السؤال: هل يجب الحج على الفور أو على التراخي؟ الاجابه بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. اختلفوا في وجوب الحج عند تحقق الشروط هل هو على الفور أو على التراخي ؟ . ذهب أبو حنيفة في أصح الروايتين عنه وأبو يوسف ومالك في الراجح عنه وأحمد (1) إلى أنه يجب على الفور ، فمن تحقق فرض الحج عليه في عام فأخره يكون آثما ، وإذا أداه بعد ذلك كان أداء لا قضاء ، وارتفع الإثم . وذهب الشافعي والإمام محمد بن الحسن إلى أنه يجب على التراخي ، فلا يأثم المستطيع بتأخيره . والتأخير إنما يجوز بشرط العزم على الفعل في المستقبل ، فلو خشي العجز أو خشي هلاك ماله حرم التأخير ، أما التعجيل بالحج لمن وجب عليه فهو سنة عند الشافعي ما لم يمت ، فإذا مات تبين أنه كان عاصيا من آخر سنوات الاستطاعة (2) .
استدل الجمهور على الوجوب الفوري بالآتي : أ - الحديث : " من ملك زادا . وراحلة تبلغه إلى بيت الله ، ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا " (3) . ب - المعقول : وذلك أن الاحتياط في أداء الفرائض واجب ، ولو أخر الحج عن السنة الأولى فقد يمتد به العمر وقد يموت فيفوت الفرض ، وتفويت الفرض حرام ، فيجب الحج على الفور احتياطا .
واستدل الشافعية ومن معهم بما يلي : أ - أن الأمر بالحج في قوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت } (4) مطلق عن تعيين الوقت ، فيصح أداؤه في أي وقت ، فلا يثبت الإلزام بالفور ، لأن هذا تقييد للنص ، ولا يجوز تقييده إلا بدليل ، ولا دليل على ذلك . وهذا بناء على الخلاف أن الأمر على الفور أو للتراخي ( انظر مصطلح : أمر ) . ب - ( أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة عام ثمان من الهجرة ، ولم يحج إلا في السنة العاشرة ولو كان واجبا على الفورية لم يتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرض عليه ) (5) .
والله أعلم. _________________ (1)المسلك المتقسط ص 44 ، وانظر الهداية وفتح القدير 2 / 123 ، وشرح الرسالة لابن أبي الحسن 1 / 454 ، ومواهب الجليل وفيه تفصيل الخلاف في المذاهب 2 / 471 472 ، والشرح الكبير 2 / 2 3 وحاشية الدسوقي ، ورجح الفورية بقوة حتى قال " ينبغي للمصنف الاقتصار عليه " . والمغني 3 / 241 ، والفروع 3 / 242 . (2)الأم 2 / 117 118 ، وروض الطالب 1 / 456 ، ومغني المحتاج 1 / 460 ، والمسلك المتقسط ، وفتح القدير الموضعين السابقين . (3)حديث : " من ملك زادا أو راحلة تبلغه إلى بيت الله . . . " أخرجه الترمذي ( 3 / 167 ط الحلبي ) من حديث علي بن أبي طالب ، وقال الترمذي : " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وفي إسناده مقال ، وهلال بن عبد الله مجهول ، والحارث يضعف في الحديث " . (4)سورة آل عمران 97 . (5)الأم 2 / 118 ، وانظر حاشية القليوبي على شرح المنهاج 2 / 84 ، وبدائع الصنائع للكاساني 2 / 119 .