياردير النمساوي الكندي المعارض لاوروبا فرانك ستروناخ من دخول البرلمان لكن بحصولها على 5,5% فقط وهي النتيجة التي جاءت مخيبة لامال هذا الوافد الجديد على الساحة السياسية الذي منحته استطلاعات الراي قبل ستة اشهر فقط 12% من نوايا التصويت.
ويبدو ان هذا التصويت جاء بمثابة عقاب لستروناخ على ادائه غير المقنع في اللقاءات التلفزيونية حيث بدا ضعيفا في حججه.
كما سجل حزب الخضر المعارض تقدما بحصوله على 11,2% (10,43% عام 2008) لكن جاء ايضا اقل من توقعاته اذ كان هدفه تخطي عتبة ال15%.
اما المفاجاة فجاءت من تنظيم جديد اخر على الساحة السياسية وهو الحزب الليبرالي (نيوس) الذي حصل على 4,6% متجاوزا عتبة ال4% اللازمة لدخول البرلمان. وسجلت نسبة المشاركة تراجعا بنقطتين عن عام 2008.
وكان نحو 6.4 ملايين ناخب قد دعيوا الى التوجه الاحد الى صناديق الاقتراع لانتخاب 183 نائبا في مجلسهم الوطني (مجلس النواب).
وكانت استطلاعات الراي قد رجحت بالفعل فوز الائتلاف الكبير ومنحته حوالى 50 بالمئة من نوايا التصويت.
لكن النتيجة التي سجلها الائتلاف الاحد هي الاسوأ في تاريخه منذ اعلان الجمهورية الثانية بعد انهيار الدكتاتورية النازية في 1945.
ورغم ان النمساويين فضلوا منذ 68 سنة التحالف بين هذين الحزبين، وهو ما يشكل ضمانة لاستقرار البلاد، الا انهم غير راضين كثيرا عن حكومتهم برئاسة الاشتراكي الديموقراطي فرنر فايمان.
وقالت فانيسا (42 عاما) "لا اتوقع امرا مهما، ساصوت لاني ادعم العملية الديموقراطية". واضافت "كنت ارغب لو كانت هناك تغييرات تتعلق بالائتلاف الكبير لكن الامل ضئيل".
في المقابل، اعتبرت اولي وهي طالبة في الثالثة والعشرين لدى خروجها من مكتب تصويت في وسط فيينا "اجد ان (فرنر) فايمان لا باس به، لا يوجد على اي حال الان شخص يقوم بعمل (المستشار) افضل منه".
ويمكن للحكومة بالتاكيد ان تفخر بحصيلة اقتصادية مشرفة. فالجمهورية الغنية عبرت ازمة منطقة اليورو من دون الكثير من الاضرار وخصوصا ان معدل البطالة بقي الادنى في الاتحاد الاوروبي مع 4,8 بالمئة في تموز/يوليو، اي ما يشبه عمالة كاملة.
لكن الفضائح المتعددة المتعلقة بالفساد والتي شوهت سمعة كل الاحزاب باستثناء الخضر، مصحوبة بخلافات داخلية ادت الى شل كل عمليات الاصلاح وخصوصا في مجال التقاعد او التربية، ما اثر على شعبية الفريق الحاكم.
في المقابل فان القوة الاخرى في اليمين المتطرف "بي زد او" التي تاسست في 2005 جراء انشقاق "اف بي او" بمبادرة من الزعيم الكاريزماتي يورغ هايدر الذي توفي في 2008، فقد فشلت في تخطي عتبة ال4% التي تؤهلها لدخول البرلمان حيث لم تحصل سوى على 3,4% في حين انه حصل على 10,70% عام 2008 .
وقيام تحالف مع حزب "نيوس" الليبرالي الصغير يمكن ان يكون مطروحا ايضا امام الائتلاف الحاكم.