عند صدور هذا العدد من الجريدة قد يكون محمد مرسى قد أصبح بالفعل فى طى النسيان كرئيس مخلوع لمصر، وقد يكون لم يستوعب بعد أن وجوده اليوم أصبح غير شرعى وربما يكون أيضا مازال يلاطم الأمواج ويتعلق بالقش الطائف فوق المياه الراكدة عله يستطيع إنقاذه من الغرق.. وفى كلتا الحالتين، قُضى الأمر بعد عام واحد من حكم الإخوان إلى نتيجة حتمية أكيدة وهى أن الكلمة اليوم أصبحت كلمة الشارع، والمصرى أصبح سيد موقفه وصاحب قراره.. فحُكم الإخوان المتأسلمين ووجودهم فى مصر اليوم قد أصبح فى طى النسيان.. وسيكتب التاريخ عنهم بعد عشرين عاما أخرى ما سبق وكتب من قبل، يوم تحالفوا مع السراى والملك ضد سعد زغلول وخانوه، ويوم خيانتهم لعبدالناصر وثورته ووقوفهم ضد مصالح الشعب ومن ثم قمعهم فى سجونه طويلا، ويوم استعان بهم السادات لمواجهة التيار اليسارى ثم اغتالوه وسجنوا من جديد، ويوم خرجت الجموع الغاضبة تُشعل النيران فى مقار جماعتهم الفاشية.
سيكتب التاريخ بنفس الحروف، ونفس الكلمات واصفا نفس المواقف.. وهذه المرة تأتى مراكبهم مُحملة بأوزار أثقل لأنهم كانوا فى موقع القيادة.. سوف يحاسبهم التاريخ وبقسوة على كل جرم وإساءة وخيانة قام بها نظامهم الحاكم.. وكم هو عسير حساب التاريخ..
محمد مرسى اليوم هو الريس حنفى شيخ الصيادين الذى صمم على تدشين السفينة نورماندى متصورا أن نورماندى "تو" هى الحل.. والحقيقة التى لم يدركها أن الثقوب بالسفينة أصبحت أكثر بكثير من أن تسمح لها إلا بالغرق (والريس حنفى لسه واقف على الشط متحزم وبيرقص)!.
إن غرق سفينة الإخوان يتكرر تقريبا كل 30 سنة والغريب حقا أن عقليتهم المحدودة وعنفهم الزائد وتعطشهم الدموى للحكم، جعل على عقولهم صدأ لا يسمح لهم بالتفكير لأنهم لا يرون سوى أنفسهم (وأوعى يغرك جسمك يا أستاذ لمبى)!
عام من الأخطاء والتهديد وسوء الإدارة انتهى بخطاب مُضحك مُخزى تخلى فيه الرئيس عن مبادئ الحاكم التقى الورع، فهاجم واغتاب وقذف وسب الجميع.. فبدا الخطاب الكارثى على عكس ما ظنت الجماعة خطاب ضعف وتردد وارتباك..
بدا وكأنه الخطاب الأخير للرئيس.. وقد كان.
فالرجل الذى لم يتحرك بنا للأمام خطوة واحدة حشد جماعته لتخرج وتهلل وتهنئ على انقضاء عام من فترة ولايته غير متصور أن عامه الأول هو عامه الأخير.
فالبلتاجى والعريان والكتاتنى وعبدالماجد والعمدة والقرضاوى وغيرهم تابعون وليسوا قادة، هم فى النهاية ينتمون لعصابة القناع الأسود الشهيرة بالإخوان المتأسلمين، وهم ليسوا فى موقع دفاع عن الرئيس وشرعيته كما يزعمون ولكنهم فى الحقيقة يدافعون عن وجودهم كأشخاص على أرض مصر، فهؤلاء أتوا من السجون وحين ظهروا بقوة على الساحة السياسية أصبحوا فى حلم لا يتمنون الصحو منه أبدا، وسقوط مرسى هو الصحو بعينه..
فظهور دولة الجلابيب والدقون والمنتقبات هو السبب الوحيد لتمسكهم بحكم مرسى، فهم يدركون تماما أنه رجل يعيش فى عالم افتراضى، عالم ظاهره فودة وعاشور والأصابع المندسة والقرداتى، وباطنه مرشد يُملى عليه تحركاته وخيرت الشاطر يسوقه.. فإنجازات الرئيس التى تتحدث عنها جماعته هى ظهورهم ووجودهم وتبجحهم فى الشارع أما إنجازه الوحيد الذى يجب أن نشكره نحن عليه، فهو ببساطة استطاعته توحيد كلمة الشارع المصرى بكل طوائفه ونزولهم لمُطالبته بالرحيل..
أعطى بيان الجيش المصرى الأول دفعة هائلة للثوار للبقاء والاستمرار فكان بمثابة يد قوية امتدت لتبقى فى ظهر الشعب المصرى حتى لا يتراجع ولا يعود للوراء..
ثم يخرج بيان رئاسة الجمهورية المُهلهلة للرد فى الواحدة والنصف ليلا (بعد استشارة المُرشد وأعوانه طبعا) حاله كحال باقى بيانات جماعة الظلام التى لا تقوى على العمل إلا والناس نيام ومن خلف ظهورهم، خرج البيان ليؤكد استنكاره لبيان الجيش ويؤكد على أنه خرج دون علم الرئيس (طب وهو إيه ياريس خرج من الرياسة قبل كده بعلمك، يا سيدى تنزل المرة دى كمان)!.
يا د.مرسى إنك تستنكر وقوف الجيش خلف شعبه، إذن فأنت تطالب بجيش بشار، الذى وقفت تهلل وتصرخ وتدينه.. إنك تطالب الجيش بالانصياع لتهديدات جماعتك الدموية وإرهابيى حماس ممن تحتمى بهم.. أين أنت من مساندة سوريا التى تطالب بحريتها وخلاصها من قبضة نظام فاشى قاتل؟.. أم أن هذا لأنكم تعودتم أن تلتحفون بمبادئ لا تؤمنون بها، فأنت يا أستاذى اليوم فى نفس الحذاء، رئيس سقط بإرادة الشعب ومازال مُصرا على قمعهم باستخدام عبارات غوغائية مثل الصناديق والشرعية (يا راجل ده الشعب كره أى حاجة ليها علاقة بالشرعية، حتى الرز أبوشرعية)!.
يا د.مرسى أنت رئيس أسقطه خروج ملايين تهتف برحيله ولو تمسكت أكثر بمكان اغتصبته، سوف يخرجون قريبا مُطالبين بمحاكمتك واعتقالك، فلتتنحى بكرامتك..
يا د.مرسى سقط وزراؤك ومستشاروك ومحافظوك ونائبك العام، عزلتهم ثورة الشعب الغاضب.. سقط حائط المبكى الذى كنت تحتمى به وتستجدى عنده دموع مُريديك.. سقط بنيانكم الهش قبل أن تنتهون من تشييده.. سقطت كلماتك المشوهة ومحاولاتك الواهية لصبغ الحقيقة بألوان الزيف.. سقط مشروع نكبتك أو نهضتك فكلاهما واحد.. سقطت جماعة الإخوان للمرة الأخيرة يا سيدى لأن طلتها مرة أخرى من بين صفحات التاريخ سوف يصبح كابوسا لن تسمح به الأجيال القادمة أبدا لأن الدرس هذه المرة كان ثقيلا..
إن كل من دفعتهم بالأمس ليتمكنوا من مفاصل دولة الإخوان الزائفة يقفزون اليوم من السفينة لاستشعارهم بالخطر، وأقول لهم: لا يوجد لكم مكان بيننا من جديد..
إن محاولة جماعة الإخوان إرهاب الشعب مُحاولة فاشلة، فالشعب قال كلمته، وأنا أطالب الفريق السيسى بمحاسبة ومحاكمة كل من يحاول المساس بأمن مصر القومى، فهاهو جيش مصر الذى وصفه صفوت حجازى بجيش النكسة يضعكم فى قبضته، مؤكدا لكم أن النكسة لم تكن 67 ولكنها كانت 30-6.
لقد آن الآوان لأن يتنفس الشعب المصرى اليوم هواء غير مُسمم بأفكاركم السوداء..
لقد آن الأوان لشمس الحرية أن تشرق من جديد على وطن ضرب بمعاول الثورة فى أرض بور فأنبتت شبابا قادر على إحتضان الوطن.
لقد آن الآوان لعواجيز الفرح أن يرحلوا، وآن الآوان أن نحمل على الأعناق شباب حملة تمرُد الذين استطاعوا جمع الشعب المصرى كله بإرادة شعبية حقيقية غير سياسية، وأقول لهم: لا تتركوا الميدان، فهذه المرة هو ميدانكم وهى ثورتكم، لا تتركونها لمن يريدون القفز عليها من جديد..
لقد آن آوان أن تطويكم صفحات التاريخ للأبد.. فوداعا دولة الإخوان المتأسلمين..
ورسالة أخيرة للرئيس المخلوع د.مُرسى، أرجو ألا تسئ فهم عنوان مقالى هذا، فالمركب اللى تودى.. قد تصل بالسلامة، لكن لأى مكان تانى غير أرض مصر..
وتحيا مصر حُرة عزيزة أبية بشعبها وجيشها وشُرطتها يدا واحدة.