رحل عمر سليمان، الرجل الحديدي، والكاتم الأمين لأسرار الرئيس السابق حسني مبارك، رحل الرجل الذي عاش في صمت شديد، ليتوفى أيضاً، في صمت مُثير. ولد سليمان في محافظة قنا، و بدأ مشواره العسكرى عندما اللتحق بالكلية الحربية عام ألف وتسعمائة وأربعة وخمسين، كما تلقى تدريبا عسكريا اضافيا في اكاديمية فرونزي بالاتحاد السوفيتي ( سابقا ). درس العلوم السياسية في جامعتي القاهرة وعين شمس، وحصل على شهادتي ماجستير بالعلوم السياسية والعلوم العسكرية، ، وصل سليمان إلى منصب رئيس فرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة عام ألف و تسعمائة و أثنين و تسعين ، ثم تولى تولى منصب مدير المخابرات العسكرية، قبل أن يتم تعيينه مديراً لجهاز المخابرات العامة، عام ألف و تسعمائة و ثلاثة و تسعين. شارك " سليمان " في معظم الحروب المصرية بدءً من حرب اليمن، مروراً بنكسة سبعة و ستين، وصولا لحرب أكتوبرثلاثة و سبعين. كان سليمان رجلاً ذو اهمية دبلوماسية على المستوى الدولى، حيث تولى مسئولية الملف الفلسطينيى بتكليف من الرئيس السابق، حسني مبارك، ورغم أهيمة الملف إلا أن " سليمان " كان قليل الحديث حول هذا الملف الشائك، بل إن دوره قد تعدى دور وزارة الخارجية التي تولت هذا الملف لسنوات طويلة ..ولعب سليمان دوراً بارزاً في صفقات تبادل الأسرى خاصةً صفقة الافراج عن الاسير الاسرائيلي جلعاد شاليط .. كما أُسند لسليمان ملف المصالحة السودانية في الأعوام الأخيرة. وفقاً لوثائق وزارة الخارجية الامريكية، التي نشرتها منظمة ويكيليكس المناهضة للسرية، شريكاً لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية.
المحطة الأخطر في حياة عمر سليمان :
كان " سليمان ".. بصفته رئيساً سابقاً لجهاز المخابرات العامة، كاتماً لأسرار الإخوان .. تلك الجماعة، التي اعتبرها النظام السابق، كياناً محظوراً لا يمكن التعامل معه، فاعتقلوا أفرادها وقادتها، ووجهوا إليها أعتى الضربات الأمنية وهنا يأتي دور المخابرات العامة بقيادة اللواء عمر سليمان، حيث ذكر قبل وفاته، أن جهاز المخابرات العامة، كان بمثابة الصدر الحنون للجماعة، وكثيراً ما جنبها غضب نظام الرئيس السابق حسنى مبارك. حديث عُمر سليمان، اتفق إلى حد كبير، مع اعتراف عدداً من قيادات الجماعة قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، بأن جهاز المخابرات، كان يتعامل معهم بأسلوبِ أدمي، ويقدر مكانتهم. وبين ليلة وضحاها، انقلب الأمر، وتحولت علاقة الحُب والتقدير، إلى عداءِ واضح، وتحديداً فى صباح يوم السبت، الرابع من ابريل عام ألفين و اثنى عشر ، حينما توجه سليمان لتقديم أوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية، ليفجر مفاجأةً كبيرة، قلبت موازيين سباق الإنتخابات، لتقرر الجماعة بعدها، الدفع باثنين من كبار قادتها.. لدخول المعترك الانتخابي، هما المهندس "خيرت الشاطر" نائب المرشد العام للجماعة، والدكتور "محمد مُرسي" كمرشحاً احتياطياً حال استبعاد " الشاطر ". بعدها بدأت الحرب.. حرب لم تتوقف بين طرفين يعلم كليهما تفاصيل كثيرة عن الآخر، خاصةً سليمان، الذي قال أن لديه صندوق أسود سيكشف عنه قريبا... وفي الرابع عشر من ابريل الماضي، قررت اللجنة العليا لإنتخابات الرئاسة، استبعاد فرسا الرهان.. الشاطر وسليمان ، لتهدأ الحرب مؤقتاً .. لكنها لم تنتهي .. في انتظار تهديدات رئيس جهاز المخابرات السابق بكشف أسراره ... وعقب انتهاء الانتخابات الرئاسية .. وفوز مرشح الجماعة، الدكتور "محمد مرسي" ... ظن الكثيريين أن سليمان لن يتحدث .. وأن الأسرار ستبقى كما هي فقط لدى سليمان ولكن قبل خروجه للحديث، فوجئ الجميع بنبأ سفر سليمان لدولة الامارات ثم فجأة وفي ظهر الخميس التاسع عشر من يوليو عام ألفين و اثنى عشر، جاء نبأ وفاة عمر سليمان، فى مستشفى بالولايات المتحدةالأمريكية .. النبأ الصدمة لمعارضي سليمان قبل مؤيديه .. فجر عشرات الاستفهامات التي تنتظر الإجابة !!! متى ذهب سليمان لأميركا ؟؟ وهل سافر حقا إلى دبي ؟؟ هل توفي الرجل بشكل طبيعي .. أم أنه تعرض للاغتيال كما يشكك البعض ؟؟ بل ذهب البعض إلى الربط بين وفاة رئيس جهاز المخابرات العامة السوري مساء أمس الأربعاء، في تفجير نفذه الجيش السورى الحر .. وبين إعلان نبأ وفاة سليمان اليوم ؟؟ فهل كان سليمان متواجداً في سوريا ؟؟ هل تم اغتيال سليمان .. ؟؟ هل ستنكشف الأسرار التي وعد بالحديث عنها ؟؟؟ الحقيقة أننا لا نعرف ؟؟ لكن حتماً سيكشفها التاريخ .. عاش "عمر سليمان" لغزاً كبيراً ... ورحل أيضاً في لغزِ شديد ..