سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على المساومات التى تجرى حاليا بين الولاياتالمتحدةوباكستان بخصوص قضية إعادة فتح طريق الإمدادات على الحدود الباكستانية الأفغانية من أجل انسحاب القوات الأمريكية ومسألة دعم المتشددين. وذكرت الصحيفة - فى مقال افتتاحي بثته اليوم الثلاثاء على موقعها الإلكترونىأن الشاحنات بدأت فى عبور الحدود بين باكستانوأفغانستان هذا الشهر بفضل إصلاحالعلاقات مؤخرا بين إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومجموعة لواءات إسلام أباد المنقسمين والسياسيين المنتخبين. وقالت إن إعادة فتح طريق الإمدادات سيسهل انسحاب القوات الأمريكية والمعدات الهائلة من أفغانستان المقرر أن يتم من الآن وحتى نهاية عام 2014 وستسمح لباكستان بجمع تعويضات مؤجلة تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار من واشنطن. ورأت أن هذا الإجراء يغير مسار الحاجز الذى يقف بين الدولتين، مشيرة إلى أنه ومع ذلك فإن الأشهر السبع الماضية التى حجبت فيها باكستان حركة مرور الإمدادات أكدت حقيقة أن التحالف الأعمق الذى كانت تأمل فيه الإدارة الأمريكية فى يوم من الأيام من أجل تكوينه مع الدول المسلمة المسلحة نوويا هو صعب المنال فى المستقبل المنظور. وقالت إن الخطأ ليس الدبلوماسية غير الكافية من جانب الإدارة الأمريكية أوالضربات بدون طيار ضد أهداف القاعدة فى أراضى باكستان القبلية أو الغارة التى قتل فيها أسامة بن لادن فى مجمع بالقرب من قلب المؤسسة العسكرية الباكستانية. ولفتت إلى أن العائق الذى لا يمكن السيطرة عليه هو الاختلال الوظيفي السياسي فى باكستان المنقسمة بين نخبة مدنية مختلفة وفاسدة ومعزولة ومؤسسة عسكرية تعتمد على الحلفاء الإرهابيين ولديها هاجس الطموحات الجيوسياسية غير المقبولة والتى لا تعد فى المتناول. وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن هناك معركة دائرة بين حكومة الرئيس الباكستانى آصف علي زرداري - من حزب الشعب - وبين المحكمة العليا التى يرأسها افتخار محمد شودرى، مشيرة إلى أن المحكمة فرضت بالفعل الاستقالة على رئيس الوزراء الذى ينتمي لنفس الحزب استنادا إلى أنه رفض إرسال رسالة إلى السلطات السويسرية تطلب إعادة فتح تحقيق مع زرداري بشأن قضايا فساد. وأضافت أن شودرى صاحب التطلعات في الوقت الحالى يهدد بالإطاحة بثاني رئيس وزراء لنفس السبب - حتى مع أن الاحتمال الأغلب هو عدم تجدد التحقيق السويسرى سواء وصلت رسالة أو لا. وأشارت إلى أنه بينما تدور هذه المعركة التى لا تهدف إلى شىء فإن الباكستانيين يقومون بأعمال شغب بسبب العجز فى المياه والكهرباء ويستمر الاقتصاد فى التدهور وتتزايد الاعتداءات من جانب المتشددين الإسلاميين الموجودين فى باكستانوأفغانستان. ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أنه فى نفس الوقت يتخلف الجيش وجهاز استخباراته عن الآخرين مما يسمح للمدنيين بإساءة إدارة البلاد بينما يواصلون دعم متشدديهم الإسلاميين الذين يستهدفون بشكل منتظم القوات الأمريكية والمنشآت فى أفغانستان ويخططون للإرهاب فى الهند، ونوهت إلى أن الإعلام المتأثر كثيرا بالجيش يزيد من المشاعر المناهضة للأمريكيين. وقالت إن الإدارة الأمريكية رفضت مباشرة مطالب حكومة زرداري التى أرادت فرض رسوم تقدر بخمسة آلاف دولار للشاحنة الواحدة فى ابتزاز لإعادة فتح طريق الإمدادات. وأضافت أن هذه القناة كانت مغلقة فى أعقاب حادثة شهر فبراير الماضى التى قتل فيها 24 جنديا باكستانيا فى تبادل لإطلاق النار مع الوحدات الأمريكية على طول الحدود. وأوضحت أن إسلام أباد قبلت فى نهاية الأمر بتجديد الرسم السابق الذى تبلغ قيمته 250 دولارا، واعتذار ليس من القلب تماما من جانب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. وأشارت إلى أنه في مثل هذا الاتفاق غير السهل ليس من المرجح فى ظل أن الجيش الذى بدا مضطرا لدعم فصيل طالبان المتشدد ليكون نائبه فى أفغانستان ومصمما بنفس القدر على محاولته تحدى الهند من خلال استخدام إرهابيين ينوبون عنه هناك.