كل الشواهد تشير إلى أن جماعة الإخوان التى صدعت رءوسنا بالحديث عن شرعية الصندوق، هى فى الواقع أول من يخشى أن يحتكم المصريون إلى الصندوق مرة أخرى بعد أن جربوا حكم الإخوان وعرفوا حقيقتهم!! ولهذا السبب فإنها تحاول بشتى السبل والوسائل أن تعرقل السير فى خارطة الطريق التى سوف تفضى إلى الاحتكام إلى الصندوق حتما، وعندما نحتكم جميعا إليه فسوف تفتضح الجماعة فضيحة كبرى عندما يتبين للعالم أجمع أنها لم تعد تحظى بتأييد أكثر من عشرة فى المائة من أبناء الشعب «وربما أقل من ذلك بكثير»، وهذه النتيجة المتوقعة التى لا شك أن الجماعة تعلمها علم اليقين هى ما يجعلها تنتهج أساليب معينة للعمل تبدو ظاهريا كأنها ممارسة مشروعة لحقوق مشروعة كحق التظاهر والاعتصام السلمى احتجاجا على عزل الرئيس «المنتخب» قبل أن تنتهى مدة ولايته!، لكنها تنطوى فى الحقيقة على ممارسات أخرى أبعد ما تكون عن السلمية مثل قطع الطرق والتحرش بالمنشآت العامة العسكرية وغير العسكرية، والأخطر من ذلك هو التحريض المعلن للجماعات التكفيرية فى سيناء للاعتداء على أفراد الشرطة والقوات المسلحة والمواطنين على حد سواء، وباختصار فإن أعضاء جماعة الإخوان ينتهجون كل السبل التى تقودهم إليها قياداتهم المخلوعة فيما عدا سبيل واحد هو القبول والاحتكام مرة أخرى إلى الصندوق لكى يقول لنا بشكل موثق: إلى جانب من يقف الشعب المصرى فى اللحظة الراهنة؟!.. وهم بذلك يحاولون استدراج الشعب المصرى بأكمله إلى أن يوجه إليهم من خلال قواته المسلحة ومن خلال أجهزته الأمنية ضربات قوية ساحقة وأن يخرجهم تماما من المعادلة السياسية، فيعودون بذلك إلى ممارسة الدور الذى تدربوا على أدائه ثمانين عاما واكتسبوا فيه خبرة طويلة وممتدة، وأعنى به دور الجماعة التى تضع نفسها عمدا فى موقع الضحية التى تواجه سلطة متفوقة عليها بكثير وهو ما قد يعيد إليها بمضى الزمن شيئا من تعاطف قطاعات معينة من الشعب المصرى دأبت بحكم تكوينها النفسى على أن تتعاطف مع الطرف الأضعف حتى لو كان ظالما وخارجا عن سياق العصر مثل جماعة الإخوان!، خاصة إذا كان هذا الطرف يلتف برداء الإسلام الذى كان دائما وسوف يظل ذا مكانة خاصة فى قلوب أغلب المصريين.. إن قيادات تلك الجماعة المعزولة شعبيا والمطلوبة قانونيا، هذه القيادات فيما يبدو لم يعد لديها ما تخسره ولم يعد لديها من الخيارات سوى هذا الخيار الذى أشرت إليه منذ قليل والذى لا أظن أنه غائب عن حسبان القيادة السياسية والعسكرية وهى تعتزم فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة وأعنى به أننا إزاء جماعة تحاول بشتى الوسائل أن تستدرج القوى الأمنية إلى أن تسيل أكبر قدر من الدماء لكى تتاجر الجماعة الدموية بها وتجنى من ورائها أكبر قدر من الربح ولو على المدى الطويل، إننى أتمنى وأعتقد أن الأجهزة الأمنية سوف تعمل قدر الإمكان على تفويت هذه الفرصة على الجماعة وأنصارها ، وأنها لن تستدرج إلى إراقة الدماء إلا فى حالة الضرورة القصوى التى توجبها حالة الدفاع عن النفس أو المنشآت العامة،.. إننى لا أعلم بطبيعة الحال ما هى الاستراتيجية التى سوف تستخدمها الأجهزة الأمنية لفض الاعتصامين، ولست خبيرا أمنيا لكى أشير بما يتوجب عليها فى هذا الخصوص أن تفعله، لكننى أتساءل بحكم ما أتيح لى أن أدرسه فى مرحلة معينة من مراحل دراستى، أتساءل: لماذا دأبت الأجهزة الأمنية حتى الآن على الاكتفاء باستخدام الغازات المسيلة للدموع «الكلورو أسيتوفينون»، ولماذا لا تستخدم الأنواع الأخرى المصرح دوليا باستخدامها فى فض الاعتصامات وفى مقدمتها الغازات المقيئة، وبوجه خاص غاز الآدامسايت الذى يمكن استخدامه عن طريق الرش بالطائرات والذى سوف يسبب حالة من العطاس المتكرر المعقوب بالقىء المستمر مما سيجبر المعتصمين على مغادرة مكان الاعتصام دون إراقة قطرة واحدة من الدماء، وهذا هو المطلوب.