■ قطر وسّطت نبيل العربى لدى مصر لقبول نصف الوديعة المالية.. ورشيد تدخل لحل الأزمة لصالح مصر أخيرا عادت عجلة الحياة فى مصر لطبيعتها، فى كل مكان الآن بمصر وفى كل مؤسسة قصة وأسرار، داخل الحكومة والرئاسة تراجع الاهتمام بملف الإخوان أو بالأحرى إرهابهم، مظاهراتهم قد تعطل المرور ساعة أو ساعتين، على موقع الحرية والعدالة وصف الإخوان أنفسهم بأنهم «براغيث»، فاكرين أنهم قادرون على مص دماء مصر، لكننى اتفقت معهم تماما أنهم تحولوا إلى «براغيت» يسهل سحقها بإصبعين فقط.
لم يستطع الإخوان حتى على المستويين الدولى والإقليمى أن يقفوا فى طريق مصر أو يتحولوا إلى شوكة فى حلق مصر، ما يجلب التفاؤل الآن إلى عقلى أننى أتابع كواليس معظم المؤسسات المصرية فلا أجد اهتماما بالإخوان، قد دارت بالفعل حركة الدولة المصرية، قرارات الحكومة الآن اكثر جرأة وسرعة واتجاها إلى الطبقة الفقيرة، ولدى الحكومة الكثير، الرئاسة لديها مشروع جديد للدخول للمستقبل، حتى المشاكل عادت إلى المربع الطبيعى، قضايا الاقتصاد تباطؤ هنا، وخلاف هناك، مصر الآن أدارت ظهرها للإخوان وإرهابهم وحتى أصدقاء الإخوان تعاملت معهم الحكومة والدولة بمنتهى الحزم والكرامة، بعد أقل من مائة يوم من خلع مرسى وجماعته، وبدون نصب «خطة المائة اليوم» تتحرك مصر فى الاتجاه الصحيح محليا وعربيا ودوليا، وهذا ما تكشفه بوضوح أسرار وكواليس الحكومة والرئاسة التى نقدمها فى الحكايات القادمة
1
فشل خطة قطر
الأسبوع الماضى حاولت قطر أن تمسك العصا من الوسط فلاهى تريد أن تستمر فى دعم اقتصاد مصر ثورة 30 يونيو من ناحية، ومن ناحية أخرى لا تريد أن تضبط فى وضع المعادى للدولة المصرية، ولذلك كانت قطر مصرة على أن تقنع مصر بقبول تحويل مليار دولار واحد من الوديعة القطرية إلى سندات، فى البداية وافقت قطر على تحويل مبلغ ال2 مليار دولار إلى سندات دفعة واحدة وبدون تأجيل، ولكن ما أن وصل المسئولون المصريون لقطر حتى تغير كلام الحكومة فى قطر، وعبثا حاولت قطر إقناع مصر بقبول تحويل نصف الوديعة فقط لسندات، وتحويل النصف الثانى بعد ستة أشهر، وعندما وصل لقطر إصرار محافظ البنك المركزى هشام رامز على رفض الحلول الوسط، قامت قطر بفعل المستحيل لتمرير الموضوع، وسّطت قطر الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربى لإقناع مصر بوجهة النظر القطرية، ولكن العربى اعتذر بدبلوماسية عن التدخل فى الأمر، واكتفى بإبلاغ رئيس الحكومة الدكتور الببلاوى بالأمر، وأجرى وزير الخارجية القطرى اتصالاً بوزير الخارجية المصرى نبيل فهمى لنفس الغرض، واكتفى فهمى أيضا بإبلاغ رئيس الحكومة بالمكالمة التى دارت بينه وبين نظيره القطرى، خلال المهلة المصرية حاول الوزير السابق رشيد محمد رشيد إقناع المسئولين القطريين بتنفيذ الاتفاق مع مصر، لكنه فشل، النكتة السخيفة أن قطر تعللت ب«الزنقة المالية»، وأنها لاتستطيع تدبير مليارى دولار مرة واحدة، وانتهت القصة فى الساعة العاشرة صباح اليوم التالى عندما خرج محافظ البنك المركزى بتصريحات لوكالة رويترز يعلن فيها رفض الاتفاق القطرى أو بالأحرى التراجع القطرى، وإرجاع الوديعة.
2
نقل الملف الإماراتى للمركزى
وقفت البيروقراطية المصرية العتيقة فى وجه قطار الدعم الإماراتى للاقتصاد، ولذلك كان القرار أن يتم نقل الملف بأكلمه إلى محافظ البنك المركزى، المركزى سيلعب دور المنسق بين الجانب الإماراتى من ناحية والحكومة والرئاسة بمصر من ناحية أخرى، ويرجع القرار إلى أن بعض الوزارات لا ترد على طلبات الجانب الإماراتى المتعلقة بتقديم معلومات أكثر دقة وتفصيلا عن المشروعات التى قدمتها الحكومة المصرية للإماراتيين لتنفيذها، ومن ناحية أخرى فقد قامت بعض الوزارات بتقديم عشرات المشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة للجانب الإماراتى دون تحديد لأولويات المرحلة أو وضع جدول زمنى للتنفيذ، فقد تقدمت وزارة الصحة بمشروع إنشاء خمس عشرة فقط وحدة صحية فى القرى، ولاشك أن موازنة الحكومة تستطيع تحمل تكاليف إنشاء هذه الوحدات بسهولة، وحلا لهذه العقبات فقد اقترح الجانب الإماراتى تحديد جهة واحدة فقط للتعامل معهم، ووقع الاختيار على البنك المركزى، ويتردد أن اختيار البنك المركزى كان من ضمن اقتراحات الجانب الإماراتى، وسيتولى البنك المركزى التفاوض مع الجانب الإماراتى وتحديد قائمة المشروعات النهائية، ورفع المشاكل والمعوقات لرئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية بحسب الأحوال، وطبقا لطبيعة المشكلة التى تعوق تنفيذ المشروع، فقد تكون مواد القانون وراء تعطيل المشروع ولذلك يقترح البنك المركزى إجراء تعديل تشريعى سريع أو إصدار قرار جمهورى، وقد تم إبلاغ كل الجهات المعنية وعلى رأسها البنك المركزى للبدء فى تطبيق النظام الجديد.
3
ضربة البنك الدولى
تاريخ البنك الدولى مع مصر لا يحمل الكثير من الخير، فمنذ رفض البنك الدولى تمويل السد العالى والشكوك تحيط به، وسمعته فى مصر «مضروبة»، وحاول البنك الدولى فى السنوات الأخيرة تغيير هذه الصورة، وإقناع المصريين والدول العربية عموما بأنه لا يلعب فى السياسة، وأنه مجرد بنك يحارب الفقر فى العالم ويساهم فى تخفيض حدته، ولكن يبدو أن البنك الدولى لم ينس تماما اللعب بالسياسة، ففى الزيارة الأخيرة لبعثة البنك الدولى لمصر لاحظ بعض المسئولين المصريين ثمة تباطؤ فى حركة البعثة تجاه المشروعات التى قدمتها الحكومة المصرية للبعثة، وكان وزير المالية الدكتور أحمد جلال أكثر المسئولين انزعاجا من تصرفات البعثة، ووصل الأمر بالوزير الهادئ أن يفقد أعصابه خلال المفاوضات وقال للبعثة «المسألة أنتم عايزين تساعدوا ولا لأ»، رئيس البنك الدولى الدكتور كيم رشحه أوباما فجأة ليحصد المنصب الرفيع، وكانت أمريكا كادت تفقد المنصب لأن آسيا وإفريقيا كانتا تطالبان بالمنصب، فجاء أوباما بالدكتور جيم كيم لأنه أمريكى من أصل آسيوى «كورى»، ونجح كيم على منافسيه لأن أمريكا تملك النسبة الأكبر فى أصوات البنك الدولى، ويبدو أن صديق أوباما فى البنك الدولى يعطل الآن المشروعات الجديدة التى سيقدمها البنك لمصر خلال المرحلة المقبلة، وكانت مصر قد وقعت آخر اتفاقية مع البنك فى مشروعات الكهرباء يوم 28 يونيو، أى قبل ثورة 30 يونيو ب48 ساعة، وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية لم تهاجم موقف البنك ورئيسه، إلا أنها قررت عدم حضور اجتماعات الخريف للبنك والصندوق المقبلة فى واشنطن، وأن يكون التمثيل المصرى على مستوى الخبراء وليس المسئولين والوزراء مثلما كان يحدث كل عام فى اجتماعات الربيع والخريف للصندوق والبنك.
4
خلاف التسعيرة الجبرية
قرار أو تهديد الحكومة بتطبيق التسعيرة الجبرية على أسعار السلع والمواد الغذائية أثار إعجاب الكثير من المصريين، ولكن القرار شهد خلافا داخل مجلس الوزراء، فالوزراء الليبراليون اعتبروا أن القرار يعيد مصر إلى عهد الاشتراكية، الوزراء المعترضون اقترحوا طريقة أخرى لمواجهة جشع التجار وموجات الغلاء المتتابعة، وهى اللجوء إلى تطبيق المادة العاشرة من قانون مكافحة الاحتكار، لأن هذه المادة تمنح الحكومة الحق فى تحديد أسعار بعض السلع الأساسية لفترة من الوقت، وكان منطق المعترضين على التسعيرة أن لجوء الحكومة لهذه المادة لا يعد إنهاكا لقواعد وقوانين الاقتصاد الحر، وأن هذه الآلية إحدى أدوات الاقتصاد الحر لمواجهة الاحتكارات، ولكن وزير التموين اللواء محمد أبو شادى انتصر فى النهاية لأن المادة العاشرة لا ترتب عقوبات على المتجاوزين فى تطبيق القرار، وذلك بعكس مواد التسعيرة الجبرية التى ترتبط بعقوبات تجمع ما بين الغرامة والحبس، ولذلك انحاز مجلس الوزراء إلى التهديد باستخدام عصا التسعيرة الجبرية. المثير أن كل القوانين التى صدرت فى عهد الرئيس المخلوع مبارك لم تلغ التسعيرة الجبرية التى أقرت بصورتها الحالية فى عهد ثورة يوليو.
5
خطة جديدة للمجمعات
بعيدا عن التسعيرة الجبرية فقد شهد اجتماع المجموعة الاقتصادية مناقشات مهمة حول تطوير المجمعات الاستهلاكية البالغ عددها نحو 900 فرع فى كل محافظات مصر، وكانت المناقشة بدأت بمناسبة قرار الحكومة بتخفيض أسعار السلع فى المجمعات الاستهلاكية ب10 %، وأثناء الاجتماع وجه محافظ البنك المركزى بعض الانتقادات لأداء المجمعات، وعندما حاول وزير الاستثمار أسامة صالح الدفاع عن المجمعات والادعاء بأنها تعمل بكفاءة، رد محافظ البنك المركزى بأن سياسة كل شىء تمام يجب أن تنتهى، وانتقد المحافظ لجوء المجمعات أو بالأحرى الشركة القابضة للصناعات الغذائية للتجار لشراء بعض السلع المستوردة مثل العدس والفول، وهو الأمر الذى يؤدى إلى زيادة الأسعار، لأنها تضيف أرباح التجار إلى أسعار المنتجات فى المجمعات الاستهلاكية، وأبدى محافظ البنك المركزى استعداده لفتح اعتمادات للاستيراد لصالح المجمعات مباشرة من الخارج، وتوفير الدولار لشراء كميات كبرى من السلع الأساسية للنزول بأسعارها، وقد وافقت المجموعة الاقتصادية على هذا الاقتراح، وطلبت من وزير الاستثمار البدء فى دراسة تنفيذ الاقتراح من خلال الشركة القابضة للتجارة الخارجية. المثير أن بعض رؤساء الشركات التابعة اعترضوا على قرار تخفيض الحكومة لأسعار السلع فى المجمعات بحجة الخوف من الخسارة على الرغم من أن معظم الشركات تحقق خسائر.
6
صندوق لدعم الحد الأدنى
لا تزال أزمة إلزام القطاع الخاص بالحد الأدنى للاجور ال1200 جنيه تتفاعل، مبدئيا فإن الحكومة قد اتفقت فيما بينها على ضرورة منح القطاع الخاص مهلة أو فترة سماح قبل تطبيق الحد الأدنى الجديد الذى قررته الحكومة، ولكن بعض مصانع ومشروعات القطاع الخاص قد لا تستطيع توفير تكاليف الحد الأدنى حتى بعد انتهاء فترة السماح أو المهلة الممنوحة للقطاع الخاص، خاصة أن بعض القطاعات تعتمد على عمالة تجيد القراءة والكتابة فقط، ولا تحمل مؤهلات متوسطة أو عليا، المشكلة الأكثر صعوبة فى المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر المسجلة والتى لا يستطيع أصحابها تحمل فاتورة رفع الحد الأدنى ل1200 جنيه، وقد ظهرت بعض الاقتراحات للتغلب على هذه المشكلة وتوحيد الحد الأدنى للأجور على مستوى الدولة بقطاعيها الخاص والعام. أهم هذه المقترحات إنشاء صندوق لدعم الحد الأدنى، وتكون مهمة هذا الصندوق تمويل تكلفة الفرق بين الحد الأدنى الرسمى وبين الحد الأدنى فى هذا النوع من المشروعات، ويتولى المجلس القومى للأجور وضع القواعد والأسس لهذا الصندوق من ناحية، واختيار المشروعات التى تستفيد من هذا الصندوق من ناحية أخرى.
وكانت الحكومة قد تراجعت فى اللحظات الأخيرة عن قرار تطبيق الحد الأدنى للأجور ب800 جنيه بسبب الخلافات حول تطبيق الحد، وخاصة أن الإخوان كانوا قد أصدروا قرارا لم ينفذ برفع الحد الأدنى للأجور إلى 700 جنيه، وكان القطاع الخاص قد وافق على الحد الأدنى ب800 جنيه، ولكن رفع الحد الأدنى إلى 1200 جنيه جعل القطاع الخاص فى مأزق شديد، وتبلغ التكلفة المبدئية لتوابع رفع الحد الأدنى ل1200 جنيه نحو 40 مليار جنيه، لأن كل مرتبات العاملين بالحكومة سيتم تعديلها لتتوافق مع رفع الحد الأدنى إلى 1200 جنيه، ولكن الرقم النهائى لتمويل إعادة هيكلة الأجور فى الحكومة سيتم تحديده خلال الأسابيع المقبلة بشكل نهائى، وبعد مراجعة كل الدرجات الوظيفية وعدد العاملين الذين يشغلون كل درجة وظيفية.