ذكرت صحيفة الاندبندنت مقالا بعنوان " لطفا ... لا للعلمانية ... نحن بريطانيون " نظرا للجدل الذى كثر فى بريطانيا مؤخرا حول دور الدين فى الحياة العامة البريطانية . ويقول انه اصبحت هناك ضرورة لاستحداث طبعة جديدة من الحوار القديم حول موضوع العلمانية و الدين . كما انه حينما نتحدث عن الدين سنجد ان الهدف من التمسك بالدين هو تحسين اخلاق البشر ، و لكن كلما جنحوا لأى من طرفى الموضوع ( بمعنى الدين ) إنتهى بهم المطاف لانتهاج السلوك الأسوأ و المبالغ فيه ، خاصة و ان بريطانيا فى الآونة الأخيرة فى خضم حوار لاذع بشأن العلمانية و الدين . و على الرغم من ان قضية العقيدة الدينية و الانتظام فى الذهاب للكنيسة بريطانيا قد شهدت إنكماشا و عزوفا بعض الشىء فى الآونة الأخيرة فى بريطانيا ، إلا أن الدين مازال يلعب دورا هاما فى الحياة العامة البريطانية . وانه مازال المجتمع البريطانى يحتفظ بالطابع الدينى حتى و ان هجره البعض كما انه توجد دلالات كثيرة على ذلك و نستطيع ان نلحظ تأثير لمسات الدين و إنطباعها حتى خلال وضع القوانين و التشريعات فى بريطانيا ، بل أصبحت تتحكم فى مراكز صنع و إتخاذ القرار داخل الحكومة البريطانية ، خاصة عندما يتعلق الأمر (بالذهاب للحرب ) . لعلنا نلحظ ذلك جليا عندما إتخذ تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى السابق قرار الذهاب لغزو العراق ، فالدافع الدينى كان يدفعه و هو يتخذ ذلك القرار الصعب ، و لم يحدث فى تاريخ بريطانيا ان شهدت رئيسا للوزراء مثل تونى بلير فى دافعه الدينى و إيمانه العميق عندما قام بإتخاذ قرارغزو العراق . وعلى الرغم من ذلك فالدافع الدينى و الأخلاقى كان متواجدا عندما إتخذ بلير قرار غزو العراق، فلعله كان يتشبه بذلك السامرى الخلوق أو لعله اراد ان يقطع ميلا لأبعد من ذلك ليعامل جاره كما يود ان يعامله ... و يضيف بوفام مؤكدا ان الفشل فى معاونة البوسنيين كان أسوأ لحظة مررنا بها ... لأنه و بإختصار شديد و ( كما قيل لنا ) كان ذلك سيعد ضد العقيدة الدينية...! كما ان جدل العلمانيين فى بريطانيا يدور حاليا حول عدم جدوى الدين بحيث انه انه لم يعد يشكل تلك الدوافع السالفة الذكر خاصة فيما يتعلق بمرتفعات إتخاذ قرار الأمة ( و إن صح التعبير) على غرار ما حدث مع تونى بلير خاصة و ان الدافع الدينى آنذاك كان يشكل ركيزة اساسية لدى تونى بلير على سبيل المثال حينما إتخذ قرار غزو العراق ، لأن هناك قليلون الآن داخل المجتمع البريطانى ممن يؤمنون و لديهم عقيدة إيمانية راسخة مبنية على أساس قوى . كما ان المسيحية فى العصر الحديث و على الأخص فى بريطانيا تواجه حملة لتمزيق أطرافها و إستئصال أوصالها و لعله جاء الوقت للمسيحيين أن يردوا على تلك الحملة . و على عكس ذلك تماما ، فقد أظهرت آخر إستطلاعات الرأى و التى أجرتها مؤسسة ريتشارد دوكينز للفكر و العلم فى بريطانيا أن القليلين فى بريطانيا الآن يواظبون على الذهاب للكنيسة و أن نحو 60% من البريطانيين يقرون أنهم لا يقرأون الإنجيل . كما أن التعصب الذى أتى به الإسلاميون إلى بريطانيا قد وضعنا أمام حقيقة لعل فكرنا المشوش لم يستطع الوصول إليها ألا وهى أن جميع الأديان تأخذ فى إعتبارها مسألة تعتبرها حصرية على كل دين بمعنى أن كل دين يأتى بما يعتبره الأرجح و الأصح حصريا عليه فيما يدعو إليه فى أى مكان الكون بأكمله ... كان هناك شىء يدعو للسخرية فيما يتعلق بتصريحات أول وزيرة مسلمة فى الحكومة البريطانية و هى البارونة ( وارسى ) عقب زيارتها للفاتيكان هذا الأسبوع قائلة : " نحن نقف جنبا لجنب مع بابا الفاتيكان لنحارب سويا من أجل إيماننا ! " و قد جامل بابا الفاتيكان الليدى وارسى بكلمات لطيفة و لكنه غفل حقيقة هامة و هى انم المسيحية فى أوروبا تواجه حربا شرسة من أجل البقاء خاصة مع نشأة الإسلام العنيف ، لذلك فإن المسيحية لا تواجه فقط ( الإلحاد ) وإنما تواجه ايضا (الاسلام) .