روبيو يكشف ملامح السياسة الخارجية المقبلة لواشنطن: ما وقع في غزة كان من أكبر التحديات .. لا يمكن لحماس أن تبقى في موقع يهدد إسرائيل..الحرب الروسية الأوكرانية ليست حربنا    وزير الخارجية الأمريكي: لن نفرض على أوكرانيا اتفاقا بشأن إنهاء الحرب    علي ناصر محمد: الاتحاد السوفيتي تدخل في الشأن اليمني الجنوبي واستهدف سياساتي الإقليمية    كأس عاصمة مصر – بتروجت يتصدر بانتصار على الإسماعيلي.. وفاركو يعود ب 3 نقاط من المحلة    غدا، محاكمة 11 متهما بخلية داعش الهرم    مصر تستعيد عرش التلاوة.. كيف نجح «دولة التلاوة» في صناعة جيل قرآني "عابر للقارات"؟    ندوة نقدية بمهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير حول تجارب الأفلام المشاركة    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    الأطباء: حادث استشهاد طبيب قنا يفرض تساؤلات مُلحة حول تأمين القوافل الطبية.. الإجراءات الشكلية لا تكفي    رئيس الطائفة الإنجيلية ومحافظ أسيوط يبحثان تعزيز التعاون    لافروف: المحادثات الأمريكية الروسية لا تحتاج إلى مساعدة أوروبا    انخفاض درجات الحرارة وشبورة كثيفة على الطرق.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد ختام مشروع منحة FEXTE الفرنسية لتعزيز منظومة التأمين الصحي الشامل    مدبولي: برنامج مصر مع صندوق النقد وطني بالكامل وصيغ بإرادة الدولة    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية تفتتحان حديقة مدينة ناصر العامة في سوهاج    الداخلية تضبط 3 سيدات بالإسكندرية للإعلان عن أعمال منافية للآداب    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    تركيا ترحب برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بموجب قانون قيصر    اليوم.. ريم بسيوني تكشف أسرار تحويل التاريخ إلى أدب في جيزويت الإسكندرية    مصر تستضيف وفدا رفيع المستوى من منظمات الطيران المدني الدولية.. وإطار تعاون لتعزيز الشراكات وبناء القدرات    جوارديولا يحسم الجدل حول مستقبله مع مانشستر سيتي    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    حقيقة انتشار الأوبئة في المدارس؟.. مستشار الرئيس يُجيب    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    شاب من مركز "قوص بقنا" يُعلن اعتناقه الإسلام: "قراري نابع من قناعة تامة وأشعر براحة لم أعرفها من قبل"    محافظ المنيا يعلن افتتاح 4 مساجد في 4 مراكز ضمن خطة وزارة الأوقاف لتطوير بيوت الله    لافروف مشيدا بمصر: زيادة التبادل التجاري وتعاون استراتيجي في قناة السويس    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    تحذيرات أمريكية من شبكة تطرف على الإنترنت تستغل المراهقين    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية لنادي الجزيرة    لقاء أدبي بفرع ثقافة الإسماعيلية حول أسس كتابة القصة القصيرة    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    "المفوضية الأوروبية" تقرر خفض فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلًا من 20%    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    زراعة سوهاج: حملة إزالة فورية للمخلفات الزراعية بقرية الطليحات لمركز جهينة    تعرف على مسرحيات مبادرة "100 ليلة عرض" في الإسكندرية    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    موعد مباريات المجموعة الأولى بأمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    مصرع عامل وإصابة شاب فى حادثين بالجيزة    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ قنا يشهدون احتفالية بقصر الثقافة    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة تكشف لماذا عاد طفل رابعة إلى بيع "فوانيس رمضان"
نشر في الفجر يوم 29 - 07 - 2013

الطريق إلى اعتصام «الإخوان المسلمين» أمام مسجد رابعة العدوية في القاهرة تغيرت معالمه كثيراً. مازالت آثار الكتابات المعادية لوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي و «أعداء الإسلام» و «كارهي الشريعة» تلطخ جدران المنشآت في طريق النصر رغم جهود الأهالي لمحوها بالطلاء.

ومازال الباعة الجوالون يفرشون بضاعتهم على الأرصفة مكتفين بالشباشب البلاستيكية والملابس الصينية لكن من دون أعلام مصرية أو شارات ثورية. وما زال سكان عمارات يروحون ويجيئون ولكن بعد التأكد من إغلاق البوابات جيداً وإيجاد أماكن لسياراتهم في الشوارع الجانبية.

في ظروف غير تلك التي تكون فيها مصيبة قد ألمت بجموع من المصريين من غرق عبارة تقل عمالاً بسطاء، أو تفحم قطار ينقل مواطنين ومواطنات، أو انهيار عمارة على رؤوس سكانها من الأبرياء، أو قتل مشجعين شباب في ملعب لكرة القدم، كان في الإمكان رؤية الوجوم على الوجوه واستشعار الأسى في الكلمات. لكن هذه المرة لم يكن هناك وجوم ولم يلحظ الأسى في شكل واضح. لكن هناك الكثير من الغضب والقلق والترقب وأحياناً التربص.

أحداث «طريق النصر» فتحت صفحة جديدة في الشخصية المصرية، فعلى رغم حرمة الدماء التي يشعر بها كل مصري والتعاطف الفطري بين أبناء الشعب بغض النظر عن الانتماءات والهويات والأيديولوجيات، فإن المواجهة بين «رابعة» وبقية مصر كشفت وجهاً جديداً قبيحاً سلب المصريين قدراً من تعاطفهم وكثيراً من شعارهم التاريخي في الأزمات والخلافات «صلوا على النبي! حصل خير».

الخير الذي لم يحمله «الإخوان» لمصر و «مشروع النهضة» الذي رسموه طائراً أسطورياً فلم يبرح مكانه على الأرض وبرنامج المئة يوم الذي تبخر في هواء الكذب والتدليس و «الناس بتوع ربنا» الذين صعدوا إلى سدة الحكم فأحدثوا سدة في شؤون البلاد والعباد تجلى جميعها واضحاً في الطريق إلى «رابعة».

بائع الملابس على الطريق أكد أنه جاهز تماماً لمواجهة أية مسيرة من «بتوع رابعة» لكنه يفضل الاختباء في مدخل العمارة المواجهة منعاً للاحتكاك. الصبي الذي كان يبيع الأعلام لرواد «رابعة» عاد إلى بيع فوانيس رمضان الصغيرة خوفاً من أن يحسب على فصيل دون آخر. السكان الذين كانوا يشعرون بالأمان لمتاخمة بيوتهم لقسم شرطة مدينة نصر وعدد من المنشآت العسكرية باتوا يستعيذون بالله من الشيطان ويقرأون المعوذتين أو يتضرعون إلى السيدة العذراء لتقيهم شرور الآنام.
صحيح أن عبارات «ربنا يرحم من ماتوا» و «حرام هذه الدماء التي سالت» و «ربنا يصبر أهاليهم» تتردد على مدار الساعة في الشارع إيماء إلى قتلى أحداث «طريق النصر»، لكنها تأتي هذه المرة مذيلة بالدعاء لهداية زملائهم المتبقين في «رابعة» والدعاء على من دفع بهم ليموتوا قرباناً للجماعة. واختفت صفة «شهداء» التي ظلت لصيقة بكل من ماتوا في أحداث الثورة والفترة الانتقالية والمرحلة الانتقامية وعام من حكم مرسي.

وعلى رغم تقدم ساحات التواصل العنكبوتي خطوتين على طريق المصارحة بضرورة تخليص البلاد من شرور الجماعة مهمها بلغت الخسائر والمجاهرة بأنه «لا مجال للتعاطف مع الخيانة» أو السكوت على مخطط الجماعة لحرق البلاد وأنه غير المسموح الحديث عن حقوق الإنسان في ظل جماعة تلتحف بالدين وتغسل الأدمغة وتدفع بكوادرها الشابة ليقتلوا عموم المصريين في سبيل رفعة الجماعة وحماية مشروعها من الزوال، إلا أن نبض الشارع أقل حدة أو ربما يكون أكثر كياسة في التعبير عن الفظاظة الناجمة عن أفعال الجماعة.

أفعال الجماعة ومن معها ونجاحها في كشف الغطاء عن حقيقة تنظيمها السري خلال ثمانية عقود مضت، وإنجازها الأعظم في إسقاط ورقة التوت عن منظومة السياسة الملتحفة بالدين انعكست على عموم المصريين بردود فعل تؤكد ذكاء سياسياً فطرياً لا جدال فيه ممزوجاً بلجوء سريع إلى الإجراء الوحيد المتاح للبقاء على قيد الحياة، وإن كان على غرار «داوها بالتي كانت هي الداء».

فبعد عام كامل من هتافات مدوية بلغت درجة تحولها إلى رنة هاتف محمول «يسقط يسقط حكم العسكر»، وفي أعقاب شعار رنان ردده الجميع فرحاً وطرباً «أول رئيس مدني منتخب» مع التأكيد على صفة «المدنية» في مقابل «العسكرية»، كرت الجموع وفرت من حكم الجماعة وحلفائها، وطبعت صور السيسي على حسابها ونزلت إلى الشوارع تحملها وتحتضنها وتقبلها بعد ما استشعر صاحبها أن «الشعب لم يجد من يرفق به أو يحنو عليه». وبعدما اكتشفوا أن «أول رئس مدني منتخب» لا يعني بالضرورة «غير عسكري» فقط بل قد يؤدي إلى حكم ثيوقراطي يأتمر بأوامر المرشد الأعلى، اصطفوا على الجهة المقابلة ل «الناس بتوع ربنا».

وفي الطريق إلى «رابعة» حيث الكثير من الترقب والقليل من التربص، تتجلى روح الراحل عمر سليمان ولكن بأشكال مختلفة. فصاحب العبارة الشهيرة التي قلبت محبي الثورة والذين آمنوا بها عليه من أن «المصريين غير جاهزين للديموقراطية بعد» يتجسد في حوارات شارعية حول موقف قطاع عريض من المصريين البسطاء ممن يسلمون أصواتهم الانتخابية لمن يمن عليهم بالشاي والزيت والسكر، ويقودون البلاد إلى هوة من يمدهم بعلاج شاف أو جهاز عروس أو زكاة شهرية في مقابل دعم مرشحهم والدفاع عن شرعيتهم.

شرعية الجماعة التي دخلت في مواجهة مفتوحة مع شرعية المصريين تضع حلم الديموقراطية المستقبلية على المحك، وترفع صور الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في الميادين والأذهان. ليس هذا فقط، بل إنها جعلت من الرئيس الأميركي باراك أوباما شيخاً ملتحياً ومن نظيره الروسي فلاديمير بوتين صديقاً وفياً. يحدث هذا في «الطريق إلى رابعة» خارج متاريس الاعتصام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.