كالعادة فى السنوات الأخيرة يلعب عنصر التسويق الدور الأهم لدى شركات الإنتاج، التى تبحث وضع أموالها فى أعمال مضمونة، بعيدا عن الخسائر، فى ظل أزمة مالية طاحنة تعانى منها مصر، ويعيشها الوسط الفنى، لذا لم يعد مهما جودة المنتج المطروح، بقدر أهمية إمكانية تسويقه، الأمر الذى دفع عدداً كبيراً من المنتجين للعب على المضمون، اختيار «نص» يمكن تسويقه بسهولة، وربما يمكن توفر ذلك فى فيلم يعد من كلاسيكيات السينما المصرية وتحويله إلى مسلسل، خاصة إن كان الفيلم ناجحا. لكن.. التجربة أثبتت أن من ينجح مرة، قد يفشل فى أخرى، والدليل على ذلك الفشل المدوى الذى حققته مسلسلات مثل «رد قلبي»، «سمارة» و«الإخوة الأعداء»، ولم يشفع نجاح تلك الأفلام فى تحقيق النجاح للمسلسلات، وإنما فى الحقيقة تم تشويهها.
الجديد هذا العام هو مسلسل «الزوجة الثانية»، الذى يقدمه المخرج خيرى بشارة عن نص كتبه السيناريست ياسين الضو، وتلعب بطولته آيتن عامر التى حلت بديلة لدينا فؤاد فى دور سعاد حسنى، وباسم سمرة فى دور «صلاح منصور»، وعلا غانم فى دور «سناء جميل»، وعمرو واكد فى دور «شكرى سرحان»، فريق العمل يبدو جيداً ومكلفاً إنتاجيا للشركة المنتجة، لكن ذلك فى أى مسلسل اجتماعى «مودرن» أما فى فيلم يعد من أهم أفلام السينما المصرية كالزوجة الثانية الذى أخرجه صلاح أبو سيف وكتب له السيناريو محمد مصطفى سامى وسعد الدين وهبة وصلاح أبوسيف وكتب الحوار محمد مصطفى سامى، لحساب المنتج الكبير رمسيس نجيب عام 1966، فالأمر يحتاج لوقفة.
فى الفيلم الذى أخرجه صلاح أبو سيف كان فريق الممثلين هو أكثر ما يشغل ذهنه، مع المنتج الفنان رمسيس نجيب والبطلة سعاد حسنى، وقتها لجأ المنتج والمخرج للنجم الكبير فريد شوقى ليلعب دور العمدة «عتمان»، وبالفعل وافق الملك على لعب بطولة الفيلم أمام السندريلا سعاد حسنى، وبعد ثلاثة أيام من بداية التصوير اختفى فريد شوقى، ولم ينجح المخرج أو المنتج أو حتى سعاد حسنى فى الوصول إليه، كان لابد من حل فإما أن يعود فريد لاستكمال الفيلم أو تبحث أسرة العمل عن فنان بديل، وهنا جلس أبو سيف مع رمسيس نجيب، وطلبت سعاد حسنى حضور جلسة ترشيح بديل فريد شوقى، وفى الجلسة نفسها قالت للمخرج صلاح أبو سيف أن اختيار فريد شوقى من البداية كان خاطئا !!، وقتها لم يثر عليها ولم يجبرها على التزام حدودها كممثلة تناقش المسئول الأول عن العمل، وطلب منها أن تكمل وجهة نظرها، فقالت إن شخصية العمدة عتمان مكتوبة على أنه يخاف من زوجته «حفيظة» أو سناء جميل، ولم يكن من المنطقى أن يصدق الجمهور أن وحش الشاشة فريد شوقى يخاف من سناء جميل.
كانت الفكرة مقبولة، ومبررة، ولا تخلو من المنطق، لكنها زادت من صعوبة البحث، من يستطيع أداء الدور بوجهة النظر تلك، فرشحت سعاد حسنى صلاح منصور، وكان اختيارا صائبا ولعب فى الفيلم أهم أدواره على الإطلاق.
تلك الرواية، نشير بها لاختيار باسم سمرة، وهو وجه مصرى رجولى يخض السيدات، فهل يجوز أن يخاف من زوجته علا غانم فى المسلسل، كما أن اختيار الأخيرة لدور حفيظة، تشوبه بعض الشوائب، فحفيظة هى المرأة المتسلطة التى تبرر غايتها الوسيلة، وتوافق على أن يخطف زوجها امرأة رجل آخر لينجب منها وينسب الطفل إليها، أما عن شخصية أبوالعلا فهى الأكثر توفيقا فى الاختيار من المخرج خيرى بشارة والمنتج ممدوح شاهين، ويلعبها عمرو واكد الذى يستطيع أن يؤدى الدور ببساطة وموهبة.
أخيرا آيتن عامر على عاتقها، حمل ثقيل بلعب دور سعاد حسنى فى الفيلم، وما يزيد من صعوبته أن أداء السندريللا فى دور الفلاحة كان من فلتات عصرها، ومازال محفورا فى الذاكرة.
عموما لن نحكم حكما مسبقا، وسنرى ما سيقدمه مخرج كبير فى حجم خيرى بشارة، فحتما.. لن يضيع تاريخه حتى لا يجلس فى منزله.