قتل 70 شخصا على الأقل وأصيب العشرات في سلسلة هجمات مسلحة وبسيارات مفخخة في مناطق مختلفة من العراق شهدت العاصمة العراقية بغداد أسوأ هذه الهجمات مع وقوع تسعة انفجارات على الأقل في أسواق ومواقف لسيارات النقل العام في عدد من الأحياء ذات الغالبية الشيعية في المدينة. وسبق هذه الانفجارات انفجار سيارتين مفخختين في مدينة البصرة بجنوب العراق في منطقتي ساحة سعد وسط المدينة وفي الحيانية، كما وقع انفجار آخر في مدينة سامراء أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص.
وفي وقت لاحق، إنفجرت سيارة مفخخة في مدينة الحلة مركز محافظة بابل مما أسفر عن مقتل 9 اشخاص واصابة 26 بجروح.
وفي بلد إلى الشمال من بغداد، انفجرت عبوة قرب حافلة كانت تقل زوارا ايرانيين فقتلت 13 منهم وعراقيا واحدا.
وتأتي هذه الهجمات وسط زيادة عمليات العنف المرتبطة بتصاعد التوتر السياسي والطائفي في العراق في الأشهر الأخيرة.
وتقول مصادر وزارة الداخلية العراقية إن نحو 200 شخص أصيبوا في هجمات الاثنين، العدد الأكبر منهم في بغداد.
عنف طائفي
ووقع معظم التفجيرات في مناطق ذات غالبية شيعية في بغداد والبصرة، إذ استهدفت تفجيرات بغداد أحياء الكاظمية والشعلة وحي الإعلام والكمالية والزعفرانية وجسر ديالى والشرطة الرابعة وسبع البور.
ووقع أحد اكثر الهجمات دموية في حي الشعب شمالي شرق العاصمة العراقية، عندما انفجرت سيارة مفخخة قرب سوق مزدحمة ما أسفر عن مقتل 12 شخصا وجرح أكثر من 20 آخرين.
وأودى انفجار سيارتين مفخختين في مدينة البصرة بحياة 14 شخصا على الأقل كانوا أمام مطعم وموقف لسيارات النقل العام.
ونقلت وكالة رويترز عن محمد علي أحد سكان مدينة البصرة كان قرب موقع الانفجارين قوله ” كنا نجلس في انتظار العمل، وكالعادة كنا نتجمع قرب كشك لبيع الاطعمة، وكان المكان مزدحما جدا”.
وأضاف ” عبرت الشارع الى الرصيف المقابل عندما عم على كل شيء ظلام وغطى الغبار المنطقة، وتساقط علي الحطام المعدني وأصبت بجراح في رجلي”.
وقتل ثلاثة اشخاص وجرح 15 شخصا في انفجار سيارة مفخخة في سامراء الواقعة على بعد نحو 113 كلم إلى الشمال من بغداد.
وأفادت تقارير أن الهجوم الذي تم بسيارة مفخخة يقودها انتحاري استهدف تجمعا لعناصر في قوات الصحوة المساندة للحكومة قرب ثكنة عسكرية.
وفي حادث منفصل هاجم مسلحون دورية للشرطة الإتحادية فجر الاثنين في منطقة آلوس بمحافظة الأنبار (150 كم غرب مدينة الرمادي) وقتلوا جميع أفرادها البالغ عددهم سبعة من بينهم ضابط برتبة مقدم.
وفي الأنبار أيصا، عثرت السلطات على 13 جثة في منطقة صحراوية نائية، بينها جثث 8 من رجال الشرطة كانوا قد اختطفوا يوم الجمعة الماضي.
ولم تعلن بعد أي جماعة مسؤوليتها عن الهجمات، بيد أنها جاءت وسط توتر سياسي وطائفي في العراق بين الحكومة التي تقودها أغلبية شيعية ومحتجين في المحافظات ذات الغالبية السنية، تصاعد منذ العام الماضي.
إذ شهدت هذه المحافظات اعتصامات ومظاهرات احتجاج، إتهم المحتجون فيها حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتهميشهم والتمييز ضدهم، الأمر الذي تنفيه باستمرار الحكومة العراقية.
أثر الأحداث في سوريا
وقد تصاعدت عمليات العنف بعد مقتل أكثر من 50 شخصا في اشتباكات بين القوات الأمنية العراقية ومعتصمين معارضين للحكومة من العرب السنة في أبريل/نيسان الماضي، أثناء اقتحام القوات الحكومية ساحة الاعتصام في منطقة الحويجة في محافظة كركوك لاعتقال من تقول إنهم مسلحون قتلوا جنودا عراقيين ولجأوا الى ساحة الاعتصام.
ويقول عليم مقبول مراسل بي بي سي في بغداد إن العراقيين لم يشهدوا عنفا بمثل هذا المستوى الذي شهدته الأسابيع القليلة الماضية منذ نحو خمس سنوات.
ويضيف أن ما يسهم في ذلك بالتأكيد خط تصدع بين الشيعة والسنة في العراق يمتد من مركز زلزالي موقعه ما يجري في سوريا.
ويشير مراسلنا إلى أن العراقيين لا يرون أن سياسييهم يفعلون ما هو كاف لتوحيد طرفي الانقسام الطائفي ولا يرون أن المجتمع الدولي يتعامل بالصورة الملحة المطلوبة لمنع وقوع المزيد من الفوضى.
وقد قتل 60 شخصا على الأقل في ثلاثة تفجيرات في مناطق ذات غالبية سنية في بغداد وحواليها الجمعة، سبقها عدد آخر من التفجيرات التي استهدفت مناطق ذات غالبية شيعية في أنحاء مختلفة من العراق.
وكان مسلحون قتلوا أكثر من عشرة رجال شرطة في سلسلة من الهجمات على نقاط تفتيش ومراكز للشرطة ومواقع للجيش في محافظة الأنبار غربي العراق يوم الأحد، وتتهم السلطات العراقية مسلحين سنة بالمسؤولية عنها.
وتحظى البصرة والمحافظات الجنوبية العراقية بآمان نسبي بالقياس إلى حجم الهجمات المسلحة في وسط العراق وشماله، بيد أنها لم تكن في منأى من عمليات العنف التي تصاعدت في الأشهر الأخيرة.
وفي حوادث العنف الأخيرة في البصرة، قتل 10 أشخاص في انفجار سيارة مفخخة في المدينة في مارس/آذار الماضي، كما اغتال مسلحون رجل دين سنيا فيها السبت الماضي.
ويثير تصاعد حوادث العنف في العراق في الفترة الأخيرة المخاوف من عودة البلاد إلى مرحلة العنف الطائفي التي وصلت إلى أسوأ مراحلها في عامي 2006 و2007.
إدانة
من جانبها، أدانت الولاياتالمتحدة الهجمات التي شهدها العراق أخيرا، ودعت الأطراف العراقية إلى توخي الهدوء.
وقال جاي كارني الناطق باسم البيت الأبيض إن المسؤولين الأمريكيين أجروا اتصالات بعدد كبير من القادة العراقيين في اليومين الماضيين “لحثهم على توخي الهدوء والمساعدة في حل الخلافات السياسية والطائفية.”
وقال الناطق الأمريكي “ندين بشدة الهجمات التي وقعت في العراق في الأيام الماضية، ونشعر بقلق عميق إزاء وتيرة الهجمات الأخيرة وطبيعتها.”