عقب أندلاع ثورة يناير واستحواذ التيار الاسلامى على مقاليد الحكم فى مصر تغيرت خططهم وطريقة تنفيذها بعد أن أصبحوا يمثلون الحزب الحاكم فيها , وبعد أن كان أفراده يقبعون بين جدران السجون أسرى يهمسون الى بعضهم البعض فى سرية تامة , اصبحوا الان يجهرون بأصواتهم ويصرخون وينادون بحقهم فى الحكم بلا خوف , وكأنهم ماردا خرج من قمقمه بعد سنوات من الأسر , ولكنهم وجدوا أن تحقيق أهدافهم الجديدة ونشرها لن تكون الا من خلال منابر أوسع وأكثر انتشارا من منابر المساجد التى أعتادوا عليها , فتوجهوا الى أنشاء العديد من القنوات الفضائيه التى يطلق عليها حاليا القنوات الدينية والتى من المفترض أنها قنوات تهتم بنشر الدين الاسلامى وتعاليمه , لكنها لم تلتزم بتقديم البرامج الدعوية وركزت على البرامج الحوارية التى فى ظاهرها دينى وفى باطنها سياسى بغية توجيه الشباب والمتابعين لها الى مايبغونه ومحاولة التأثير على عقولهم لاجتذابهم بأسم الدين لصالح التيار الاسلامى . كل ذلك لم يكن هو المشكلة بحد ذاتها ولكن المشكلة تكمن فى مسلسل الفتاوى غير المسؤلة التى اصبحت تخرج علينا يوميا وبشكل مستمر من خلال تلك القنوات الدينية والتى تتسبب فى اثارة الفتنة بين افراد الشعب وتساعد على استمرا حالة عدم الاستقرار , ولم يسلم شىء فى مصر من اصدار فتوى من فتاويهم حتى أنها طالت تمثالى الدكتور طه حسين وأم كلثوم اللذين يرمزان لجزء من التراث المصري العريق , تلك الفتاوى اشد خطرا على مصر من أعدائها لكونها تعطى لكل فتوى غطاء شرعى ودينى يؤكده , وتستند فى ذلك الى بعض ما جاء في القرآن والسنة بعد تفسيره طبقا لأهوائهم وبما يخدم مصالحهم ويحقق أهدافهم , وشعبنا بطبعه شعبا متدينا يستمع باهتمام الى كل قول يمس الشريعة الاسلامية وينفذه , واذا لم تستخدم تلك الفتاوى لنشر المحبة والسلام واستخدمت فى نشر الفتن فقد يهدد ذلك مصرنا الحبيبة لاقدر الله بحرب أهلية لايحمد عقباها . كان من أبرز تلك الفتاوى وأحدثها تلك التى افتى فيها الشيخ "أحمد محمود عبدالله" المعروف ب"أبو إسلام" مالك قناة الأمة الفضائية بأن الفتيات والسيدات اللاتى أغتصبن وتم التحرش بهن فى ميدان التحرير صليبيات وأرامل .. وعرايا وسافرات وشياطين , ونزلوا التظاهرات ليفعل بهن ذلك وليراودن الشباب عن أنفسهن , وقد أثارت تلك الفتوى غضب سيدات مصر ودفتعهم الى الخروج بمسيرات للتعبير عن غضبهم والظلم والترويع الذى يمارس ضدهم , وهو كذلك الذى دعا من قبل بحرق الإنجيل أمام السفارة الأمريكية ردا على الفيلم المسىء للرسول (ص) , وكذلك هو صاحب فتوى أن مصافحة النصارى أو تهنئتهم بأعيادهم «وثنية» وطالب بمقاطعتم لأن مصيرهم النار . وفتوى أخرى بأهدار دم قادة جبهة الإنقاذ أفتى بها الشيخ محمود شعبان الشهير بهتولي راجل !! لانها تنازع حاكما تمت مبايعته , وأخر يدعى اسامة قاسم دعا لقتل كل من يتظاهر حول قصر الاتحادية ، بل وتجرأ البعض منهم بقول ان الرئيس المصري محمد مرسى "ليس رئيسا منتخبا ولكنه اميرا للمؤمنين والخروج عليه ردة على الاسلام ". كل تلك الفتاوى تبث على الهواء مباشرة صوت وصورة من شيوخ لا ينتمون إلى دار الإفتاء المصرية، وهى الدار المختصة بذلك فى مصر منذ إنشائها فى 1895، أو لجنة الفتوى بالأزهر , وهى فتاوى ترتكز فى مجملها على أراء شخصية لهؤلاء الشيوخ يتم الترويج لها على أنها فتاوى حقيقة , اليس ذلك بفوضى اعلامية تستلزم الوقوف عندها بقرارات رادعة ؟ ؟ اليس من المطلوب من مؤسسة الرئاسة أن يكون لها ردا واضحا وحاسما عما يتفوه به شيوخ الفضائيات وتطالبهم بالكف عن حمايته فهو لايحتاجها لانه بالفعل رئيسا منتخبا مع العلم بأن تلك الفتاوى قد تأتى بنتائج عكسيه على شعبية الرئيس مرسى وليست فى صالحه . نسأل الله لنا و لكم الثبات حتى الممات , ونسأله الهداية لكل ضال وغافل ,ونسأله سبحانه بأسماءه الحسنى و صفاته العلى ... أن يتجاوز عنا و يغفر ذنوبنا و يستر عيوبنا ويحمى بلادنا من نار الفتن .