رفض العاملين فى المبنى وندرة الكوادر الإخوانية والنظر للفن والإعلام على أنه بدعة أهم الأسباب لا شك أن الإخوان المسلمين يدركون جيدا منذ أن وطئت أقدامهم قصر الاتحادية ما هم مقبلون عليه.. ومنذ اللحظة الأولى ترسخ فى أذهانهم أن مصر لن تطيب لهم إلا إذا استطاعوا السيطرة على مفاصل المؤسسات فيها، ويدركون أيضا أن ذلك لن يكون بالسهولة التى يتصورها البعض، لعدة أسباب أهمها أن الأنظمة السابقة استطاعت إسقاطهم من حسابات المؤسسات المؤثرة فى مصر طوال ثمانية عقود مرت، وهو ما جعلهم لا يتمتعون بأى خبرات فى المواقع الإدارية، كما أن طبيعتهم التى تقوم على السمع والطاعة أثرت كثيرا على النواحى الإبداعية التى تتطلبها المواقع القيادية الكبرى، فظهرت مشكلات كبيرة فى تعامل بعض الإخوان معها، وهو ما تسبب فى تدهورها فى أحيان كثيرة، حتى أصبح مجرد تعيين شخص إخوانى بمثابة الجريمة التى ينتظرها البعض للتنكيل بالنظام الإخوانى.
الغريب فى الأمر أن جماعة الإخوان بدأت بالفعل حلم الأخونة بنجاح فى الهيكل الوظيفى فى المحافظات المختلفة، إلى جانب عدة وزارات خدمية مثل وزارة الصحة والتعليم والشباب، غير أن التحدى الأكبر بالنسبة لهم يأتى فى ثلاث وزارات هى على الترتيب الجيش والداخلية والإعلام.. ونحن الآن بصدد الحديث عن الوزارة الأخيرة منهم، وهى وزارة الإعلام.
حين سئل صلاح عبد المقصود وزير الإعلام فى أحد المؤتمرات الإعلامية عن حقيقة ما يتردد من السعى لأخونة الوزارة التى يقوم عليها، فاجأ الوزير سائله، بأنه حتى لو فكر فى ذلك فلن يجد كوادر إخوانية فى الوزارة ليمنحها المناصب.. وهى حقيقة.. فالرجل يتمنى أن يكون قوام وزارة الإعلام إخوانيا.. فحتى وقت قريب كان ماسبيرو بالنسبة لأى إخوانى نموذجا للقهر والإقصاء، فمن الطبيعى أن يبحث الإخوان عن طريقة تمنع حدوث ذلك مستقبلا، بل تكون كفيلة للانتقام من هذا المبنى، وهو ما يتأتى بالسيطرة الكاملة عليه.. غير أن ذلك عصى على الحدوث فى الوقت الراهن على الأقل لأسباب عديدة: أولها ندرة الكوادر الإخوانية - كما أشرنا من قبل، وثانيها أن العاملين فى المبنى لن يقبلوا بدخول كوادر خارجية على مناصب من المفترض أن تكون لهم حسب التدرج الوظيفى.. إلى جانب أن الإخوان بطبيعتهم ينظرون إلى العمل الإعلامى والفنى على أنه من البدع فيجتنبونه.
رغم ذلك فإن عبد المقصود حاول فى حدود المتاح أن يعطى بعض ما تيسر من المناصب صفة إخوانية مثل قناة صوت الشعب التى تولى رئاستها الإخوانى أشرف حسن، أيضا هناك أشرف بدر مدير قناة النيل الإخبارية، وزينهم البدوى الذى يتوقع له الكثيرون أن يكون رئيس قطاع الإذاعة القادم.
الغريب أنه فى الوقت الذى نادت فيه ثورة 25 يناير بترشيد النفقات فى المبنى وإلغاء منصب المستشار الذى يعد منصبا شرفيا، وليس له جدوى تذكر، ويحصل صاحبه على راتب يكفى لتعيين مجموعة من الشباب.. فى ذلك الوقت نجد أن الإخوان وجدوا من هذا المنصب مبررا لدخول بعض الكوادر الإخوانية للمبنى دون أن يثير ذلك جنون العاملين واعتراضهم، فتمت الاستعانة بالصحفى ياسر الدكانى ليكون مستشارا لقناة النيل الإخبارية، ويتردد أنه يحصل على 12 ألف جنيه شهريا فى مقابل ذلك.
نستطيع القول إن المرحلة الأولى من أخونة مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون لم تحقق المرجو منها، خاصة أن الإخوان كانوا يعولون عليها الكثير.. غير أن هناك بدائل تمت الاستفادة منها خلال الفترة الماضية.. أو نستطيع القول إنها فرضتها الظروف فرضا على صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام، وتتمثل هذه البدائل فى إبعاد الأسماء المعروفة بانتماءاتها المضادة للإخوان عن أى منصب.. وتصعيد المحايدين الذين ليس لهم أى خلفيات سياسية تميل لمعارضة النظام.. وتلك الفئة تتميز بأن تفكيرها ينصب على العمل فقط، مع اتسامها بعامل الخبرة المناسب لتسيير الأمور، كما أن سجلهم لا يحفل بالخلافات مع الآخرين.. ومن هذه الأسماء يبرز اسم إسماعيل الششتاوى رئيس الاتحاد الذى يجد قبولا من العاملين فى المبنى لعدم تعاليه، وإنصاته الشديد لكل من له شكوى، حتى ولو لم يقدم حلولا.. فإنه يحاول على الأقل إيجادها، وهو ما أدى لوجود استقرار نسبى فى المبنى، أيضا هناك سعد عباس رئيس صوت القاهرة الذى يمتلك مجموعة من العلاقات على مستوى عال تؤهله للدخول فى مرحلة جديدة بالشركة، كما أن خبراته فى العمل الإعلامى جديرة بأن تعيد الشركة لنشاطها التسويقى الكبير وإبراهيم الصياد وغيرهم فالشعار الآن إذا كنت لا تستطيع الأخونة فلا تعطى المناصب لأعداء الإخوان.