كانت احتفالات أعياد الميلاد الماضية تنذر بأن المصريين مقبلون على عام غير عادي.. انفجر بركان من الغدر اطاح بجثث من كانوا يمنون انفسهم بعام جديد وسعيد داخل كنيسة القدسين بالإسكندرية، لكن الايام الأولى من عام 2011 التى حملت الحزن لهذا الوطن لم ترغب فى أن ينتهى الشهر الأول دون حدث يقلب المجتمع رأسا على عقب، فى 25 يناير اندلعت الشرارة الأولى للثورة.. وخرج المصريون ليطالبوا بالتغيير.. والآن وقبل أن يودعنا عام 2011 بإمكانا أن نستشرف حجم ما حدث من تغيير. فى مكتب النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود جاء التغيير فى نهاية شهر يناير بعد أن قرر تخصيص دفتر خاص لتقييد البلاغات والشكاوى المدعمة بالمستندات، الدفتر يحمل اسم «بلاغات النائب العام» وهو أمر لم يحدث منذ تخصص منصب قضائى بصلاحيات خاصة تحت مسمى النائب العام، وكان للنائب العام المساعد المستشار عادل السعيد والمتحدث الرسمى باسم النيابة العامة دور بارز فى هذا الدفتر لأنه يخضع لإشرافه المباشر.
قبل الثورة كانت الشكاوى والبلاغات المقدمة للنائب العام تقيد فى دفتر يحمل اسم «عرائض النائب العام» وهو دفتر لايزال موجودًا ويستقبل المزيد من البلاغات باعتباره الدفتر الأساسى لتلقى البلاغات العادية، إلا أن النائب العام قرر تخصيص دفتر جديد يختص بتقييد البلاغات المهمة المقدمة ضد رموز النظام السابق، وقضايا الفساد على أن يكون اتخاذ القرار فيها بشكل عاجل أو فورى عقب التحقيق الأولى بالبلاغ.
فى 2010 لم تزد البلاغات المقدمة طوال العام عن 20 ألف بلاغ دونت جميعها فى دفتر «العرائض»، واعتبر العاملون فى مكتب النائب العام الرقم قياسيا بالنسبة لعدد البلاغات فى الاعوام التى سبقته، إلى أن جاء عام2011 ليحطم هذا الرقم مثلما حطم غرور النظام الذى تستر على الفاسدين، عام الثورة وضع النائب العام ومكتبه أمام رقم قياسى جديد بلغ فيه عدد البلاغات 36 ألف بلاغ، موزعة بين دفترين، 12 ألف بلاغ فى دفتر البلاغات الجديد، و 24 ألف بلاغ فى دفتر العرائض المعتاد، وجرى فتح تحقيقات فيما يقرب من 95% من هذه البلاغات، بينما تم حفظ ال5% المتبقية بعدما ثبت عدم جديتها.
البلاغات قدمت ضد معظم رموز النظام السابق، والحالي.. بدءا من رئيس الجمهورية المخلوع.. ومرورا بالوزراء فى حكومات: نظيف، وشرف، وحتى الجنزوري، وكذلك بلاغات ضد المجلس العسكرى وعلى رأسه المشير حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة.
كان لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى نصيب الأسد من هذه البلاغات وليتصدر رموز النظام السابق فى عدد البلاغات المقدمة ضدده وبلغت 3 آلاف بلاغ تنوعت فيها التهم ما بين قتل المتظاهرين أو الفساد المالى والحصول على كسب غير مشروع واستغلال النفوذ، وإفساد الحياة والتعذيب بالسجون وداخل مقرات جهاز أمن الدولة الذى تم حله وعاد إلى الخدمة من جديد تحت مسمى جهاز الأمن الوطني.
وجاء فى المركز الثانى حسنى مبارك الرئيس المخلوع وكان نصيبه من البلاغات ألفى بلاغ.. تتنوع فيها التهم أيضا ما بين قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ والحصول على كسب غير مشروع بالمليارات، بل إن بعض البلاغات تتهمه بالخيانة العظمي.