كتب : ترجمة منار طارق نشرت صحيفة الجارديان مقالا اوردت فيه ان تعرض النساء للتحرش الجنسي ليس جديدا على مصر. وقد شهدت كل امرأة تقريبا في البلاد شكلا من أشكال التحرش، سواء اللفظي أو الجسدي. مع ذلك، ما هو جديد، هو تغيير بطيء ولكنه ثابت في اتجاه الرأي العام. بدأ ذلك مع العيد في عام 2006، حيث سقطت حشد من النساء فريسة لمتحرشين، و جردوهم من ملابسهم. حتى وقت قريب، لم تكن تستخدم كلمة (تحرش) للتعبير عن المضايقة في هذا السياق. كانت تعرف سابقا أنها معاكسة- يعني سلوك الشباب اللعوب الذين يريدون قضاء وقتا طيبا. و تقبل العديد من النساء هذا السلوك باعتباره جزء من طبيعة الاولاد. وأخيرا، لقد حان الوقت للاشارة الي هذا السرطان الاجتماعي على أنه "تحرش" و بدأت وسائل الإعلام ان توليه اهتماما بدلا من غض الطرف.
في عام 2010, بدأ الفيلم المصري 678 بطرح القضية لاهتمام الرأي العام. و روي الفيلم قصص ثلاث نساء من مختلف الطبقات الاجتماعية الذين كانوا جميعا ضحايا التحرش بطريقة أو آخري. و نال عيد الفطر لهذا العام نصيبه المعتاد من التحرش الجنسي، على الرغم من تصوير العديد من الحوادث - وانتشرت كالنار في الهشيم من خلال الفيسبوك ويوتيوب، وزيادة الوعي للمشكلة ويستفز النقاشات. و ظهر في الصور مضايقات كثيرة لنساء كانوا يرتدون الحجاب الكامل و العباءات الفضفاضة، مما يقزض مزاعم ان "المرأة هي المسؤولة" عن ذلك.
قد حان الوقت لبعض الناس، على الأقل، ادراك أن المشكلة أعمق. لأنه على ما يبدو (كما يورد العديد من النساء المتحرش بهم ) أن المتحرشين عادة ما يكونوا من الفئات الفقيرة في المجتمع، وقد تم استقراء نقاش أوسع حول اعتبار عدم المساواة والفقر من اسباب التحرش الأولي. وقد استخدمت بعض هذه الملاحظة لشرح هذا الوباء الاجتماعي من الناحية الاقتصادية: لتنفيس الفقراء من الرجال عن مشاعرهم من عدم المساواة، والغضب والظلم على أضعف فئة و هم النساء. ولكن تنصف الحجة الاقتصادية المشكلة بالكامل ، حيث أن النساء يتعرضن للمضايقات من الفئات الاجتماعية الأكثر فقرا تماما إن لم يكن أكثر، من نظيراتها في الطبقات الغنية.
وقد تم تشكيل مجموعات الفيسبوك لمكافحة المسألة، مما يبرز وجودهم أيضا مع لافتات ملموسة في الشوارع. في حين أنها لا تزال تتلقى سخرية والازدراء، الا انها أجبرت الناس على ان يستيقظون. أحد العوامل الرئيسية هي عدم وجود عقوبات لردع المتحرشين قانونيا. فلا بد من الاعتراف بان واحدا من العوامل وراء استمرار هذه المشكلة. ان الشرطة في الشوارع تغض الطرف عن مثل هذا السلوك، وأحيانا تشارك في ذلك بأنفسهم. ليس هناك قانون لردع أولئك الذين يعيشون فقط للشهوة. ولكن الآن، لأول مرة، نشهد أدانة مثل هذا السلوك البربري بقوة من قبل "جيل الفيسبوك"، واصفا أولئك الذين لا يستطيعون السيطرة على أنفسهم بالحيوانات، و نشر الصور الساخرة لهم تصورهم براس خنزير على جسم الرجل.
و يختتم الكاتب مقاله قائلا ان عدم معاقبة المتحرش والتسامح الاجتماعي لا يزال السبب الجذري لهذه المشكلة. في الواقع، الكثير من الرجال لا يشاركون في مثل هذه الأنشطة لأنهم يرون أنها "دون المستوي"، ولكن لا يزالوا يعتقدون ان الضحية هي المسؤولة عن المضايقات التي تعرضت لها بسبب ملابسها. و لكن لحسن الحظ، يبدا الناس (على الرغم من عدد قليل جدا من الوقت الحاضر) رؤية حماقة إلقاء اللوم على الضحايا. فإنه لا يختلف عن لوم شخص أسود لتعاني من التمييز.
وقد أثارت وسائل الاعلام الاجتماعية وأفلام مثل 678 بالتأكيد الوعي. هناك جيل جديد من المصريون حريص على التعبير عن آرائهم ويسمع ويتأثر بمفاهيم مثل الحريات الفردية ,وحقوق المرأة هي بداية لاتخاذ الإجراءات اللازمة. و يتحول المجتمع ببطء ولكن بثبات، في موقفه محطما مواقف الأمس.