الناس بتصحى كل يوم الصبح على زقزقة العصافير ... أما الناس في شارعنا يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم بتقوم على دوشة الواد ( بودي ) . ( بودي ) ده إبن (هالة) جارتي ، و حالي مع ( هالة ) زي حال غالبية الجيران في مصر ( صباح الخير يا جاري إنت في حالك و أنا في حالي ) مفيش حد يعرف عن حد حاجة إلا في حالتين يا إما ( زغاريد ) يبقى فيه حد نجح أو بيتجوز ،أو ( صُويت ) يبقى حد مات أو واحد بيضرب مراته !!!!
من تلات سنين و نص تقريباً كان (الصُويت) بييجي من عند هالة ( يومياً ) و طبعاً مش لأن فيه حد عندها بيموت كل يوم .. لا يا أصدقائي و مش علشان جوزها بيضربها كل يوم ده ( ا / عماد ) جوزها راجل بلسم و طيب و محترم و مالوش صوت خالص و بيشتغل موظف بس ما اعرفش وظيفته إيه ؟ ربنا كرمه بشقة في بيت أبوه ( المِلك ) يعني ما بيدفعش إيجار و دي في حد ذاتها نعمة كبييرة السبب كان مختلف تماماَ .. السبب كان ( بودي ) !!!!
( بودي ) بدأ ( يِحبي ) على الأرض و مجننها و مش سايب حاجة في مكانها ! و لما كبر و بدأ يمشي ( صويتها ) زاد قوي و لما بقى عنده حوالي تلات سنين و نص تقريباً ( زحلقته )على الشارع و ( زحلقت ) أخته على مامتها أصل الواد ( بودي ) ( فص توم ) توأم يعني . بس الصراحة هو واد لذيذ بجد و دمه زي الشربات و بيلاغي كل الناس اللي ماشية في الشارع سواء جيران أو عابري سبيل .
( بودي ) واخد الشارع ( ورديتين ) واحدة الصبح لأنه مابيروحش الحضانة و التانية آخر النهار ... و لما ما تسمعش صوته تعرف إنه بياكل أو نايم أو رايح مشوار مع ( باباه ) على العجلة ... إمبارح سمعته بيلعب مع بنت عمه و عمال يزعق ( أيوة عندنا الفول و الطعمية طعمية سخنة و فول بدقة تعالى ياعمو إشتري الطعمية ) .. إندهشت ( فرسكا بقى و حاجات كدة ) و قلت في نفسي ( يخرب عقلك يا واد يا بودي ) .. إحنا لما كنا في سنك كدة و بنلعب في الشارع كنا دايماً نقول : أنا هاعمل ظابط أو مهندس أو دكتور أو مدرس على بقية العيال لكن " فول و طعمية " الصراحة ( جديدة ) وبقيت أكلم نفسي هي العيال حصلها إيه ؟؟ ما عادتش بتحلم أحلام كبيرة ليه ؟؟
على حد علمي إن (عماد و هالة ) مثال عملى لطبقة ( الكادحين ) في مصر إللي هي القاعدة العريضة من الشعب من حملة الدبلوم يعني متعلمين !!! ده زمان كان العامل أو الفلاح إللي مفيش معاه شهادة و لا بيعرف يقرا و لا يكتب كانت بتبقى أمنية حياته إن ولاده تتعلم تعليم عالي . دلوقتي ب اشوف ناس تعليمها عالي و مش حريصة إن ولادها يكون معاهم ليسانس أو بكالوريوس .. أنا شخصياً أعرف مدرسين ثانوي و أولادهم في التعليم الفني ..
هو في إيه ؟؟ هو العيب في مين ؟؟ العيب فينا و لا في المجتمع و لا في التعليم و لا في الأحلام ؟؟ و لا في قاموس الكلام ؟؟
هي الناس مش قادرة تحلم ؟ و لا خايفة تحلم ؟ و انعكس ده بدوره على خيال الأطفال ، لأن الأطفال عادة في سن ( بودي ) بيكون خيالها ترجمة للجو العام في الأسرة ،و مفردات كلامها ترديد حرفي لمفردات الحديث بين الطفل من ناحية ،و الأب و الأم من ناحية تانية بدون فهم حقيقي إو استيعاب لمضمون هذه المفردات .....
زمان لما كانت الأطفال بتقول هابقى دكتور أو ظابط كنا بنقول العيال ( كِبرت ) دلوقتي لما تسمع كلامهم تقول العيال ( يأست ) .. حقيقي تسمع كلامهم تستعجب تشوف زمانهم تشفق عليهم ..