أرقام رسمية وغير رسمية، تصدر كل يوم عن العشوائيات في مصر، دراسات وأبحاث تخرج من مراكز ومعاهد، آراء ووجهات نظر يطلقها المتخصصون والمحللون، وعود وكلام معسول نسمعه من المسئولين، شفقة وهلوسات شفاه نسمعها في برامج التوك شو، ولكن لا فائدة من كل هذا لأن الجميع يتعامل مع مجرد أرقام، ينظر إليها من بعيد، وليس مع بشر وأرواح لا تفهم النظريات، ولا الأرقام . الرحلة مازالت مستمرة، ومشاكل العشوائيات لا تنقطع.. فهى مشكلة مصر وأزمتها الحالية والقادمة، والملف الصعب الذى لم يتم حله حتى الآن، ومنها الكثير من المناطق الأثرية التى أصبحت فى نطاق العشوائيات بمنطقة المرج وعزبة النخل وعين شمس والمطرية وغيرها من المناطق .
ويبدأ السيناريو كالآتى, حيث يتم اكتشاف بعض المناطق ويتم الاستيلاء عليها ثم تتحول إلى وكر من أوكار المخدرات، وإهمال موجود فى أغلب المناطق الأثرية .
فالرحلة مازالت مستمرة، ومشاكل العشوائيات لا تنقطع، فألأميرة "نعمت" هى أخت الملك فؤاد، وعمة الملك فاروق، الذي شيد لها قصرا بمدينة المرج على مساحة 16 فدانا، هذا القصر كان يتسم بالفخامة، والذوق الرفيع، والمتجمل بأروع النقوش والزخارف الفنية، التي كانت تزين جدرانه، وأيضا كان يحتوى على أثمن التحف، التي كانت تملأ أركانه، والحدائق الجميلة التي لازالت بقاياها تتحدث عن جمالها، كل هذا لم يعد له وجود على أرض الواقع .
فقال "محمد على", أحد سكان المنطقة المجاورة للقصر: إنه كان يجتمع مع أصدقائه، ويدخلون القصر ليأكلوا من حدائقه أجمل الثمار، ثم يعود إلى الواقع المؤسف مرة أخرى، فبعد أن كانت حدائق القصر مثمرة أصبحت جرداء.. القصر الذى كانت جداره كالقلاع، أصبحت كالأنقاض، فهو يعانى من الإهمال منذ سنوات، ورغم أن أهالى المنطقة طالبوا الحكومة باستغلال القصر فى الصالح العام، إلا أن الحكومة لم تبد أى إهتمام، حتى وصل القصر لهذه الحالة المؤسفة .
وأضاف "على": أن بعض الأهالى حاولوا معرفة الجهة الحكومية التي يتبع لها القصر، فهناك من يقول إنه تابع لوزارة الزراعة، وهناك من يؤكد أنه تابع لوزراة الثقافة، ثم نفاجأ بتعليق يافطة على القصر تقول إنه ملك شركة أمن وحراسات إسمها تُدعَى "وندرلاند"، ولكن الأغرب هو دخول سيارات فخمة تحمل أرقاما دبلوماسية للقصر، فى بعض المناسبات مثل شم النشيم، وأيضا لفت نظر الأهالى تواجد بعض سيارات النقل الكبيرة والأوناش التي كانت تدخل القصر من حين لأخر، لتقتلع الأشجار ويتم تحميلها على السيارات وإخراجها من القصر .
و أكد: أن قصر الأميرة "نعمت" لم يبق من جدرانه إلا القليل، نتيجة لعمليات الحفر التي تتم بداخله، والتي تدل على أن هناك من ينقب بحثا عن الآثار أسفل القصر، ولأن القصر لا يوجد عليه حراسات, ونظرا لهذا الإهمال تحول إلى مقلب قمامة، علاوة على أنه أصبح وكرا لتجارة المخدرات والسلاح، والأعمال المنافية للآداب .
فكل ما سبق دفع الأهالى للتقدم ببلاغ للنائب العام يحمل رقم (15237) بتاريخ 25/6/2011، ولم يحدث أى شئ حتى الآن، واتجه الأهالى أيضا لرئيس حى منطقة المرج ومحافظ القاهرة ولكن دون جدوى، سوى أن المحافظ أبلغهم أنه تقدم بطلب لنقل ملكية القصر من وزارة الزراعة للمحافظة لتحويله إلى قصر ثقافة لخدمة المواطنين، إلا أن هذا الطلب لم ينفذ .
أهالي المنطقة يسعون الآن لحل المشكلة، ومحاولة استغلال هذه المساحات الكبيرة لبناء مدرسة ومستشفى لخدمة المنطقة, بدلا من تركه مطمعا فى نفوس أصحاب المصالح الخصة !.