قال مساعد رئيس قطاع مصلحة السجون السابق اللواء محمد حمدون، "عندما وصل رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف إلى عنبره فوجئ بسرير أقصر من طوله، فعندما تمدد على السرير لاحظ أن رجليه أطول من السرير، فقال لحارسه: "هل يمكن أن تُحضروا سريرًا أطول من هذا؟"، فأبلغه الحارس بأن كل الأسرّة "مقاس واحد"، فاضطر الرجل إلى النوم في وضع القرفصاء، وفي إحدى "الزيارات" جاءت زوجته ومعها ابنته التي ولدت أثناء وجوده داخل السجن، فبكى نظيف بشدة خصوصًا عند انتهاء وقت الزيارة وسعى كل الحضور من زملائه السجناء بل وحتى زوارهم إلى تهدئته. وأضاف اللواء حمدون لصحيفة "الحياة" اللندنية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء: كان نجلا الرئيس السابق قليلَي الكلام والاختلاط بالآخرين، يستحيل أن تجد ابتسامة على وجه أي منهما، فلا يظهران إلا وعلامات الحزن على وجهيهما ولا يتكلمان مع أحد إلا في أوقات الصلاة، وهما منضبطان من ناحية الالتزام بالتعليمات، وكانا دائمًا يتركان ذقنيهما من دون حلاقة، أما الشائعات عن مشاجرات حدثت بين الشقيقين علاء وجمال وأنهما متخاصمان أو أن الأول حمّل الثاني المسؤولية عما جرى فلم أرَ لها دليلاً على أرض الواقع، فقد كانا متلازمين والأجواء في السجن لم تكن لتسمح بأحاديث من هذا النوع، فالكل في الهم سواء.
كانت علاقة جمال وعلاء مبارك في ما يتعلق بالمعاملة مع زملائهما النزلاء من رموز النظام السابق علاقة عادية كأي مسجون مع زميله، ولم تحدث مشاكل أو احتكاكات بين أي منهما وأي مسجون آخر.
ولم تسجل لهما أية وقائع للخروج على اللائحة والنظام العام أو مخالفة قواعد السجون، وكانت علاقاتهما بإدارة السجن كعلاقة المسجون العادي بها، وربما لا يرى أي منهما أحداً من رجال إدارة السجن إلا أثناء الزيارة أو التريّض أو الصلاة. والزيارات الخاصة بهما كانت عادة تتم في حجرة مأمور السجن، إلا إذا حدثت ظروف تحول دون ذلك فكانت الزيارات تتم في المكان المخصص لها مع باقي السجناء وأسرهم.
وتابع المسئول السابق: كان وزير الداخلية السابق حبيب العادلي دائم الجلوس أمام المنبر داخل المسجد، متكئاً بظهره على أحد الأعمدة المقابلة للمنبر حتى لا يراه أحد من الجالسين خلفه، بينما كان جمال مبارك يتكئ على أحد جدران المسجد في جوار الباب، وأحمد نظيف على الحائط المقابل في أقصى اليمين.
أما علاء مبارك فاعتاد أن يجلس في وسط أرض المسجد ويجلس عادة على يمينه ويساره أنس الفقي وهشام طلعت مصطفى وشريف والي ووليد ضياء وأحمد عز وأحمد المغربي وزهير جرانة وعبدالناصر الجابري وماجد الشربيني. وذات مرة جلست متكئاً على الحائط الخلفي للمسجد والجو الروحاني يسيطر على المكان واستطلعت الوجوه من اليمين إلى اليسار.
وتابع: أنظر في الوجوه وأتعجب لهذا الزمن ولهذه الفترة الانتقالية الصعبة، اعتبرها فترة انتقال من حال إلى حال ومن ملك إلى ملك. قلت لنفسي: "سبحان المعز المذل سبحان الخافض الرافع ومغير الأحوال هؤلاء أسياد الأمس وأذلاء اليوم، ها أنذا أقوى واحد في هؤلاء، أنا سجانهم، منذ أيام كان لا يستطيع أحد أن يقف أمام قصورهم واليوم هم في محبسهم ضعفاء".
وكان جمال مبارك يخرج ودائمًا ينتظر شقيقه علاء أمام المسجد، إذ كان الأخير يزيد من الصلاة والركعات وكان الآخر يخرج من المسجد فيجد شقيقه جمال ينتظره؛ ليسيرا سوياً إلى حيث زنزانتهما.
أما حبيب العادلي فاعتاد أن يحمل المصحف في يده ويداوم على تلاوة القرآن، وكان يميل للعزلة والعزوف عن مكالمة أحد مكتفًا أثناء دخوله المسجد وخروجه بالابتسام.