لا شك أن الموسيقى لغة عالمية،ولكن لكل ثقافة تراثها الموسيقي الذي يمثل هويتها وقيمها ويحافظ على هويتها،وتحاول الشعوب، ومنها الأمة العربية جاهدة على مر العصور الحفاظ على موروثها الموسيقي ضد أي غزو أجنبي، غير أن طوفان التغيير لا مفر منه، حيث اقتحمت الموسيقى الغربية، وبالأخص التركية مؤخرا، هويتنا العربية بشكل ملفت ومخيف، تارة بعرض الأعمال الدرامية التركية والآن بعرض أغانيهم والاستعانة بموسيقاهم ومزجها بموسيقانا العربية. يقول الملحن الكبير حسن إش إش: إن الموسيقى التركية لا تستطيع هى أو غيرها التأثير على الموسيقى العربية وبالاخص على الفن المصري لأنه شيء مرفوض تماما، ونحن نمتلك مالا يمتلكه الأتراك، ومصر لديها جيل من العمالقة الموسيقيين الذين أثرو الحياة الفنية ومازالت أعمالهم خالدة مثل بليغ حمدي، والقصبجي، وكمال الطويل، ومحمود الشريف وغيرهم، وهناك أيضا تواصل أجيال فلا يستطيع أحد تقليدنا فنحن نمتلك "تيم" ومقامات موسيقية مختلفة يقتبس منها العالم أجمع، بينما الأتراك لديهم تيمه موسيقية واحده فقط لذلك لا يستطيعون التفوق علينا بأى شكل، لافتا إلى أنه لا يرفض سماع الموسيقى التركية، ويمكن الاستفادة منها في بعض النواحي، ولكن دون تقليدها حتى لا نفقد هويتنا العربية.
وأوضح أنه لا يد للأتراك في هذا الغزو، ولكن الأمر قد يتعلق برغبة المطربين في توسيع دائرة المستمعين، كما أرجع إش إش أن السبب أيضا وراء اتجاههم وبالأخص المصريين إلى تركيا للاستعانة بألحانهم لمزجها في أغانيهم بغض النظر عن كونها تجديد أو تغيير هو ما تمر به مصر من تطورات سيئة وأوضاع غير مستقرة تسببت في وجود حالة ركود فني كبير، كما تسببت هذه الأوضاع أيضا في ظهور جيل من الشباب الملحنين يفتقد للابداع والذوق الفني فهو لا يبحث عن التجديد أو التطوير لكنه يبحث عن المادة كما أنه يقوم بسرقة الألحان التركية ومحاولة التغير فيها بشكل أو بآخر وكأنه لحن جديد من إبداعه لنجد في النهاية أعمال مشوهة تفتقد للإبداع.
ويرى إش إش أنه بمجرد أن تشهد مصر حالة استقرار مرة أخرى ستزدهر الحالة الفنية في مصر وستعود لها مكانتها وأيضا المطرب العربي الذي اتجه إلى تركيا هو الآخر باحثًا عن الفن لأنها هي الأصل.
المطرب محمد عبد الحميد له رأي آخر حيث رحب بكل فخر بالاستعانة بالموسيقى التركية خاصة وأنها فرضت نفسها على الساحة الفنية،وأصبح عليها إقبال جماهيري كبير، خاصة بعد ظهورها في أعمالهم الدرامية التي غزت العالم العربي.
ولفت إلى أنه من خلال تجربته مع الأتراك وجد أنهم شعب محب للفن ويقدسونه ويسعون إلى تقديم الجديد دائما، وأكثر ما يميزهم هو أنهم لا يتعاملون مع الفن كصفقة رابحة مثلما يحدث في مصر من قبل بعض الملحنين والموزعين والشعراء الذين يبحثون عن المادة فقط.
وأوضح أن وضع البلد المحبط لا يساعد على تقديم الجديد، مما جعل الكثير من المطربين يسرعون إلى الاستعانة بالاتراك لإشباع رغباتهم الفنية.
وقال: إن خطورة الموسيقى التركية على هويتنا العربية تكمن فقط في إقتباسها بنسبة تفوق اللحن الشرقي وهذا بالفعل ما يفعله بعض المطربين حاليا، مشيرا إلى أنه بالرغم من ذلك فهناك مطربون مازالوا يستخدمون المقامات والوتريات الشرقية مثل محمد فؤاد، وحمادة هلال، ومصطفى كامل.
ولفت إلى تجربته التركية في أغنية" مبقاش يهمني "والتي تعاون فيها مع ملحن وموزع تركي بإنها تجربة ممتعة موضحا أنه سيقدمها مرة أخرى في حال نجاحها ولكن هذه المرة سيكون ألبوما كاملا متنوعا، ويشمل بشكل أكبر للموسيقى التركية، بالإضافة إلى إنه سيتجه لتعلم اللغة التركية للغناء بها قريبا.
أما الشاعر والملحن باسم محفوظ فهو يعترض على مزج الموسيقى التركية بالشرقية ويؤكد ضرورة الاحتفاظ بألحاننا العربية التي تميزنا عن غيرنا، لافتا الي أن تركيا هي التي بدأت بإقتباس المقامات والمقسوم الغنائي الشرقي وقامت بمزجها في موسيقاتهم التركية، بينما تحول الأمر الآن، وأصبحنا نحن العرب من نقتبس ألحانهم من خلال أفلامهم ومسلسلاتهم التي غزت الفضائيات،ويرجع ذلك لإتقانهم العالي للموسيقى وتقديمها بحرفية نفتقدها الآن.