قال مستثمرون وتجار مصريون أن ترشيد دعم الدولة للطاقة، وقرارات تتعلق باتفاق مع صندوق النقد الدولي سيدفع بموجة ارتفاعات في أسعار سلع أساسية، دون المساس بما يوصف بالسلع الترفيهية والمأكولات باهظة الثمن المستوردة وغيرها.
كانت الحكومة المصرية اتخذت قرارا أمس برفع قيمة اسطوانة البوتاجاز "غاز الطهي"، ضمن خطوات تقبل عليها لتطبيق برنامج إصلاح متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، يتضمن فرض ضرائب ورسوم جمركية، ورفع أسعار الطاقة على المصانع تدريجيا.
قال محمد المصري نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، إن "السوق لن يتحمل رفع أسعار الطاقة على المنتجات، فالمستهلك أنهك من الزيادات المتوالية بسبب ضريبة المبيعات المقرر تطبيقها وارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه".
وقال الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء يوم 10 مارس الماضى إن معدل التضخم سجل ارتفاعا بنحو 2.8% في فبراير شباط الماضي، بينما سجل التضخم تغير سنويا نسبته 8.7%، عن شهر فبراير شباط 2012.
وأضاف المصرى في اتصال هاتفي مع مراسل الأناضول "يستورد المصريون أكثر من 60% من احتياجاتهم بالدولار الأمريكي، مما رفع من تكلفة الاستيراد، وفي الوقت نفسه سترتفع فاتورة الإنتاج المحلي بسبب الطاقة".
ورفعت الحكومة سعر المازوت بواقع النصف ليسجل سعر الطن 228.5 دولار، كما ضاعفت سعر الغاز المخصص لصناعة الإسمنت ليسجل 6 دولارات بدلا من 3 دولارات، مما زاد من أسعار الطوب ومواد البناء.
وقال المصري "ستكون هناك موجة متوقعة من ارتفاع الأسعار، وهناك مواد غذائية ارتفع سعرها اليوم، بعد مرور 24 ساعة على قرار رفع سعر اسطوانة غاز الطهي، وهي مواد غذائية لن يأتي بها المستوردون نظرا لارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية إلى ما بين 7.55 و 7.60 جنيها مصريا".
لكن المصري استثنى سلعا لا يمكن التنازل عن استيرادها في ظل هذه الظروف حتى وإن زاد سعر الدولار أو تكلفة استيرادها على رأسها اللحوم التي يستهلكها المجتمع المصري بصورة واسعة، بسبب زيادة حجم استهلاك الطبقة المتوسطة".
وتستورد مصر اللحوم من دول السودان وإثيوبيا والبرازيل، لتطرحها من خلال المجمعات الاستهلاكية التي تمثل منافذ بيع رسمية وعددها 3 الاف مجمع، بأسعار تقل عن اللحوم المحلية أو المعروفة باسم "البلدي"، بما يزيد عن 4 دولارات.
وقال إن "الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة منها الاسمنت سترتفع أسعارها، في حين ما زالت الحكومة تفكر في سعر الطاقة الموجهة لصناعة الأسمدة، والتي تعد مدخلا هاما في عنصر تحديد سعر السلع الغذائية من المنتجات الزراعية".
وثبتت الحكومة سعر الغاز الموجه لصناعة الأسمدة العاملة بنظام الاستثمار المباشر وكذلك المناطق الحرة، مع اشتراطات تتعلق بتقييد عملية التصدير للخارج وتطبيق مبدأ "الأولوية للسوق"، وذلك عند 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.
وتسعى مصر للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار، يمنحها شهادة ثقة تجني من خلالها ثمار جذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما يشهد زيارة وفد من الصندوق للقاهرة حاليا.
وقال السفير جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب الذي يعمل تحت مظلة جامعة الدول العربية، إن "أي مستثمر في العالم لا يأتي البلاد لمجانية الطاقة، إلا في المملكة السعودية فقط التي تدعمها نظرا لوفرتها".
وأضاف في تصريحات خاصة، أن "ترشيد الطاقة سيعيد خدمات المنتج وتكلفته، لكن المستهلك هو المتضرر".
وأوضح "المنتج يجب أن يتحمل زيادات الطاقة الجديدة، لكن يحملها على المستهلك بالبلاد النامية بسبب ارتفاع الطلب على السلعة".
وقال بيومي "تقابلت مع كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي مؤخرا في مدينة بيروت، ونقلت وجهة نظر الصندوق في الدعم، مؤكدة أنها ليست ضد الدعم لكنها تشدد على وصوله إلى مستحقيه من الفقراء".
وأضاف "لاجارد أكدت أن الصندوق لديه إحصاءات تفيد بأن الدعم يكلف الدول النامية 7% من إجمالي ناتجها القومي، وبالتالي يجب أن يحصل عليه المستحقين".