ابرز مانشرته جالوب أن المصريين يسبقون الإيرانيين والأتراك في التعلق بالشريعة كلمة الإخوان شائعة في معظم وسائل الإعلام المصرية والأجنبية
الاستطلاع في 2008 له مدلول أن الدين عامل مهم في تكوين هذا الشعب
هل القوي السياسية كافة تسمح بالتواجد الشرعي علي الساحة
كشفت مؤسسة جالوب الأمريكية في استطلاع رأي أجرته ونشرت نتائجه في 8 اغسطس 2008 أن الشعب المصري يتقدم الشعبين الإيراني والتركي من حيث حجم الغالبية التي تؤيد تطبيق الشريعة الإسلامية.
ووفقا للاستطلاع الذي أجري علي عينة كبيرة من الشعوب الثلاثة، فإن 91% من المصريين مقابل 90% من الإيرانيين و74 % من الأتراك يرون أن الشريعة يجب أن تكون مرجعا للقوانين التي يجري تطبيقها في الدولة، وقال 64% من المصريين الذين شملهم الاستطلاع إن الشريعة يجب أن تكون المصدر الوحيد للتشريع مقابل 7% فقط من الأتراك.
وفي إطار الاستطلاع ذاته رأي 97 في المائة من المصريين أن الشريعة توفر العدالة للمرأة، مقابل 76 في المائة من الإيرانيين، و59 في المائة من الأتراك كما قال 85 في المائة من المصريين و65 في المائة من الإيرانيين و51 في المائة من الأتراك ممن أجري عليهم الاستطلاع أن الشريعة تحمي الأقليات.
ولا يزال الاستطلاع المهم يفرز نتائجه التي أراها شديدة الأهمية، حيث يظهر أن 96 في المائة من المصريين و80 في المائة من الإيرانيين و63 في المائة من الأتراك يرون أن الشريعة الإسلامية تعزز وجود نظام قضائي عادل، كما عبر 97 في المائة من المصريين عن اعتقادهم بأن الشريعة تحمي حقوق الإنسان مقابل 77 في المائة من الإيرانيين و62 في المائة من الأتراك، وقال 94 في المائة من المصريين إن الشريعة تقلل الجريمة في المجتمع مقابل 76 في المائة من الإيرانيين و68 في المائة من الأتراك، وآخر ما جاء به الاستطلاع فإن 94 في المائة من المصريين و78في المائة من الإيرانيين و 55 في المائة من الأتراك يؤمنون بأن الشريعة تعزز العدالة الاقتصادية.
ولعل أبرز ماتم رصده في الاستطلاع الذي نشرته جالوب أن المصريين يسبقون الإيرانيين والأتراك في التعلق بالشريعة بالرغم أن إيران جمهورية إسلامية حسب دستورها وتعتبر ذات حكومة دينية تقوم علي مبدأ ولاية الفقيه في حين أن تركيا يحكمها حزب له جذور إسلامية خرج من رحم حزب ديني هو الرفاه وخليفته الإسمي الفضيلة الذي جاء تشكيله ردا علي صدور قرار بحل الرفاه عام ،1998 ومهما اختلفت التقييمات والتوصيفات لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا فهو تعبير عن حل وسط بين الإسلام السياسي والعلمانية الإقصائية المتوحشة، ولعل وصوله للسلطة واستمراره يعكس تغييرا ملحوظا في الطرفين الإسلامي والعلماني مؤداه سقوط نظرية إلغاء الآخر.
ولعل قرار المحكمة الدستورية العليا في تركيا الأخير بشأن رفض حل حزب العدالة والتنمية ردا علي دعوي رفعها المدعي العام لمحكمة الاستئناف تعبير عن تغير التيار العلماني الذي يهيمن علي عدد من مؤسسات الدولة المهمة وفي مقدمتها الجيش والقضاء ومؤسسة التعليم العالي فضلا عن الجامعات ووسائل الإعلام الرسمية، فهذا التيار أدرك أن الخروج من منطقة الحل الوسط تهديد لمستقبل البلاد ولتقدمها ونمائها ومكانتها الدولية وكل ذلك تحقق بسبب سياسات الحزب وزعيمه رجب طيب أردوغان،
وإذاكانت المحكمة قد أنذرت الحزب بالتخلي عن بعض ممارساته فالإنذار يحمل دعوة للحزب لتجنب منطقة الحل الوسط بالكف عن استخدام الخطاب الديني من جانب بعض قيادات ورمز الحزب واللعب بورقة رفع الحظر عن الحجاب في الجامعات الذي بدت الدوائر العلمانية غير مستعدة له علي الرغم من أن غالبية التركيات ترتدي الحجاب، والخروج به تعبير عن حرية شخصية والالتزام بواجب ديني وليس تحديا لمباديء وكينونة الدولة الكمالية كما يري العلمانيون،
ونظن أن حزب العدالة سيتجنب إثارة غضب العلمانيين ويعود لنهجه الهاديء القائم علي التغيير التدريجي الذي يجنب البلاد الصراع بين مؤسسات الدولة، مثل العلمانيين يقدم المصلحة العامة علي الأيديولوجية الخاصة.
وقد كشف استطلاع الرأي من جالوب ان الحكومة السابقة هي التي تصر علي شطب الإخوان من الساحة السياسة والتعامل معهم علي أنهم ينتمون لتنظيم محظور خارج عن الشرعية
وذكرت الدراسة في 2008 وأن الواقع ينفي ذلك تماما، واكدت علي ذلك مؤسسة جالوب أن للإخوان مقراً في قلب العاصمة المصرية مكتوب عليه بالبنط العريض المقر العام لجماعة الإخوان وكلمة الإخوان شائعة في معظم وسائل الإعلام المصرية والأجنبية باستثناء تلك التي كانت تمتلكها الدولة،
فلابد من الكف عن الحديث حول تطبيق الشريعة و إقامة الدولة الإسلامية لأن الظروف المحلية والإقليمية لا تسمح بذلك وأن ذلك صعب المنال في مصر ، غير أن هناك من سيقول إن الدولة رفضت إضفاء الشرعية علي حزب الوسط وهو الخارج من عباءة الإخوان، والذي لا يطالب في برنامجه بتطبيق الشريعة.
ولعل كانت الاستطلاع في 2008 له مدلول أن الدين عامل مهم في تكوين هذا الشعب وهويته وربما يكون العامل الأول، وتجاهل ذلك ينطوي علي غباء سياسي.
وإذا كان بعض المحللين الغربيين يرشحون مصر لثورة شعبية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فيها حسبما يرون، ويقولون إن الإخوان قادوا الثورة .
لكن السؤال هل القوي السياسية كافة تسمح بالتواجد الشرعي على الساحة، لأن منهج نفي الآخر فشل في تركيا التي يفوق المصريون شعبها تدينا وإيمانا بدور الشريعة في الإصلاح.
وعلينا أن نستفيد من تجارب الشعوب الأخرى ومما يقدمه العالم لنا من معلومات مجانية..