لا أحد يعلم على وجه الدقة، سر الإصرار على عدم تشريح جثامين شهداء مجزرة استاد بورسعيد، والاكتفاء بالكشف الظاهرى عليها، مما أضاع على جهات التحقيق معلومات خطيرة، كانت ستساعد حتما فى الوصول إلى الجناة الحقيقيين. مدير مصلحة الطب الشرعى فى بورسعيد الدكتور عماد الشحات، كشف عن أن كل شهداء أحداث مجزرة بورسعيد الدامية، تم تشريحهم فى مطار بورسعيد ظاهريا، حيث تم الاكتفاء بمعاينة الجثث وتحديد نوعية الإصابات فقط، مما يصعب معه تحديد أسباب الوفاة. "قرار النيابة ألزم مصلحة الطب الشرعى باتخاذ هذا الإجراء"، يشير بها الشحات إلى نص قرار النيابة الصادر بخصوص شهداء مذبحة بورسعيد بأن "يتم إجراء المعاينة الظاهرية على الشهداء وتشريح الجثامين إذا ما اقتضت الضرورة"، مما جعل من تشريح جثامين الشهداء أمرا غاية فى الصعوبة، وهو فى رأيه، قرار غير موفق، خصوصا مع ضغط أهالى وأسر الشهداء لتسلم جثامين أبنائهم وذويهم، فتم التشريح ظاهريا وعلى عجالة، ولم يكن الكشف دقيق، وعليه تم استخراج جميع التقارير من مشرحة زينهم فى القاهرة، نظرا لتوافر كل معطيات التشريح هناك. الشحات كشف أيضا عن أن جميع الجثامين، التى تم تشريحها ظاهريا، كانت لمجهولى الهوية، ولمن لم يستدل على هوياتهم فى المستشفيات، التى قامت بنقلهم، حيث وضعت على أجسادهم جملة "مجهول الهوية"، لافتا إلى أنه تم تشريح حالة وحيدة فقط من إجمالى 71 شهيدا سقطوا فى تلك الأحداث، على يد الطبيب الشرعى الدكتور محمد فاروق، حيث تبين من عملية التشريح إصابة الشهيد بإصابات رضية وإسفكسيا البارك، نتيجة التدافع والضغط، على أجهزة التنفس، مما تسبب فى إعاقة أجهزة الأوكسجين فى الجسم. يشار إلى أنه تم تسليم الجثة الوحيدة المُشَّرحة، إلى ذويها من الإسكندرية، عقب إجراء عمليات التشريح، ومن المتوقع الانتهاء من إعداد التقرير النهائى عن تلك الحالة فى غضون أيام، بينما نفى الشحات وجود أى آثار لطعنات أو طلقات نارية فى أجساد الشهداء، مشيرا إلى أن أعداد الشهداء الذين تمت معاينتهم ظاهريا فى مطار بورسعيد لم يتخطوا ال71 شهيدا، لا 179 كما يشاع من قبل البعض. فى الاتجاه نفسه، أشار الشحات، إلى أنه تم تسليم نحو 51 شهيدا إلى مشرحة زينهم فى القاهرة، بينما تم تسليم باقى الحالات لأسرهم من المستشفيات، نافيا تعرض مصابى تلك الأحداث الدامية لإجراء الفحص الطبى عليهم. من جانبه أعرب الطبيب الشرعى فى بورسعيد الدكتور صبرى محمد إبراهيم عن استيائه من قرار النيابة بالتشريح الظاهرى للشهداء، وتسليم الجثامين لذويهم من دون معرفة المقصد الحقيقى وراء مقتل الضحايا والاعتداء عليهم، للتأكد من أدلة التحقيق. واشار إلى أنه فى تلك الليلة الدامية، تم إعداد فريق طوارئ، حيث حضر للتشريح فريق من المنصورة بعد ساعة واحدة فقط من الأحداث، وفريق من بورسعيد بقيادة الدكتور محمود أحمد على، نائب كبير الأطباء الشرعيين، وتمت معاينة الجثامين فى مطار بورسعيد، من دون تشريحها، خصوصا فى ظل تجمهر نحو 10000 من الأهالى.