لم يترك عبد اللطيف المناوى أحدا أو شيئاً أو معنى أو فكرة إلا هدمها وشوهها، كان هدفه الوحيد أن ينجو بنفسه فقط، أن يصور نفسه لمن يقرأ أنه كان فارس هذا الزمان الوحيد والأخير، ولعل ما فعله مع وائل غنيم يؤكد ذلك ويشير إليه. ينقل المناوى عن صحيفة «الديلى تلجراف» البريطانية التى نشرت بعد أحداث 25 يناير: أن الحكومة الأمريكية دعمت وبصورة سرية شخصيات بارزة وراء الانتفاضة المصرية، وقالت:إن هذه الشخصيات كانت تخطط لتغيير النظام منذ ثلاث سنوات، وحسب الصحيفة فإن السفارة الأمريكية فى القاهرة، ساعدت معارضا شابا على حضور ندوة برعاية الولاياتالمتحدة فى نيويورك للناشطين الشباب، وعملت على إخفاء هويته عن أمن الدولة فى مصر.
الجريدة البريطانية لم تكشف اسم المعارض الشاب، لكن المناوى أشار إلى أنهم يقصدون وائل غنيم المدير الإقليمى لجوجل الشرق الأوسط، وينقل المناوى ما تضيفه «الديلى تلجراف» من أن الناشط الشاب أبلغ دبلوماسيين أمريكيين عام 2008، أن تحالفا من الجماعات المعارضة وضع خطة للإطاحة بمبارك وتنصيب رئيس منتخب ديمقراطيا عام 2011.
يعود المناوى مرة أخرى إلى وائل غنيم، مهتما بسيرته الذاتية، حيث يشير إلى أنه من مواليد 1980، وأنه عاش فى مدينة «أبها» السعودية لمدة اثنى عشر عاما، لم يكن معروفا أنه مدير صفحة «كلنا خالد سعيد» التى كانت أحد أسباب اشعال الثورة، لكنه كان من أسسها مع أحد أصدقائه فى يونيه 2010.
دعا غنيم – كما يقول المناوى – من خلال هذه الصفحة إلى مظاهرات 25 يناير، وانضم إليه مئات الآلآف من النشطاء، وكان غنيم يقوم بدور قيادى فى الخفاء، حيث يعمل طلباً إلى مسئوليه بإجازة لظروف عائلية، كان سفر غنيم فجأة وبسرية تامة، دون أن يقول لزملائه فى العمل، ودون حتى أن يتصل بوالده الذى كان ما زال يعمل فى السعودية أو زوجته الأمريكية، وحاول الأمن المصرى لعدة شهور الوصول إليه وكشف هويته، لكنه لم يفلح فى ذلك.
بعد أن خرج وائل غنيم من محبسه، حيث اعتقله رجال أمن الدولة فى 27 يناير، ليعرفوا من يقف وراءه على وجه التحديد، حاول المناوى أن يستضيف غنيم على شاشة التليفزيون المصرى، لكنه رفض، يقول المناوى:» طلبت من العاملين معى الترتيب لإجراء حوار مع غنيم فى إطار ما التزمنا به، إلا أنه رفض.. قائلاً لمن اتصل به: لا أستطيع أن أظهر معكم وأيديكم ملطخة بالدماء.
الدماء التى يقصدها غنيم لم يقدرها عبد اللطيف المناوى ....بل سخر منها، وهنا أنقل نصا ما قاله: «فى هذه الليلة 7 فبراير كانت مفاجأة لى أننى وجدت كل القنوات تقريبا وصحف اليوم التالى تعزف سيمفونية واحدة هى أهالى الشهداء، وكانت إحدى الوسائل التى حسمت الأمور كثيرا، فقد لاقوا حالة من التعاطف الشديد، عندما كان المشاهدون يجدون على شاشة التليفزيون أهالى هؤلاء الشباب، الذين استشهدوا فى هذه الأحداث وهم يبكون ويحكون عن مستقبلهم الذى ضاع، وكانت هذه أحد أكثر الأمور إنسانية لتحقيق حالة من التعاطف، كما تم إخراج مجموعة من الصور لمجموعة من الشباب الذين قتلوا فى الأحداث تحت اسم قائمة الشهداء، والغريب أن أحد هؤلاء الشهداء كما اعتبروها، واسمها سالى زهران كانت قد سقطت من البلكونة الخاصة بمنزلهم ولم تقتل فى المظاهرات».
بعد هذه الفقرة يمكن أن تتأكد أن شهادة المناوى على الثورة لم تكن بلا ضمير فقط، ولكنها كانت بلا قلب أيضا.