يحتفل العالم بعد غد باليوم العالمي لحماية المستهلك 2012، تحت شعار أموالنا.. حقوقنا، حملة الاختيار الحقيقي في الخدمات المالية ". ويتم الاحتفال بهذا اليوم كل عام، بناء على قرار من تجمعات حماية المستهلك الدولية منذ العام 1983، حيث تم اختياره ليصادف اليوم ذاته من العام 1962، الذي قال فيه الرئيس الأمريكي الراحل جون كنيدي، إن جمعيات حماية المستهلك هي أهمالتجمعات الاقتصادية، التي تتأثر بكل قرار اقتصادي، سواء من الحكومه أو من القطاعالخاص، ورغم ذلك فإن وجهات نظرها لا تؤخذ بعين الاعتبار. وكان أول ظهور ليوم حقوق المستهلك في العالم في 15 مارس عام 1983، وبعد ذلك تمت المصادقة على الميثاق الدولي لحقوق المستهلك في شهر ابريل من العام 1985 لدى هيئات الأممالمتحدة بدعم المنظمات الدولية الناشطة في هذا المجال، وتم التأكيد على ثماني بنود تلخص حقوق المستهلك في عالمنا وهي: حق السلامة، حق الإختيار، حق المعرفة، حق إبداء الرأي، حق التعويض، حق إشباع الحاجات الأساسية، حق التثقيف وحق الحياة في بيئة صحية. ومن حينها أصبح فرصة مهمة لتفعيل دور المواطن ، وتعزيز الحقوق الأساسية لكل المستهلكين للمطالبة بصيانة واحترام هذه الحقوق ولمعارضة إستغلال السوق واللاعدالة الإجتماعية التي تقلل من قيمتها. وترتبط حماية المستهلك بالتحديات الراهنة التي تفرضها ظاهرة العولمة المتجددة والمتسارعة والتي أفرزت آثارا سالبة في أغلب الأحيان علي المستهلك العالمي والعربي معرضة سلامته وصحته ومصالحه المادية لمخاطر جمة، مما يتطلب الحيطة والحذر، والبحث الجاد في الآليات التي تكفل له حق الحماية، وتحافظ على حقوقه،وتملكه مهارات كشف الغش والخداع التسويقي الذي يمكن أن يمارس عليه. ففي كل سنة، يحول المستهلكون مئات المليارات من الدولارات حول العالم.وفي العديد من الدول فإن العائدات المرسلة من العمال المهاجرين إلى عائلاتهم تساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية وتسمح للمستلمين لهذه الحوالات بأن يلبوا احتياجاتهم الأساسية ويستثمروا في المستقبل.ومع ذلك لابد أن يفكر المستهلكون بالرسوم العالية لهذه العملية المالية البسيطة نسبيا ، غالبا 10% أو 20% من الأموال التي ترسل. وتواجههم أيضا مشكلة الاختيار الحقيقي بين خدمات تحويل الأموال المختلفة وبالتالي يتورطوا في صفقات سيئة. ويجسد الشعار العالمي "أموالنا..حقوقنا" الأبعاد الحقوقية والإنسانية والأخلاقية للمستهلك في جميع مناحى الحياة، وهنا يتم التلاقي بين تمويل المشروعات الصغيرة وحماية المستهلك في هذه الأبعاد الحقوقية والأنسانية والأخلاقية. وتعد قضية تمويل المشروعات الصغيرة قضية أخلاقية وإنسانية في المقام الأول، يجب أن تتبناها الدول وأن يكون العملاء المستفيدون في قلب سياسات وخطط الدول الرامية لاستغلال آلية تمويل المشروعات الصغيرة في تحسين أوضاع هؤلاء المستهدفين ، والبحث عن تطوير ودراسة صيغ تمويلية أكثر فعالية تلبي احتياجات الفئات الفقيرة، بصورة تمكن من نشر الخدمات على نطاق أوسع لتغطية أكبر قدر من الشرائح المستهدفة، ومعالجة القصور المصاحب للمنتجات الحالية والتي لم تمكن من تحفيز صغار المدخرين للتعامل مع حسابات الادخار لضعف العائد الحقيقي لهم. وتظهر أهمية حماية المستهلكين لتمويل المشروعات الصغيرة ، ومعالجة ظاهرة خروج كثير من أموال المدخرين خارج نطاق النظام المصرفي والدورة الاقتصادية، بسبب حجز أموال صغار المدخرين بالطرق التقليدية، الأمر الذي يؤثر على الاقتصاد الوطني ككل. وتتم المعالجة بحماية هؤلاء المستهلكين بتجميع النقد الفائض لديهم في صيغ إدخارية ومنحهم أرباحا لتشجيعهم وجذب أموالهم إلى النظام المصرفي، مما يؤدي إلى تقوية المؤسسات المالية والمصرفية وخلق قاعدة إقتصادية قوية تنمي في الأفراد ثقافة الادخار. وتتمثل أهمية تمويل المشروعات الصغيرة أيضا في حماية المستهلك لمقدرته كآلية فعالة في تحقيق ودعم المستويات التطبيقية للعدالة الإجتماعية علي المستوى الاجتماعي والسياسي العام، وعلي المستوى الفردي يدعم تمويل المشروعات الصغيرةمفاهيم العدالة الإجتماعية بحيث تصبح محورا للسلوك الفردي، كما يدعم السياسات العامة للدولة، ويقوي المستوى المؤسسي، بحيث تصبح القوانين، والإجراءات، والمؤسسات، والوظائف، وكل ما يتعلق بالدولة في هذا الشأن ذات مهمة أساسية، ألا وهي تحقيق المستوي اللائق من العيش الكريم للمواطن، أي تمكين المواطن من حماية آدميته، بتوافر الحد الأدنى للكفاف الاقتصادي والمعيشي، وإحترام الوجود الذاتي لمختلف التكوينات الاجتماعية، وهنا تتداخل مضامين العدالة الاجتماعية والأقتصادية مع العدالة السياسية، ويصعب في الواقع الفصل بينهما. ويرتبط مفهوم حماية المستهلك بمفهوم آخر هو حركة وأتجاهات المستهلكين، وهي حركة إجتماعية تعمل على زيادة وتدعيم حقوق المشترين في علاقاتهم بمقدمي السلع والخدمات، حيث أن هذه الحركة تمثل ذلك الفعل الاجتماعي المنظم من طرف المستهلكين، والذي يهدف إلى تجسيد حق الاستماع لهؤلاء المستهلكين، وضمان استعادة حقوقهم التي تم الإخلال بها من قبل الأطراف الأخرى في التبادل، مما سبب لهم نقص في الإشباع. لذلك يدعو الإتحاد الدولي للمستهلك صانعي القرار الدوليين لإتخاذ إجراءات عاجلة ومغرية لتحسين وصول المستهلكين إلى الأسواق المالية العادلة والمستقرة والمتنافسة، مؤكدا أهمية تمويل المشروعات الصغيرة في حماية المستهلك . ويعانى غالبية عملاء تمويل المشروعات الصغيرة في سلوكهم كمستهلكين لخدمات تمويل المشروعات الصغيرة ويلات الفقر وهم الأحق بالمساعدة، لكن أسعار الفوائد التي تقرضها بهم مؤسسات تمويل المشروعات ذات معدلات مرتفعه جدا. هذه المؤسسات التي انشأت أساسا لمساعدة الفقراء تتقاضى معدلات فوائد عالية، خاصة فيما يتعلق بصيغة المرابحة، مما جعل صناعة تمويل المشروعات الصغيرة بمعظم البلاد العربية صناعة جاذبة للمستثمرين للحصول علي ربح مادي عالي وفاحش، دون النظر للأبعاد الإجتماعية، منحرفة بذلك عن تحقيق رسالة صناعة تمويل المشروعات الصغيرة ، بإهدارها لحقوق المستهلك الأساسية في هذا المجال. ويعنى التمويل الفعال تقديم قروض صغيرة للفقراء الذين لا يستطيعون الحصول على قرض من البنوك أو من مؤسسات الإقراض التجارية نظرا لافتقارهم إلى الضمانات أوانعدام الخلفية الائتمانية، بحيث تستخدم إما لبدء أعمالهم الخاصة أو توسعتها. وذلك بأعتبار أن تمويل المشروعات الصغيرة مفهوم واسع يشتمل على خدمات مالية مثل الإقراض والادخار والتأمين والإئتمان والتحويلات، وليس مجرد أموال تمنح لفئات محددة لمشروعات بعينها لينتهي العمل بها بمجرد نهاية المشروع أو سداد التمويل كشأن التمويلات المصرفية التجارية العادية. ففعالية التمويل يتطلب أن تقوم المصارف ومؤسسات التمويل بتقديم خدمات مالية إدخارية لعملاء تمويل المشروعات الصغيرة في شكل ودائع طوعية قابلة للدفع عند الطلب، بالإضافة إلى الودائع الإجبارية التي يلتزم العميل بإيداعها كشرط للحصول على تمويل أو كضمان للتمويل، غير أن هذه المنتجات لازالت تقليدية في معظم الدول العربية بسبب العوائق الفقهية المعمول بها. أن صيغ التمويل المتبعة حاليا في غالبية الدول العربية غير فعالة، وتؤدي إلى هروب صغار المدخرين والمنتجين والحرفيين، وذلك لعدم حصولهم على عائد نظير أموالهم التي يودعونها في حسابات الادخار بالبنوك على الرغم من أن البنوك تتحصل على أرباح نتيجة تشغيل تلك الأموال. بالإضافة إلى قصر صيغ تمويل المشروعات الصغيرة ومحدوديتها في تمويلات لا تلبي كافة إحتياجات الشرائح الضعيفة والفقيرة المستهدفة، فبالرغم التطور الكبير الذي حدث في مجال تمويل المشروعات ، إلا أن تطوير المنتجات نفسه كان ضعيفا وليس بالقدر المطلوب. فهناك إحتياجات أساسية لشرائح الفقراء لا تستطيع صيغ التمويل الحالية أن تغطيها، فهي لا يستطيع تلبية طلبات التمويل بغرض الأنتاج وخاصة الأنتاج الزراعي والحرفي، إضافة إلي خدمات التعليم أو العلاج أو التدريب، وذلك لأن صيغ المرابحات والمشاركات لا تمكن من الدفع نقدا لمسائل فقهية معروفة مما يشكل عائقا كبيرا أمام أنواع القروض المطلوبة. وعليه هناك ضرورة وأهمية قصوي لتفعيل تمويل المشروعات الصغيرة لتطوير المنتجات بما يؤمن إحتياجات الفئات المحتاجة أصلا لتمويل المشروعات الصغيرة، وطلبها لبعض التمويلات التي تحتاج إلى النقد، وهي إحتياجات فعلية وضرورية لذوي الدخل المحدود (شراء مستلزمات انتاج، دفع رسوم، مرتبات، إيجارات.. الخ. ولابد في مجال تمويل المشروعات الصغيرة من تأكيد حق المستهلكين وخصوصا الفقراء منهم في الاستفادة من الخدمات المالية، لأن نفاذ المستهلكين إلى الخدمات المالية يحقق إدماج الشريحة الواسعة من المستهلكين من محدودي الدخل والفقراء في الدورة الاقتصادية من خلال إيجاد فرص عادلة لهم للافادة من تلك الخدمات وفي مقدمتها تمويل المشروعات الصغيرة. أيضا اضطلاع المصارف بدورها في إطار رؤية أكثر شمولا تتسم بالالتزام الأخلاقي تجاه المستهلكين وخصوصا الفقراء منهم، وانتشالهم من الفقر والحاجة، ومساعدتهم على تحقيق الكفاية من الاحتياجات الأساسية، وذلك بجعلهم شركاء في النشاط الاقتصادي ومحركا مهما لعجلة الاقتصاد والتأكيد على حق الفقراء المستهلكين والأشد فقرا من النفاذ للخدمات المالية العادلة والقليلة الكلفة. ومن الضروري أن يتم كل ذلك في إطار سوق مالية شاملة تعنى بهم وتصاغ قواعدها على أساس من الاهتمام بأولوياتهم، بإيجاد تشريعات مالية فعالة تكفل للمستهلكين حق الحصول على القروض الميسرة، من خلال تدابير سهلة تتمثل في فتح الحسابات المصرفية والوصول إليها وتوظيفها بكلف ميسرة.كذلك الإفادة من برامج تمويل المشروعات الصغيرة وفق قواعد معاملة عادلة، وتحسين بيئة تقديم هذه الخدمة على المستويين