سعر الدولار اليوم الأربعاء 16-7-2025 أمام الجنيه المصري فى بداية التعاملات    أسعار البيض اليوم الأربعاء 16 يوليو    الذهب يمحو جزء من خسائره في بداية تعاملات الأربعاء    45 دقيقة.. متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط»    "النقل" تعلن تمديد غلق الاتجاه القادم من تقاطع طريق الاسكندرية حتي تقاطع طريق السويس ل1 أغسطس    وزير البترول يجتمع مع نائب وزير الثروة المعدنية السعودى لبحث سبل التعاون بين البلدين    من الثقة إلى الخداع.. تحول كبير في خطاب ترامب ضد بوتين    تطورات جديدة فى مفاوضات بيراميدز والوكرة لضم حمدى فتحى    ترامب: بوتين يريد السلام ولكن أفعاله مختلفة !    بسبب هجوم جمهور الأهلى.. وسام أبو على يغلق حسابه على إنستجرام.. فيديو    النيابة تصرح بدفن جثامين 3 ضحايا في «حادث ديروط»    ضبط 6 من بينهم 5 مصابين في مشاجرة بين أبناء عمومة بدار السلام سوهاج    السيطرة على حريق شقة في الهرم دون إصابات والنيابة تحقق    وزارة التعليم: تدريس منهج القيم واحترام الآخر ضمن الكتب المطورة 2026    محمد خميس يسرد حكايته من طب الأسنان إلى مهرجانات المسرح    موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    مواعيد مباريات الأهلي الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    نجم الزمالك السابق: محمد عبدالمنعم أصعب مدافع واجهته في مصر    مفاجأة منتظرة من ممدوح عباس وجون إدوارد ل جماهير الزمالك.. خالد الغندور يكشف    الملك، تدهور الحالة الصحية لأعظم لاعبي كمال الأجسام عبر التاريخ بعد إصابته بعدوى مميتة (صور)    القومي للمسرح يواصل نقاشات الوعي الجمالي: الجسد والآلة والفضاء المسرحي في قلب الجدل الفني    رئيسا وزراء النمسا وإيطاليا يبحثان ملف الهجرة غير الشرعية    4 شهداء وعشرات المصابين في قصف إسرائيلي على خان يونس والنصيرات    تنسيق تمريض بعد الإعدادية 2025 .. التفاصيل الكاملة وشروط التقديم    موعد طرح شقق الإسكان الاجتماعي 2025 والتفاصيل الكاملة ل سكن لكل المصريين 7    ترامب: إيران تُريد إجراء محادثات بعد أن تم تدمير منشآتها النووية    "مساجد لها تاريخ".. الأوقاف تطلق أكبر برنامج مرئى عن المساجد التاريخية    وسط سخرية روسيا.. ترامب يطلب من كييف عدم مهاجمة موسكو    «مستواه مكنش جيد».. تعليق مثير من مسؤول الأهلي السابق على صفقة حمدي فتحي ل بيراميدز    المعهد الفني للتمريض والصحي 2025 .. درجات القبول ومزايا الدراسة وفرص التوظيف    "أخو العريس وابن خالته".. مصرع شابين أثناء توجههما لحفل زفاف في البحيرة    حارس مرمى ولاعب معتزل وابنتان.. 10 صور وأبرز المعلومات عن عائلة أحمد شوبير    "سيغير حياته".. لاعب منتخب مصر يقترب من الانتقال إلى الكويت الكويتي    حتى يصدقوا، كاظم الساهر يخمد نار ترند وفاته برد راق يخرس الألسنة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    تامر حسني يحتفل مع الكينج محمد منير بطرح ديو «الذوق العالي» وسط أجواء مبهجة    كانوا راجعين من فرح.. مصرع فتاة وإصابة 8 أشخاص سقطت بهم السيارة في ترعة (صور)    خبير اقتصادي وصوت وطني يقود العمل التنموي والسياسي بمحافظة الإسكندرية    «تعرف على آلامهم الدفينة» 3 أبراج هي الأكثر حزنًا    لأصحاب الذكاء العبقري.. حدد الخطأ في 8 ثوانٍ    جدول مواقيت الصلاة في مطروح اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025    كيف أتغلب على الشعور بالخوف؟.. عضو «البحوث الإسلامية» يجيب    «أكبر غلط بيعمله المصريين في الصيف».. خبيرة توضح أخطاء شائعة في التعامل مع الطعام    مقررة أممية: يجب وقف العلاقات مع إسرائيل ومحاسبة قادتها على جرائم الإبادة في غزة    البطريرك يوحنا العاشر: جلسات المجمع المقدس تنطلق 18 أكتوبر لبحث إعلان قداستين    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    مقتل شاب على يد والد زوجته وأشقائها بشبرا الخيمة    رائحة الثلاجة مزعجة؟ إليك الحل بمكونات منزلية آمنة    حقائق صادمة عن اللحوم المصنّعة ومكسبات الطعام    المغرب والصين يبحثان تطوير تعاون "ثلاثى الأبعاد" مع الدول الإفريقية فى الصحة    الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة خالد خليفة للرواية في دورتها الأولى    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    طريقة عمل السينابون زي الجاهز لتحلية مسائية مميزة    قصور الثقافة تواصل برنامج "مصر جميلة" بورش تراثية وفنية بشمال سيناء    ورشة عمل بدمياط لمراجعة منظومات المياه والصرف لتحقيق الاستدامة    ميرنا كرم تحتفل بتخرجها بامتياز بمشروع عن روحانية القداس المسيحي    هل يصل ثواب ختم القرآن كاملًا للمتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد ربيع: ربيع عربي وخريف أمريكي
نشر في الفجر يوم 11 - 01 - 2012

جاء الربيع العربي مبكرا في عام 2011 ليفاجئ العالم بزخمه وجاذبيته، لأن العالم لم يكن يتوقع أن تقوم الشعوب العربية يوما بثورة سلمية ضد حكامها الذين استهانوا بمشاعرها وأهانوا كرامتها واغتصبوا حقوقها لعقود.
وهذا جعل الثورة العربية ترمز إلى التفاؤل والأمل في حدوث تغيير جذري يضع العرب على طريق واضح المعالم، ينقلهم من الكبت والظلم والخوف إلى الحرية والعدل والطمأنينة.

ولقد تسبب نجاح الثورة في تونس في تحفيز شعوب عربية أخرى على التحرك وكلها ثقة بأن حظها لن يقل عن حظ التونسيين. وبالفعل، تبع سقوط نظام بن عليّ الذي اتصف بالفساد والاستبداد واستباحة موارد الوطن والشعب، سقوط نظام مبارك الذي لم يقل فسادا أو ظلما أو استباحة لموارد مصر وشعبها عن نظام بن عليّ. وهذا أدى إلى انتقال عدوى الثورة إلى شعوب عربية أخرى، وأسهم في نجاح بعضها في تحقيق أهدافها واقتراب آخرين من أهدافهم.

يتصف الربيع دوما بجماله ورقة نسيمه وأزهاره وعطره، ما يجعل الأمل يداعب قلوب عشاق الفصول في معايشة ربيع ناضج طويل. فهل سيكون الربيع العربي استثنائي ويستجيب لهذه الأمنيات؟ سؤال من الصعب الإجابة عليه في ضوء ما يمر به العرب من أزمة حضارية طاغية وتخلف اقتصادي وثقافي وفقر وجهل.

لكن، بغض النظر عما ستؤول إليه أوضاع الربيع وما بعد الربيع، ومهما كانت توجهات القوى السياسية والفكرية التي ستتولى مقاليد الحكم، يمكن القول أن نظام الحكم الذي ساد الحياة العربية قبل عام 2011 سقط ولن يعود، وأن أوجه الظلم التي رافقت الاستبداد قد انتهت، ما يجعل من غير الممكن أن يستمر نظام حكم قادم لا يعرف من أين يبدأ، ولا كيف يبني وطنا ومجتمعا سليما، ويحفز الجماهير على المشاركة في عملية البناء.

فيما كان الربيع العربي يُسقط رموز الاستبداد الواحد تلو الآخر، كانت أوروبا تدخل صيفا تميز بشدة الحرارة وارتفاع الرطوبة بعد ربيع طويل مثير ومثمر. ومع اشتداد الحرارة والرطوبة أخذ الإنسان الأوروبي يحس بضيق النفس وعدم القدرة على العيش حياة طبيعية، ما جعل شعوب أوروبا وقادتها ومفكريها يدخلون مرحلة صعبة تتصف بالتخبط واختلال التوازن.

نعم.. لقد عاشت أوروبا ربيعا طويلا نضج على يديها وشملها بحنانه على مدى نصف قرن تقريبا، شهدت خلاله ازدهارا ثقافيا واقتصاديا، واستقرارا سياسيا وأمنا لم تشهده منذ فجر التاريخ. لكن الأوروبيين لم يستطيعوا أن يحافظوا على ربيعهم لأنهم لم يحرصوا عليه، ولم يدركوا على ما يبدو أن الربيع بحاجة لعناية خاصة تشبه العناية بالورود كي يطول، وأنه لا يمكن لربيع أن يُعمر طويلا. لهذا فقد الأوروبيون ربيعهم الغالي، وفقدوا بفقدانه إحساسهم بالأمل والاستقرار والثقة بالنفس والتطلع نحو مستقبل أفضل.

إن الترحم على ربيع فات أمر مفهوم، والحنين لأيامه ولياليه أمر مقبول، لكن التمني عليه أن يعود إلى سابق عهده أمر يدعو إلى الشك في عقلانية هواة التمني، لأن كل ما يفوت يموت. وهذا يفرض على الأوروبيين أن يجدوا أولا طريقة للتخلص من حرارة الصيف ورطوبة الصيف، وأن يحددوا ثانيا العوامل التي تسببت في هروب الربيع قبل الأوان، وأن ينتقلوا بعد ذلك إلى التفكير الواعي في كيفية تحضير التربة أثناء فصل الشتاء القادم لاستقبال ربيع جديد بثوب جديد. فالربيع القديم لن يعود لأن حرارة الصيف ورطوبة الصيف أفسدت التربة القديمة وجعلتها غير صالحة لتجدد الربيع بحلته السابقة.

وفيما كان العرب يدخلون ربيعا واعدا، ويدخل الأوروبيون صيفا حارقا، كان الأمريكيون يدخلون خريفا عاصفا. إذ كانت أزمة أسواق العقار والبنوك التي بدأت في عامي 2007 و2008 على التوالي قد أغرقت الاقتصاد الأمريكي في أزمة عويصة متشعبة كشفت مدى هشاشة البنوك الأمريكية، وأسهمت في تعقيد أزمة اليورو والديون الأوروبية. وفي ضوء تواصل تلك الأزمات وتراكم تبعاتها السلبية على مجمل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في أمريكا وأوروبا، ومنها ارتفاع معدلات البطالة، واتساع دائرة الفقر، وتزايد حالات الإفلاس الشخصية والتشرد، وتراجع الاستثمارات ومعدلات النمو الاقتصادي، وتنامي فجوتي الدخل والثروة بين الفقراء والأثرياء دخلت أمريكا خريفا طال وطغى.

إذ على الرغم من مرور 4 سنوات على أزمة سوق العقار وأكثر من 3 سنوات على أزمة البنوك، لا تزال الأزمة الاقتصادية في أمريكا مستمرة، وأزمة العجز في الميزانية الفدرالية متواصلة، والتمحور السياسي يزداد حدة ويبتعد عن العقلانية.

إن التاريخ الذي يرفض أن يكرر نفسه مهما كانت الظروف والتبعات لن يسمح للعرب أو الأوروبيين أو الأمريكيين أن يستعيدوا أمجادهم الغابرة مستخدمين أدوات قديمة تجاوزها العصر وفلسفات عفى عليها الزمن. وإذا كان الربيع يرمز إلى الأمل والتفاؤل، ما يعطي العرب فرصة أطول للتفكير في حالهم وترتيب أمور بيتهم، يرمز الصيف إلى الغضب وفقدان الصبر، ما يفرض على الأوروبيين أن يتصرفوا قبل أن تفلت الأمور ويغدو من الصعب السيطرة عليها.

أما الخريف فيرمز إلى الاستسلام، ما يفرض على الأمريكيين أن يستغلوا فترة الركود ليفكروا مليا في أسباب ما أصاب اقتصادهم من عاهات وثقافتهم من تشوه، وأن يجدوا معادلة جديدة لإعادة هيكلة اقتصادهم وثقافتهم قبل حلول فصل الشتاء. فالشتاء يحمل معه أمطارا وثلوجا كثيرا ما تتسبب في تدمير بيوت كثيرة، وقطع تيار الكهرباء عن بيوت أكثر، وإغلاق شوارع وطرقات بلا عدد، وتعطيل مصانع عن العمل.

ولما كان الربيع هو أمل الجميع، ومحبوب الجميع، فإن على شعوب العالم أن تتحد وتعمل معا لإعداد التربة العالمية لإستقبال ربيع نوعي يكون مُلْكا الجميع، لا يستثني فقيرا أو ثريا، أسودا أو أبيضا، يشمل الجميع بحنانه وأشواقه ولياليه وسحره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.