تستمر المعارك للسيطرة على حلب في شمال سوريا بين المجموعات المقاتلة المعارضة والقوات النظامية التي تقصف احياء المدينة برا وجوا، بينما ما زالت المساعي الدبلوماسية لحل الازمة السورية متعثرة. وعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي مساء الاحد اجتماعا تشاوريا في السعودية عشية انعقاد القمة الاسلامية الثلاثاء والتي ستطغى الازمة السورية على مناقشاتها.
وقال الامين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني للصحافيين "انه اجتماع يهدف الى تنسيق مواقفنا قبل القمة الاسلامية، وخصوصا في ما يتعلق بالملف السوري".
وعقد وزراء خارجية البحرين والامارات العربية المتحدة وعمان وقطر والكويت اضافة الى وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية نزار بن عبيدة المدني اجتماعا استمر نحو ساعتين في مدينة جدة السعودية.
وغاب عن الاجتماع وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل الذي خضع اخيرا لجراحة في الامعاء.
واوضح الزياني انه بعد الاجتماع السداسي، سيعقد الوزراء الخليجيون اجتماعا اخر مع وزراء ثماني دول عربية واسلامية بهدف تنسيق المواقف حيال الازمة السورية.
في القاهرة، اعلن نائب الامين العام لجامعة الدول العربية احمد بن حلي تأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي كان مقررا عقده الاحد في جدة حول سوريا، من دون اعطاء اسباب للارجاء.
واعلن السبت عن الاجتماع "لبحث العمل السياسي" الذي يمكن القيام به بعد استقالة موفد الاممالمتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان وذلك قبل 48 ساعة من قمة اسلامية استثنائية بدعوة من السعودية التي تحاول استنفار الجهود لايجاد حل للوضع السوري.
ميدانيا، قتل 150 شخصا على الاقل في سوريا الاحد في عمليات قصف واشتباكات واقتحامات نفذتها القوات النظامية وميليشيات موالية للرئيس بشار الاسد في مناطق واحياء يسيطر عليها مقاتلو المعارضة المسلحة، كما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له ان الحصيلة غير النهائية لقتلى اعمال العنف في سوريا الاحد بلغت 150 قتيلا على الاقل هم 49 مدنيا، بينهم 11 امرأة وطفلا، و56 مقاتلا معارضا و45 جنديا نظاميا.
ويضاف الى هذه الحصيلة 7 قتلى على الاقل قضوا تحت التعذيب او قتلوا في وقت سابق وعثر على جثثهم الاحد.
واوضح المرصد في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه فجر الاثنين ان حصة الاسد من اعداد القتلى كانت لمحافظتي حمص (وسط) وريف دمشق (21 قتيلا في كل منهما)، مشيرا الى انه في حي الشماس في حمص "استشهد 25 مواطنا منهم 16 مواطنا بينهم اربعة اطفال وثلاثة نساء وثلاثة مقاتلين استشهدوا اثر اطلاق نار رافق عملية اقتحام حي الشماس من قبل القوات النظامية".
واوضح المرصد انه وردته من ريف دمشق "معلومات عن استشهاد نحو 32 مقاتلا من الكتائب الثائرة المقاتلة وبعض المدنيين في منطقة الكسوة اثر اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية ليل السبت وفجر الاحد" لكن "لم يتم توثيق اي اسم حتى اللحظة وبحسب نشطاء من المنطقة ان القوات النظامية اختطفت جثامينهم".
وبحسب المرصد ايضا فقد قتل ما لا يقل عن 45 من القوات النظامية بينهم ضابط إثر اشتباكات في ريف دمشق وحمص ودرعا (جنوب) وحلب (شمال)".
في الوقت نفسه، تستمر العمليات العسكرية في مناطق اخرى من البلاد، لا سيما في ريف دمشق ودرعا (جنوب) وحمص وحماة (وسط). وقد قتل فيها الاحد 29 شخصا، هم 15 مدنيا وتسعة عناصر من قوات النظام وخمسة مقاتلين معارضين.
واتهم المجلس الوطني السوري المعارض وناشطون قوات النظام السوري "بإعدام عشرة شبان" مساء امس في حي الشماس في جنوب مدينة حمص بعد اقتحامه.
واتهمت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل ايران بالمشاركة في عمليات النظام، منذرة ب"رد قوي جدا في قلب النظامين الايراني والسوري".
وسبق الاقتحام قصف واطلاق نار كثيف استمر اكثر من 24 ساعة، بحسب المرصد وناشطين.
وتعرضت مدينة الرستن في ريف حمص اليوم ايضا لقصف مصدره القوات النظامية. وفي شريط فيديو بثه ناشطون حول مدينة الرستن الاحد، تسمع انفجارات ضخمة متتالية تشاهد بعدها حرائق تندلع ودخان اسود كثيف.
ويقول المصور في الشريط ان النظام يعتمد "سياسة الارض المحروقة" في الرستن المحاصرة منذ اشهر والواقعة تحت سيطرة الجيش الحر والتي تحاول قوات النظام اقتحامها. ويضيف "الا يكفي اننا محرومون من الماء والكهرباء والطحين والمواد الطبية؟".
وقتل اكثر من 21 الف شخص في سوريا منذ بدء الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الاسد في منتصف آذار/مارس التي تطورت الى نزاع مسلح دام.
في بغداد، حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الاحد من ان الدول التي تتدخل بشؤون دول اخرى في المنطقة "ستحترق"، مشيرا الى ان الفترة المقبلة ستشهد "تهاوي دول".
وقال المالكي "لا تفكر دولة من الدول تتدخل وتمد يدها بشؤون دولة اخرى انها ستكون بمنأى (...) قلناها في السابق وقلناها بالامس وسنراها غدا، كل الذين يتحركون بالتدخل ونشر الافكار الهدامة ستعود عليهم اليوم او غدا".
ويتهم العراق تركيا خصوصا بالتدخل في الشان السوري، ويرفض تسليح المعارضة السورية كما تطالب دول عربية مثل السعودية وقطر، ويطالب بحل سياسي للازمة.
كما اعلن نائب رئيس الوزراء العراقي الاحد ان سلطات بلاده اخرت رحلة لوزير خارجية سوريا وليد المعلم عبر العراق الى ايران بعدما اشتبهت بان الطائرة تحمل "موادا اخرى".
وقال حسين الشهرستاني في جلسة حوارية مع مجموعة من الصحافيين في بغداد ان المعلم اراد "ان يجتاز بطائرته حدود العراق الى ايران ومنعناه حيث كنا نخشى ان تكون في الطائرة مواد اخرى".
واستدرك "الحقيقة ان زيارة المعلم عبر الاجواء العراقية لم تمنع وانما طلبنا منهم ان يحددوا غاية الطائرة (...) وتم التعامل معها لكنها لم تمنع وتاخرت لحين استحصال موافقة من الجانب العراقي ولم تكن الموافقة تلقائية".
ولم يحدد المسؤول العراقي تاريخ الحادثة، علما ان وليد المعلم قام بزيارة الى طهران في 29 تموز/يوليو الماضي.
وفي بيروت، انتقد رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي سوريا من دون ان يسميها، رافضا "تحويل لبنان ساحة لتصدير الازمات الخارجية" و"تعريض امن اللبنانيين للخطر"، وذلك غداة الادعاء على الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة والمسؤول السوري اللواء علي مملوك بالتخطيط "لاعمال ارهابية" وتفجيرات في لبنان.
وينقسم اللبنانيون بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له. ومنذ بدء الاضطرابات في سوريا في منتصف آذار/مارس 2011، يشهد لبنان توترات امنية وسياسية بسبب تداعيات الازمة السورية.
وقررت الحكومة اللبنانية المؤلفة من اغلبية مؤيدة للنظام السوري، بتأثير من رئيسها ورئيس الجمهورية ميشال سليمان الوسطيين وكتلة وزارية تدعمهما، اعتماد سياسة "النأي بالنفس" في الملف السوري تحاشيا لمزيد من التوتر والانقسامات ومن تداعيات اكثر خطورة على البلد.
واشار ميقاتي الى انه طلب من الاجهزة المعنية "اجراء التحقيقات الضرورية والفورية لتحديد المسؤوليات في كيفية ادخال المتفجرات الى لبنان" من سوريا، بحسب ما جاء في الادعاء.
وقال "سنتخذ في ضوء المعطيات والنتائج (نتائج التحقيقات) الموقف السياسي والقرار الذي يتناسب مع الحفاظ على سيادة لبنان وإستقلاله".