45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 5 مايو    ترامب يأمر بإعادة بناء وتأهيل سجن ألكاتراز    بعد الموافقة على توسيع العملية العسكرية.. 15 شهيدا في قصف إسرائيلي بغزة    رويترز: ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومى    لا أستبعد الخيار العسكري.. ماذا قال ترامب عن ضم جزيرة جرينلاند؟    15 شهيدا و10 مصابين إثر استهداف إسرائيلى لثلاث شقق سكنية غربى مدينة غزة    أشرف نصار ل ستاد المحور: توقيع محمد فتحي للزمالك؟ إذا أراد الرحيل سنوافق    كواليس حضور زيزو لتدريبات الزمالك    زوج شام الذهبي يتحدث عن علاقته بأصالة: «هي أمي التانية.. وبحبها من وأنا طفل»    عمرو دياب يُحيى حفلا ضخما فى دبى وسط الآلاف من الجمهور    زي الجاهز للتوفير في الميزانية، طريقة عمل صوص الشوكولاتة    ادعى الشك في سلوكها.. حبس المتهم بقتل شقيقته في أوسيم    ظهر بإطلالتين، عمرو دياب يتألق خلال حفله في القرية العالمية بدبي (فيديو وصور)    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    تفاصيل اتفاق ممثل زيزو مع حسين لبيب بشأن العودة إلى الزمالك    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    صراع ثنائي بين ليفاندوفسكي ومبابي.. جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    وكيل إسكان النواب: ترقيم العقارات ينهي نزاعات الملكية ويُسهل التصدير    لطلاب الثانوية العامة 2025، التعليم تنشر اليوم نموذجا استرشاديا ل الرياضيات التطبيقية    التحريات تكشف ملابسات وفاة شاب إثر سقوطه من الطابق الرابع    مصرع شخص وإصابة 7 في مشاجرة طاحنة بقرية نزلة حسين بالمنيا    سعر الموز والبطيخ والخوخ بالأسواق اليوم الاثنين 5 مايو 2025    اعتقال مسئول حكومي بعد انفجار الميناء "المميت" في إيران    المعارضة الإسرائيلية: جماعات تشجع اليهود المتدينين على التهرب من الخدمة العسكرية    مبادرة «أطفالنا خط أحمر» تناشد «القومي للطفولة والأمومة» بالتنسيق والتعاون لإنقاذ الأطفال من هتك أعراضهم    لهذا السبب..ايداع الطفلة "شهد " في دار رعاية بالدقهلية    بعد تعرضه لوعكة مفاجئة.. تطورات الحالة الصحية للفنان صبري عبدالمنعم    ردا على نتنياهو، الحوثيون: إخطار منظمة الطيران واتحاد النقل الجوي بقرار الحظر الجوي على إسرائيل    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    رئيس محلية النواب يستنكر فكرة تعويض المستأجرين بمساكن بديلة    شوقي غريب يقود المريخ للفوز الثاني على التوالي بالدوري الموريتاني    مجلس الشيوخ يناقش اقتراح برغبة بشأن تفعيل قانون المسنين    قداسة البابا يلتقي مفتي صربيا ويؤكد على الوحدة الوطنية وعلاقات المحبة بين الأديان    انتهاء الورشة التدريبية لمدربى كرة القدم فى الشرقية برعاية وزارة الرياضة    جودي.. اسم مؤقت لطفلة تبحث عن أسرتها في العاشر من رمضان    محافظ الجيزة ووزير الشباب يشهدان حفل ختام مهرجان إبداع بجامعة القاهرة    أول تعليق رسمي من جامعة الزقازيق بشأن وفاة الطالبة روان ناصر    العثور على جثمان شاب بترعة النعناعية في المنوفية    أمين الفتوى يوضح حكم الميت الذي كان يتعمد منع الزكاة وهل يجب على الورثة إخراجها    محمود ناجى حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلى فى الدورى    الرئيس الفلسطيني يبحث مع نظيره القبرصي تطورات الأوضاع السياسية    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    فرع محو الأمية بالإسماعيلية يفتتح دورة لغة الإشارة بالتنسيق مع جامعة القناة    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    سعر الذهب اليوم الاثنين 5 مايو 2025 عيار 14 بدون مصنعية ب 3,090 جنيها    ما هي محظورات الحج للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز التعاقد على شراء كميات محددة من الأرز والذرة قبل الحصاد؟.. الأزهر للفتوى يجيب    «في عيدهم».. نائب رئيس سموحة يُكرّم 100 عامل: «العمود الفقري وشركاء التنمية» (صور)    حالة الطقس المتوقعة اليوم الإثنين 5 مايو 2025 فى مصر    سعر الدولار اليوم الاثنين 5-5-2025 يسجل 50.68 جنيه للشراءمن البنك الأهلى    برج الميزان.. حظك اليوم الإثنين 5 مايو: قراراتك هي نجاحك    مساعد وزير الصحة ووكيل صحة سوهاج يتفقدان مستشفى ساقلته    مجلس جامعة الأزهر يوجّه توصيات مهمة بشأن الامتحانات    البابا تواضروس الثاني يلتقي أبناء الكنيسة القبطية في صربيا    جامعة القاهرة تصدر تقريرها الرابع للاستدامة حول جهودها في المجال الأكاديمي    رئيس مجلس الشيوخ يفتتح الجلسة العامة لمناقشة ملفي الأمن السيبراني وتجديد الخطاب الدينى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بشروا ولا تنفروا
نشر في الفجر يوم 28 - 06 - 2012

لقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشيراً لأتباعه، نذيراً لأعدائه، بل كانت مهمة الرسل لا تعدو هذين الوصفين:{وما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ }... (الأنعام:48)، (الكهف : 56)، وقد أمرالله في كتابه بتبشير المؤمنين والصابرين والمحسنين والمخبتين ..في آيات كثيرة.
ونقصد بخلق التبشير :التخلق بالصفات التي تستدعي الاستئناس والارتياح والتحبب وبث الأمل في القلوب، والبعد عن أساليب التنفير ودواعي الانقباض .. حتى في التخويف من الله والترهيب من النار.
وكان من أساليب تبشير رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يختار الوقت المناسب والقدر المناسب لأداء الموعظة والعلم كي لا ينفر الصحابة، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم :(يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا ) البخاري وعلق عليه ابن حجر بقوله:(المراد تأليف من قرب إسلامه، وترك التشديد عليه في الابتداء، وكذلك الزجر عن المعاصي ينبغي أن يكون بتلطف ليقبل وكذا تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدرج؛ لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلاً حبب إلى من يدخل فيه، وتلقاه بانبساط ، وكانت عاقبته غالباً الازدياد ...)
ومن حكمته صلى الله أنه استعمل أساليب التبشير في إيقاظ الهمم والتنشيط للطاعة، ومن ذلك قوله :(بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) صحيح سنن ابن ماجة وصلى العشاء مرة بأصحابه، وقبل أن ينصرفوا قال لهم :(على رسلكم.أبشروا.إن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحد من الناس يصلي هذه الساعة غيركم ) البخاري قال أبو موسى الأشعري :فرجعنا ففرحنا بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويحتاج الإنسان في حالات الاضطراب إلى التبشير بما يزيل عنه دواعي الاضطراب، فبعد نزول الوحي على رسول صلى الله عليه وسلم ذكر لخديجة رضي الله عنها ما جرى له، وأخبرها بخوفه على نفسه من هذه الظاهرة الجديدة، فبشرته بأن له من سابقة الخير ما يستبعد معها مكافأة بمكروه، فقالت:(كلا.أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق ..)، وكان هذا شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمته ليزيل عنها دواعي القلق على مستقبل هذا الدين :(بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض) روا الإمام أحمد وصححه الألباني .
وحتى في حالات الضعف البشري لم يكن رسول الله ليعنف أصحابه بفظاظة وغلظة، وهم الذين سمعوا بقدوم أبي عبيدة بجزية البحرين، فاجتمعوا على صلاة الفجر، وتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة، ففهم ماذا يريدون، قال :(فابشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقرأخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا...) البخاري .
والمؤمن محتاج في حال البلاء إلى من يكشف همه، ويبشره بما يسره، إما بفرج عاجل، أو بأجر آجل، ولقد وجد رسول صلى الله عليه وسلم أم العلاء مريضة فقال لها :(أبشري يا أم العلاء، فإن مرض المسلم يذهب خطاياه، كما تذهب النار خبث الحديد).
والمؤمن بشير في مواقف الأسى يسري عن الناس أحزانهم؛ بما يدخل البهجة إلى قلوبهم، ويبعد الكآبة عنهم، كتب زيد بن أرقم إلى أنس بن مالك زمن الحرة يعزيه فيمن قتل من ولده وقومه، فقال :أبشرك ببشرى من الله عز وجل، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :(اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار).
ولقد بشر الله المبايعين على الجهاد بما ادخر لهم من الأجر إن وفوا بالبيعة:{... فاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ }.. (التوبة: 111)، وبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم الموحدين بالجنة جزاء التزامهم بكلمة التوحيد قولاً واعتقاداً وعملاً –رحمة من الله سبحانه -:(أبشروا ، وبشروا من وراءكم؛ أنه من شهد أن لا إله إلا الله صادقاً من قلبه، دخل الجنة )، وقال جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم مبشراً المؤمنين الحذرين من صور الشرك كبيرها وصغيرها :(بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئاً، دخل الجنة) البخاري .
وفي توبة كعب بن مالك صورة عملية من صورالتعاطف الاجتماعي والتهنئة بقول التوبة، حيث ذهب إليه عدد من المبشرين، فناداه أحدهم قبل أن يصل إليه :( يا كعب بن مالك !أبشر، يقول كعب:فخررت ساجداً، وعرفت أن قد جاء فرج )وتلقاه الناس فوجاً يهنئونه بالتوبة ويقولون له :(لتهنك توبة الله عليك ) ولما سلم على رسول الله قال صلى الله عليه وسلم، وهو يبرق وجهه من السرور :(أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك).
ومن لطيف ما ورد في هذه القصة رواية نقلها صاحب كتاب فتح الباري الإمام ابن حجر رحمه الله، تبين مدى حرص المجتمع الإسلامي على تبادل البشريات، يقول كعب:(فأنزل الله توبتنا على نبيه حين بقي الثلث الأخير من الليل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند أم سلمة، وكانت أم سلمة محسنة في شأني معتنية بأمري، فقال:(يا أم سلمة !تيب على كعب ، قالت:أفلا أرسل إليه فأبشره؟ قال :إذاً يحطمكم الناس فيمنعوكم النوم سائر الليلة)، فقد كانت أم سلمة حريصة على ألا تنتظر الصباح وألا تدخر البشرى لرجل مسلم.
وقد وعد الله الذين آمنوا وكانوا يتقون بأن:{لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخر ...}.. (يونس: 64)، ومن البشرى العاجلة في الحياة الدنيا، أن يلقى المسلم قبولاً حسناً من إخوانه، وأن تشكره على إحسانه، فذلك من التبشير، وقد روى مسلم في باب (إذا أثني على الصالح فهي بشرى ولا تضره) حديثاً جاء فيه :قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه ؟ قال :(تلك عاجل بشرى المؤمن).
وحاله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه التبشير، كما في قوله :(إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا).قال في فتح الباري :(وأبشروا :أي بالثواب على العمل الدائم وإن قل والمراد تبشير من عجز عن العمل بالأكمل، بأن العجز إذا لم يكن من صنيعه لا يستلزم نقص أجره، وأبهم المبشر به تعظيماً له وتفخيماً ).
ومبنى هذا الخلق وأساسه أن يكون المسلم مصدراً للفأل الحسن والأمل الواسع، والعاقبة الخيرة، وألا يرى أخوه منه ما يكره.
أفبعد كل هذه الإشارات يقبل أحدنا لنفسه أن يكون مصدر شؤم، ومظنة تخذيل، وإحباط أو تنفير، أو قتل للقدرات؟ أم نشيع البشرى، وننشر التفاؤل، ونحيي النفوس ونحرض على الخير، ونعين على المعروف، ونستنهض الهمم إلى أن يكون كل منا بشيراً لإخوانه يحيي فيهم الأمل ويدفعهم إلى مزيد من العمل؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.