يلوح نابليون بونارت قصير القامة بقبعته المقرنة في دعوة الى القتال موجهة الى مئات من الجنود الذين استعادوا خلال عطلة نهاية الاسبوع بدء الحملة الفاشلة للجيش الفرنسي الكبير على روسيا قبل مئتي عام. وقال "الامبراطور" الفرنسي من على صهوة حصان "تحيا فرنسا، تحيا بولندا" وسط تصفيق القوات المتحمسة التي ارتدت الزي العسكري للقرن التاسع عشر مستعدة لخوض القتال على ضفتي نهر نييمن في كوناس وسط ليتوانيا.
وقد تجمع اكثر من الف شخص من الشغوفين بالتاريخ واسعتادوا السبت زحف نابليون بونابرت على روسيا القيصرية في 24 حزيران/يونيو 1812...لكن هذه المرة بقيادة اوليغ سوكولوف الاستاذ في جامعة السوربون في باريس.
ويقول سوكولوف الروسي الاصل لوكالة فرانس برس "الاحداث من هذا النوع هي كل حياتي، فانا مؤرخ". وقد ارتدى "نابليون" بفخر بزة الجنرال مع شريط احمر ودعمات الكتف المذهبة.
مع اعطائه شارة البداية انطلق مئات الرجال عبر النهر على متن مراكب او اطواف خشبية فيما صفق لهم مطولا الاف المتفرجين واستقبلتهم مدافع جنود الجيش الروسي.
صوت المدفع الذي يخلف غيوما من الدخان تضفي "طابعا حقيقيا" على هذه المعركة-المسرحية. وقد اضطر "الروس" في نهاية المطاف الى التراجع امام هجمات "الفرنسيين".
ويوضح ارفيداس بوسيوناس وهو شغوف بالتاريخ يجسد قائد اركان جيش القيصري الروسي "استعادة معركة مع مدافع وجياد وسيوف يشكل تحديا اكبر بكثير من انجاز مسرحية او فيلم. يجب مراقبة كل شيء في كل لحظة".
وجمع العرض اكثر من الف مشارك اتوا خصوصا من فرنساوروسيا ودول اخرى من المنطقة مثل ليتوانيا وبولندا وبيلاروسيا ولاتفيا واوكرانيا وجمهورية تشيكيا.
وكان الجيش الفرنسي الاصلي الذي عبر نهر نييمن في 24 حزيران/يونيو يضم 220 الف جندي.
وقبل معركة السبت، سار "الجنود" على انغام الطبول في متنزه كوناس المركزي حيث رفرفرت الاعلام الفرنسية على خيم بيضاء نصبت لغرض هذا التجمع.
ويقول فرنسوا فورجيه وهو سائح بلجيكي في الخامسة والثلاثين انضم الى جموع المتفرجين الذين اعتمروا قبعة نابليون "انها اشبه بمسرحية في الهواء الطلق مع اجواء رائعة".
وقرب الخيم رافقت نساء ارتدين ملابس تلك الحقبة الجنود الذين نام بعضهم قرب النار على كومات من التبن.
وتقول سفيتلانا بانتشينكو وهي مؤرخة من جيب كاليننغراد الروسي مع زوجها الكسندر الذي ارتدى بزة خضراء تحمل نسرا برأسين رمز روسيا القيصرية.
وشكل عبور نهر نييمن (نيموناس في اللغة الليتوانية) خطوة اولى في حملة نابليون الروسية.
رغم نجاحها في البداية، اتى الشتاء الروسي وتكتيك الارض المحروقة التي مارسها جيش القيصر، على جيش نابلويون.
وبالنسبة لليتوانيا وهي من دول البلطيق الان والبالغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، شكل وصول قوات نابليون بصيص امل من اجل تحقيق الحرية. فبعد تقاسم الدولة البولندية-الليتوانية العام 1795 بين روسيا وبروسيا والنمسا، كان الجزء الاكبر من ليتوانيا خاضعا لحكم القيصر.
واشارت وزيرة الدفاع الليتوانية راسا جوكفسيين السبت الى ان "الامبراطور بهزيمته في حملة روسيا عاد الى فرنسا فتلاشى امل ليتونيا باستعادة استقلالها".
لم تستعد ليتوانيا وبولندا استقلالهما الا بعد نهاية الحرب العالمية الاولى، في 1918.