لماذا لا يعطي الناس قيمة للنوم؟ يعتقد كثير من الناس أن النوم هو ببساطة نوع من الترف، وفترة مرض صغيرة. إنهم يعرفون أنهم يشعرون بأنهم أفضل عندما يحصلون على نوم جيد خلال الليل وأسوأ عندما لا يحصلون على ذلك. لكن النوم يحسن في الواقع التعلم والذاكرة ونفاذ البصيرة. يقول الدكتور باري كراكو Barry Krakowفي كتابه "نوم عميق، عقل سليم: 7 مفاتيح للنوم خلال الليل Sound Sleep, Sound Mind: 7 Keys to Sleeping Through the Night""أنك تزود البنك بالطاقة عندما تذهب للنوم. وعلى المستوى الخليوي يقوم الجسم ببساطة بإصلاح واستعادة نفسه. وبدون ذلك لا يمكنك أن تفعل ما تريد من الناحية الجسمانية أو العقلية". يقوم توفير المزيد من النوم بعمل أكبر مما يتصوره كثير من الناس. فنومك أقل من 6 ساعات في الليلة لمدة أسبوع مثلاً، سيؤدي لعجز في النوم عندك بمقدار ليلة كاملة، وهو أكبر مما يمكن أن يعوضه زيادة في النوم نهاية الأسبوع بضع ساعات. تأثير نقص النوم المزمن: يقول الأشخاص المحرومون من النوم غالباً أنهم يشعرون بالضبابية. وهذه ثلاثة أسباب لذلك: نقص النوم يبطئ عملية التفكير: وجد العلماء الذين يقيسون نقص النوم أن الحرمان من النوم يقود إلى تنبه وتركيز أقل، مما يؤدي إلى الشعور بسهولة أنك مشوش. وهذا يعوق قدرتك على إنجاز الأعمال التي تتطلب محاكمة منطقية أو تفكيراً عميقاً. يؤذي نقص النوم أيضاً القدرة على الحكم على الأشياء. ويصبح اتخاذ القرارات أكثر صعوبة لأنك لا تستطيع تقييم الحالات بشكل جيد وأن تختار التصرف الصحيح. نقص النوم الزائد يؤذي الذاكرة: يبين البحث أن التوصيلات العصبية التي تجعلنا نتذكر تقوى أثناء النوم. ويحضن النوم الأشياء التي نتعلمها ونختبرها طيلة النهار في ذاكرتنا قصيرة الأمد. ويبدو أن المراحل المختلفة للنوم تلعب أدواراً مختلفة في دمج المعلومات الجديدة بالذاكرة، ولذلك إذا اختصر النوم أو تقطّع فإن ذلك سيؤثر على هذه الحلقة من الأدوار. يمكن أن تنسى وأن تضع الأشياء في الأماكن الخاطئة إذا كنت ناعساً. وعدم القدرة على التعمق والتركيز بسبب نقص النوم يضعف الذاكرة أكثر، وبالتالي لن تتذكر أين وضعت الأشياء التي كانت بيدك خلال النهار. قلة النوم تجعل التعلم صعباً: يؤثر الحرمان من النوم على قدرتك على التعلم بطريقتين. فلأنك لا تستطيع التركيز جيداً سيكون من الصعب عليك أن تلتقط المعلومات، وبالتالي لا يمكنك التعلم بفعالية. كم يؤثر هذا الحرمان على الذاكرة، وهي ضرورية للتعلم. ويقود نقص النوم عند الأطفال إلى النشاط المفرط وتأذي التعلم. ويمكن أن يفقد المراهقون التركيز والاجتهاد والقدرة على التذكر وبالتالي الأداء الجيد في المدرسة. أكبر أخطار نقص النوم: إبطاء زمن الاستجابة يجعل نقص النوم زمن استجابتك أبطأ، وهذه مشكلة خاصة عند قيادة السيارة أو المهمات الأخرى التي تتطلب استجابة سريعة. والمعروف أن عدداً كبيراً من حوادث الطرق يحدث بسبب تعب السائقين أو نومهم أثناء قيادة سياراتهم. والحقيقة أنك لست بحاجة للنوم أثناء القيادة حتى تصبح في خطر، فالنعاس لوحده يمكن أن يكون خطراً بقدر خطر الثمالة والسكر من المشروبات الكحولية. وبالطبع فإن اجتماعهما يضخم الخطر بشكل كبير. والناس الأكثر عرضة لخطر حوادث الطرق المرتبطة بالتعب هم المراهقون والبالغون الشباب، وخاصة الرجال منهم. ويضاف لهم عمال الورديات الذين يعملون ليلاً أو يعملون ساعات طويلة أو خلال أوقات غير منتظمة والأشخاص المصابون باضطرابات نوم لم يتم علاجها مثل انقطاع النفس والسبخ (النوم الانتيابي) Narcolepsy. يمكن لبطء زمن الاستجابة أن يعرض الحياة للخطر بطرق أخرى. فالحرمان من النوم يؤذي دمج المعلومات وتكاملها، وهي وظيفة للدماغ تربط بشكل كبير قرارات تتخذ نتيجة إحساس محدد في أجزاء من الثانية. وتشمل هذه الحالة رجال الإطفاء ورجال الشرطة والجنود وغيرهم من الأشخاص الذين قد يتعرضون للحرمان من النوم أثناء عملهم. تأثير نقص النوم على المزاج والصحة العقلية: يمكن أن يؤثر النوم على المزاج بشكل ظاهر. فهو يسبب حدة الطبع والغضب وقد يقلل القدرة على تحمل الإجهاد. ويلاحظ أن الأشخاص المحرومون من النوم أقل ممارسة للتمارين أو للجنس أو تناول الطعام الصحي أو القيام بانشطة ترفيه. ويقول الخبراء أن الذاكرة المتضررة والمزاج والوظائف الأخرى المتأثرة تصبح مع مرور الوقت طريقة مزمنة للحياة مما يؤثر على عملك وعلاقاتك. ويبين بحث أجري عام 2005 في الولاياتالمتحدة أن نقص النوم يعرض الشخص لخطر أكبر ب 10 مرات للإصابة بالاكتئاب و أكبر ب 17 مرة للإصابة بالقلق الظاهر من الذين ينامون بشكل جيد. وكثيراً ما يربط الأطباء بين الاكتئاب والحرمان من النوم لأن كلاً منهما يؤثر على الآخر. كيف تعرف أن نقص النوم يمثل مشكلة؟ بما أن الحاجة إلى النوم تختلف من شخص لآخر، فإن الخبراء يعتقدون أن أفضل طريقة لمعرفة إن كنت تنال نصيباً كافياً من النوم هي التعرف على كيفية شعورك. أما مقياس الكفاية من النوم فهو أن لا تشعر بالنعاس عندما تستيقظ، وأن تكون نشطاً أثناء النهار وأن يبدأ نشاطك يخبو ببطء عند اقتراب ساعة نومك. يقول الدكتور كراكو في كتابه عن النوم أنه يجب تقييم قدرتك ونوعية حياتك يومياً، وأن تسأل نفسك إن كانت قدرتك الإدراكية هي بالمستوى الذي تقبله. لاحظ إن كان لك مشاكل مع شركائك في العمل وهل تؤثر على ذاكرتك أو انتباهك أو تركيزك وخصوصاً على إنتاجيتك؟ وإن كان هناك أية مشكلة هل يترافق مع نقص في النوم أو الحرمان منه؟