أبرزت صحف سودانية خبر الزيارة التي بدأها الرئيس المصري محمد مرسي للعاصمة السودانية الخرطوم لليوم الخميس. وبينما اعتبر كتاب مقالات ومحللون وسياسيون سودانيون أن الزيارة تعد "فرصة" للبلدين لحل الخلافات بينهما وتعزيز العلاقات، بما يعود بفوائد كثيرة على مصر والسودان، دعا برلماني سوداني القاهرة إلى تغيير نظرتها للخرطوم وإنزالها المنزلة التي تستحقها باعتبارها "رأس الرمح العربي والإسلامي في إفريقيا".
ووصل مرسي إلى الخرطوم عصر اليوم في زيارة تستغرق يومين، وتعد الأولى له إلى السودان منذ توليه الحكم في يونيو/ حزيران الماضي، بينما تعد الرابعة لدولة إفريقية بعد زيارته لأوغندا وإثيوبيا وجنوب إفريقيا.
صحيفة "المجهر السياسي" (خاصة) رأت أن الزيارة "يعوِّل عليها النظامان في الخرطوموالقاهرة خاصة أنها تأتي في توقيت دقيق بالنسبة للبلدين".
وعددت في تقرير لها الفوائد التي قد تعود على البلدين من هذه الزيارة؛ فعلى المستوى الاقتصادي "تحتاج مصر إلى تفعيل كثير من الاتفاقيات مع السودان حتى تعود بالفائدة على البلدين المنهكين اقتصاديًا، وهناك قضية مياه النيل وقضايا أخرى تحتاج إلى تفاهم".
وقد تأكد توقيع 6 من دول حوض النيل من أصل 10 على اتفاقية "عنتيبي" لإعادة توزيع حصص مياه النيل على دوله.
ورفضت مصر والسودان التوقيع على هذه الاتفاقية، معتبرين أنها تنتقص من "حقهمها التاريخي" في حصص مياه النيل، فيما لم تعلن دولة جنوب السودان التي تأسست عام 2011، موقفها بعد، وتضاربت تصريحات بين مصر وإثيوبيا بشأن توقيع الكونغو من عدمه.
كما يتنازع البلدان (مصر والسودان) السيادة على مثلث حلايب وشلاتين (أقصى جنوب شرق مصر)، وهي أرض تحت سيطرة مصرية، ويؤكد السودان أنها جزء لا يتجزأ من أراضيه.
أما السودان، ف"يحتاج دعم مصر السياسي إقليميًا ومحليًا ودوليًا في قضايا وملفات كثيرة"، بحسب "المجهر".
من جانبه، وصف القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان ربيع عبد العاطي في حديث للصحيفة زيارة الرئيس مرسي بأنها "فوق العادة".
وتوقع أن تثمر عن نتائج إيجابية عديدة للقاهرة والخرطوم. واستدل على ذلك بالوفد رفيع المستوى التي يصاحب الرئيس المصري، ومعظمهم مختصون في الاقتصاد والتعاون الدولي والخارجية.
وأعرب عبد العاطي عن تفاؤله ب"مستقبل أفضل للعلاقات بين البلدين بعد هذه الزيارة".
صحيفة "آخر لحظة" (خاصة) واصلت الحديث عن النتائج الإيجابية التي قد تثمر عنها زيارة الرئيس المصري للسودان.
ونقلت عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم محمد نوري الأمين قوله إن أزمة مياه النيل ربما تكون محور نقاش الرئيسين المصري والسوداني عمر البشير.
ولفت الأمين أيضا إلى "وجود عقبات بشأن تنفيذ اتفاقية الحريات الأربع (الموقعة بين البلدين عام 2004 وتشمل حرية: التملك والتنقل والإقامة والعمل لمواطني البلدين) بما يقتضي تناولها خلال الزيارة وإزالة أي لبس حولها".
صحيفة "السوداني" (خاصة) نقلت عن مراقبين أن محدد العلاقة بين القاهرةوالخرطوم "غير مرتبط بالأيدولوجيا بقدر المصالح".
وقال عضو البرلمان السوداني محمد حامد البلة في تصريح للصحيفة إنه "بعيدًا عن التقارب الأيديولوجي بين قيادتي البلدين (إسلاميان)، فمن المهم تغيير نظرة القيادة السياسية المصرية لمعاملة السودان وإنزاله منزلته المطلوبة باعتباره رأس الرمح العربي والإسلامي في إفريقيا".
وذهب البلة إلى أن "مصر يمكنها أيضا على الصعيد الداخلي السوداني أن تلعب دورا حيويا في تعزيز الحوار السوداني - السوداني من خلال تواجد أعداد مقدرة للمعارضة السودانية على أراضيها (مصر)، مثلما تستطيع في محور العلاقات الخارجية أن تقرب وجهات النظر بين السودان وبين العديد من الجهات ذات المواقف السالبة".
عدد من كتاب الأعمدة والمقالات رحبوا هم أيضا بزيارة مرسي الأولى للسودان بعد توليه سدة الحكم، واستخدموا عبارات ترحيب عادة ما يستخدمها المصريون في استقبال ضيوفهم، ومنها ما جاء في مقال بصحيفة "الرأي العام" (خاصة) بعنوان: "الخرطوم نورت".
واعتبر كاتب المقال أنه "بمجرد أن تطأ قدم الرئيس أرض الخرطوم فإن في ذلك الإجابة عن كثير من الأسئلة، وتطمينا لهواجس عديدة ظلت تنتاب العلاقة بين البلدين في الآونة الأخيرة".
وأشار الكاتب محمد عبد القادر في مقاله بالصحيفة إلى أن "الرئيس السوداني عمر البشير كان أول من حطت طائرته في أرض الكنانة (مصر) بعد انتخاب مرسي رئيسا؛ استشعارا لعظم الإحساس بالمسئولية تجاه العلاقات التاريخية بين الخرطوموالقاهرة، وتقديرا لشعب شقيق كان يشق طريقه نحو الحرية وسط أمواج عاتية تقتضي من السودان أن يتعهده بالدعم والسند والمؤازرة".
وأعرب الكاتب عن الأمل أن "تنقل هذه الزيارة العلاقات نقلة كبيرة تنسجم مع عمق العلاقات والأواصر التاريخية بين البلدين".
وتوقع أن تقوم مصر في عهد مرسي ب "حلحلة القضايا الخلافية بين البلدين وإزالة الألغام أمام طريق الوحدة والتكامل في كافة المجالات، خاصة الاقتصادية والتجارية". وفي مقال للكاتب كمال حنفي بالصحيفة ذاتها، تحت عنوان "يا عم إحنا إخوات"، قال إن "مصر اليوم هي غير مصر التي جاء منها (الرئيس المصري السابق حسني) مبارك في آخر زيارة له للسودان، والسودان كذلك هو غير السودان الذي أتى إليه مبارك و(العقيد الليبي الراحل معمر) القذافي آنذاك؛ فمصر اليوم يحكمها الإخوان المسلمون بعد انتخابات حرة، ولم تأت الجماعة وحزبها إلى حكم مصر بالتفجيرات وإنما بالاستحقاق الانتخابي". وورأى أن "كلمة السر في ازدهار علاقة مصرية سودانية هي التكامل والتعاون الاقتصادي الذي يجعل مصر عاملا فاعلا في الاقتصاد السوداني".
ووفقا لما ذكرته الرئاسة السودانية، في بيان، فإن الرئيس المصري سيجتمع بنظيره السوداني مساء الخميس، ويخاطبان معا اجتماعا لرجال الأعمال من البلدين مساء اليوم ذاته.
ثم يلتقي مرسي صباح غد الجمعة بممثلين عن الجالية المصرية في السودان، وبعدها يلتقي علي عثمان، النائب الأول للبشير، والأمين العام للحركة الإسلامية، التي ينبثق منها الحزب الحاكم (المؤتمر العام)، الزبير أحمد الحسن، إضافة إلى عدد آخر من قادة القوى السياسية.
وسيؤدي الرئيس المصري صلاة الجمعة في مسجد النور بالعاصمة السودانية، قبل أن يحضر مأدبة غداء يقيمها البشير على شرفه، ويختتم زيارته بمؤتمر صحفي في مطار الخرطوم.