إذا كنتم تعبرون جبال الألب النمسوية حول منطقة سالزبورغ (وسط)، لا تتفاجأوا إن سمعتم أشخاصا يغنون اليودل الذي أصبح رائجا من جديد والذي خصصت له حصص يتعلمها المتنزهون.
في قلب المراعي الخضراء التي تزينها قمم الألب المكسوة بالثلوج التي خلدتها الممثلة جولي أندروز في فيلم "ذي ساوند أوف ميوزيك" سنة 1965، يقوم السياح بنزهة على الأقدام لتعلم اليودل، في مبادرة هي الأولى من نوعها في العالم.
ويتخلل مراحل النزهة التي تقع على ارتفاع ألفي متر تقريبا بوقان عملاقان وجرس ضخم وأكسسوارات أخرى.
ومع أن كلمات اليودل خالية من المعنى، إلا أن غناءه الذي يجمع بين الطبقات الحادة والجهيرة يتطلب دراسة لإتقانه.
ومن الضروري ألا يشعر المبتدئون في هذا النوع من الغناء بالاحراج وهم يطلقون أصواتا معينة بينما تحيط بهم الأبقار.
وتقول أستريد برشتالر وهي ترتدي سروالا قصيرا يمثل الزي التقليدي لسكان تيرول وقميصا عليه مربعات حمراء "أنا مندهشة ومتحمسة جدا". وتضيف خبيرة التغذية التي قطعت حوالى 200 كيلومتر للانضمام إلى مجموعة لتعلم الغناء "لطالما اعتقدت أن اليودل مخصص لحفنة من الأشخاص".
وتعود فكرة تعلم اليودل أثناء التنزه إلى كريستيان إيدر الذي يدير فندقا في منطقة سالزبورغ والذي تعلم قبل سنتين أصول هذا الغناء الخاص بجبال الألب.
ويقول إيدر "ليودل أسطوري نوعا ما والناس يعتقدون أنه صعب ربما لأنه ليس شائعا كثيرا. لكن شعارنا هو أن الجميع يمكنه غناء اليودل".
وتعتبر باربرا غليزر وهي معلمة تبلغ من العمر 31 عاما إن هذا الفكرة "هي فكرة جميلة. فالنزهة مخصصة للشبان والكبار في السن وهي ليست صعبة. تمضون خلالها فترة ممتعة بعد الظهر وتستمتعون بوقتكم".
في البداية، كان الرعاة في الألب يلجأون إلى اليودل ليتواصلوا مع بعضهم البعض بين الجبال والوديان. ونجد هذا النوع من الغناء في النمسا وسويسرا وجنوب ألمانيا وشمال ايطاليا.
ويرى هرمان هارتل وهو باحث وموسيقي فلوكلوري ينظم حصصا لتعلم اليودل منذ السبعينات أن هذا الغناء هو "تعبير عن السعادة والتناغم والفرح". وقد لاحظ في السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا بهذا النوع من الموسيقى.
وهو يعلم بالاضافة إلى النمسويين سياحا فرنسيين وايطاليين وسويديين. وبدأ الشبان يتسجلون في الحصص بأعداد كبيرة، رغبة منهم في التعرف إلى هذا التقليد القديم.
ويبدو ماركوس موزر البالغ من العمر 26 عاما مترددا بعد تجربته الأولى، فيقول مبتسما "لن أقول إنه أمر مستحيل لكنه صعب. إنه أمر مختلف تماما".
ومن أهداف نزهات اليودل تشجيع الجميع، بمن فيهم المبتدئون، على الابتعاد عن التحفظ واكتشاف أصواتهم، على حد قول هرمان هارتل. وتختم باربرا غلاسر بالقول "غناء اليودل هو فن فريد من نوعه لا يستطيع الجميع اتقانه. ولذلك، لا أغني اليودل إلا بعد أن أشرب كأسا أو كأسين من الكحول".