إنها المرة الأولى التى تتجرأ فيها يدى، وأفكر فى الكتابة عنك يا سيدى ومولاى وإلهى، أفكر فيك طوال اليوم بدون انقطاع، حتى وأنا أعصيك أفكر فيك، ويملؤنى الرجاء بأنك ستكون غفورا رحيما، فتفارق بينى وبين معصيتى، وتضع قدماى على الطريق الصحيح، أخشاك فى كل نفس يخرج منى، وأخشى نفسى لأنها أمارة بالسوء، أبدأ يومى بالصلاة، طالباً منك الرزق والهداية، وأضع رأسى فى الليل وأنا مثقل بذنوب ومعاصٍ، فأجد نفسى مردداً لأسمك العظيم «الله» بينى وبين نفسى، وأغمض عينى وأستغرق فى النوم، وتظل شفتاى، تتمتم باسمك وتسبح لك «سبحان الله وبحمده»، لا أعلم وقتها، هل تصدقنى بأننى كنت ندماناً على ما ارتكبت من أخطاء ومعاص طوال اليوم، أم أننى أصبحت عبداً مدمنا للمعاصى، يقاطع هذه الفكرة فى رأسى صوت الشيخ عبدالباسط، وهو يتلو كلامك الكريم «إن الله يغفر الذنوب جميعاً إلا أن يشرك به» يعود قلبى للاطمئنان، ويضرب اليقين فى عروقى، وأتنفس غفرانك ورحمتك، بعد أن يملآن صدرى عن آخره، أتأمل كلمات كتابك عن الرحمة والغفران، فيزداد يقينى بأنك رب الأرباب، من غيرك يحتمل معاصى أهل الأرض، ثم يقول لهم، تعالوا لى تائبين مستغفرين، بدلتها لكم حسنات، من غيرك، نعصيه ونطلب منه فيجيب، ويعطى بسخاء، من سواك لنا، شغلت نفسى صغيراً بشكلك، وعندما تفتحت مداركى،أيقنت أن سر عظمتك أنك لا شبيه لك، لك وجه ويدان وعينان ولكن ليس كمثلهم من قبل أو من بعد، أنك أنت الله، تنظر لنا بعين الرحمة أولاً وأخيراً، تجيب دعوة المؤمن والملحد، لا تفرق بين عبادك الذين يقصدون بابك، تصبر وتصبر وتصبر إلى ما لانهاية، فصبرك ليس كمثله صبر، وجودك يغنى عمن سواك، أسأل نفسى مراراً وتكرراً، من له طاقة لتحمل كل هؤلاء البشر غير إله بمواصفاتك؟، أردد أسماءك الحسنى، فأجدها تستوعب كل من خلقت، باختلاف ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم، اليهودى يتعبدك، والمسيحى يصلى لك، والمسلم يؤمن بك، فنختلف فى كل شىء إلا أمام وجهك، ونطق اسمك، أعلم أنك لا تنظر إلى أشكالنا، وأن كل ما يهمك فينا هى قلوبنا، فأعمل جاهداً على نقاء قلبى.، وغسله بذكرك والتوبة إليك فى كل يوم وفى كل لحظة، أعلم أننى ضعيف أمام المعاصى، ولكن يقينى بأنك فوق كل المعاصى والذنوب، يمنحنى المقدرة على مواصلة استغفارى وتعلقى بأمل الفوز برحمتك، يا الله: ما أوسع هذه الرحمة، التى تجدد أملى دائماً فى الوقوف بين يديك وأنت راضٍ عنى، أحبك لأننى مقتنع بربوبيتك، وأخشاك لأنى أعلم أنك إذا أهملتنى هلكت، أحبك أكثر مما أخشاك، وأخشاك أكثر مما أخاف نارك، فأنا عبدك الذى تدبر له حياته، ولا تبخل عليه بجودك وكرمك، حتى فى أكثر اللحظات التى أكون فيها عاصياً، أدعوك دائماً بأن تضع فى قلبى الرضا، لأننى لا أريد سوى رضائك عنى، أسألك أن تضع فى عينى القناعة، وأنا قناعتى بربوبيتك لا مدى لها، أحيا بفضلك، وأرجو رحمتك، وأملى رضاك، أستطيع أن أكذب على الكون كله،إلا أنت، أستطيع أن أخفى عيوبى عن كل البشر، إلا أمامك، أخجل من نفسى، ولا أخجل من طلب عفوك ورضاك.. سبحانك لا إله إلا أنت.. يا من تعرف من هو عبدك الفقير الذى لا يعلمه أحد غيرك.