في إطار سياسة التقشف وترشيد الإنفاق العام التي تتبناها الحكومة بقوة بعد الثورة تدور حاليا مشاورات داخل أروقة وزارة المالية يشارك فيها عدد كبير من الخبراء والمسئولين تهدف إلى إلغاء دعم الطاقة لمواجهة عجز الموازنة من خلال مراجعة شاملة لكافة بنود الموازنة العامة للدولة لبحث توفير مبلغ 20 مليار جنيه من الإنفاق العام والحد من عجز الموازنة الذي بلغ نحو 134 مليار جنيه.
وتنصب الدراسات التي تقوم بها وزارة المالية حالياً على إصدار قرارات حاسمة بإلغاء دعم الطاقة للمصانع كثيفة الاستخدام وأبرزها الاسمنت والحديد والأسمدة وغيرها من الصناعات التي تستهلك طاقة مدعمة كثيفة بالنظر إلى حجم الربحية التي تحققها من وراء هذا الدعم .
وفى الوقت الذي تدعى فيه الحكومة أن الهدف الرئيسي من هذه الإجراءات العاجلة تحقيق المعادلة الصعبة التي تعتمد على توصيل الدعم للمستحقين الحاليين خاصة أن خطة ترشيد الإنفاق العام لا تتوقف عند حد إلغاء دعم الطاقة فقط، مشيرا إلى أن هناك خطة ترشيد تتعلق بالجهاز الإداري للدولة، وتتمثل في الحد من الإسراف في استخدام السيارات الفارهة وتكاليف الكهرباء وخطوط التليفونات، بالإضافة إلى إقامة توازن بين حجم المكافآت التي يحصل عليها كبار مسئولي الجهاز الادارى لتوفير مخصصات يمكن من خلالها القدرة على تثبيت العمالة المؤقتة وتوفير فرص عمل لهم ونجن من جانبنا نستطلع اراء الخبراء وبعض المسئولين عن صناعة الحديد والاسمنت والأسمدة حول ايجابيات وسلبيات إلغاء دعم الطاقة وانعكاساتها على المواطن المصري خاصة محدودي الدخل .
اغلب الدول تدعم مصانع الاسمدة
في البداية يقول حلمي عمر رئيس مجلس إدارة إحدى شركات صناعة الأسمدة إن إلغاء دعم الطاقة بالنسبة لمصانع الأسمدة سوف يؤدى إلى تراجع هذه الصناعة خاصة التصدير ويوجد عدد كبير من المصانع يعتمد على التصدير إلى الأسواق الخارجية ولان اغلب دول العالم تقوم بدعم مصانع إنتاج الأسمدة بها فان ذلك سوف يؤدى إلى عدم تكافوء في مستلزمات الإنتاج والتي تمثل الطاقة القاسم الاغظم بها إلى جانب المواد الخام لدرجة إن الطاقة تعتبر بالنسبة لصناعة الأسمدة بمثابة مادة خام لأنها بالفعل خلال مراحل عملية الإنتاج تتحول إلى مادة خام .
وأضاف حلمي انه يوجد حقيقة لا يلتفت إليها احد وهى تتعلق بكون سعر الأسمدة بالسوق المصري اقل كثير من سعرها بالسوق الخارجي حيت يصل سعر طن الأسمدة بالسوق الخارجي إلى نحو 5,000جنيها في حين أن سعر الطن بالسوق المحلى لا يتجاوز 1800جنيها ،
واستبعد عمر وجود تأثير لإلغاء دعم الطاقة على مصانع الأسمدة في مصر للحد من نفقات الموازنة العامة واستبعد أن يؤثر هذا القرار على إقبال المستثمرين سواء الأجانب أو المصريين على هذه الصناعة مشيرا إلى أن إنتاج مصر من الأسمدة يكفى السوق المحلى ويتم تصدير الفائض إلى الخارج وهذا يعنى ببساطة أن السوق المحلى في مصر ليس في حاجة إلى مزيد من الاستثمارات في قطاع الأسمدة فضلا عن وجود عدد غير محدود من خطوط الإنتاج المعطلة أو المتوقفة أو التي لا تعمل بكامل طاقتها.
ارتفاع أسعار الاسمنت وارد
ومن جانبه أكد سمير علام رئيس مجلس إدارة غرفة مواد البناء ورئيس احد مصانع الاسمنت أن الموازنة العامة تعانى من عجز شديد لذلك كان من الضروري اتخاذ الحكومة لبعض الإجراءات التقشفية التي تهدف إلى الحد من عجز الموازنة وكان من بين تلك الإجراءات إلغاء دعم الطاقة عن مصانع الحديد والاسمنت وأضاف علام أن إلغاء دعم الطاقة عن مصانع الاسمنت والحديد من الممكن أن يعجل بزياد أسعار المنتج النهائي ولم ينفى أو يؤكد وجود ارتفاع في أسعار المنتج النهائي مكتفيا بكلمة ربما .
الإلغاء لابد أن يتم بالتدريج وبشكل مدروس
ومن جانبه أكد الدكتور محمد الدعوشى وكيل أول وزارة الصناعة ومستشار الوزير لشئون اتفاقيات الغاز الطبيعي والبترول هذا القرار لا يجب تطبيقه بشكل عشوائي وإنما يجب أن يتم وفقا لدراسات دقيقة فمثلا يجب أن يتم معرفة التأثيرات الاقتصادية على الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي من الممكن أن يلحقها ضرر من جراء تطبيق هذا القرار عليها وأيضا هناك بعض مصانع وشركات تحقق خسائر أصلا حتى الصناعات الكبيرة تحتاج إلى دعم حتى صناعة الحديد والصلب في أوربا تتلقى دعما من حكومات تلك الدول لذالك يجب دراسة كل صناعة على حده سواء بالنسبة للصناعات الثقيلة أو الخفيفة أو المتوسطة فكل مصنع له حالة خاصة وليس ذلك فحسب وإنما كل قطاع صناعي له حالة خاصة أيضا وكذلك يمكن أن يتم إلغاء الدعم بشكل تصاعدي وليس مرة واحد فلابد أن يتم الإلغاء بشكل تدريجي حتى نتمكن من توخى الآثار السلبية لان الإلغاء مرة واحدة يؤدى إلى انهيار لان أصحاب المصانع عندما يفاجئوا بهذا القرار ربما يكونوا مدانين بقروض للبنوك أو غير ذلك وغير مستعدين لهذا القرار وحول الجهة المنوط بها القيام بهذه الدراسات وأضاف مستشار وزير الصناعة أن الدراسة لابد أن تحدد عبر جدول زمني معروف تتراوح مابين ارب ع او خمس أسابيع ويمكن تركيز كل الكفاءات الوطنية النزيهة لتشارك في الدراسة من خلال جهات حكومية أو غير حكومية وتخرج تخرج بتوصيات يتم مناقشتها فى مؤتمر عام.
وأشار الدعوشى إلى أن الوضع الاقتصادي السىء لا يعنى الأقدام على إلغاء دعم الطاقة عن المصانع لأنة توجد العديد من الدول الأوربية وغير ها تمر بأوضاع اقتصادية أسوأ بكثير من الأوضاع التي يمر بها الاقتصاد المصري مثل اسبانيا وايطاليا واليونان .
وانتقد الدعوشى الأفعال يقوم بها البعض من تخريب وهى أفعال تؤدى إلى مزيد من التدهور للاقتصاد المصري مثل إشعال النار في المباني وتكسير السيارات كلها أمور تضرب الاقتصاد المصري في مقتل لان أعادة إصلاح المباني والأرصفة وعلاج المصابين وخلافة كلها أمور تحتاج إلى أموال طائلة لإعادة إصلاحها وكذلك من غير المعقول أن ترى شخص يمسك شومة ويقوم بتحطيم أشارة المرور .
الغزل والنسيج والصناعات الغذائية خط احمر
وحذر الدعوشى من خطوة إلغاء دعم الطاقة على صناعة الملابس والغزل والنسيج لأنها صناعة ضخمة ولكنها تمر بمشاكل وصعوبات أصلا وتضم أعداد كبيرة من العمالة وتحتاج أصلا إلى خطة إنقاذ وعليها ديون طائلة للبنوك وأيضا الصناعات الغذائية والتي يتم من خلالها توفير الطعام للناس والمطاحن والمخابز وهى قطاعات تحتاج إلى دعم ومساندة من الحكومة وحتى المصانع التي تقوم بالتصدير للخارج تحتاج إلى دعم ومساندة لأنها تجلب عملة صعبة إلى الاقتصاد المصري ولابد من الحصول على جزء من العملة الصعبة التي يحصل عليها المصدر والتي يجب أن يتم توجيهها إلى الدعم .
العائد يدخل جيوب أصحاب المصانع
أما بالنسبة لصناعة الاسمنت أكد الدعوشى أنها من الصناعات المتهمة بالاحتكار والمشكلة أنها من الصناعات المصدرة والتي تجلب عملة صعبة علما بان الدولة لا تستفيد بهذه العملة الصعبة لأنها في الغالب تهرب إلى الخارج وبالتالي فان هذه الصناعة تحقق استفادة شخصية لأصحابها بدعوى تشغيل العمالة والتي أصبحت شماعة ولا مانع من تشغيل العمالة وتحقيق إرباح ولكن لابد أن يكون هناك حس وطني لدى القائمين على تلك الصناعات وبحساب التكاليف وتكاليف الطاقة وان يقوم بدفع التكاليف بما يرضى الله وإذا كان صاحب المصنع يكسب بمقدار 400% فلابد حينئذ أن يقوم بسداد تكاليف استهلاكه من الطاقة بالسعر العالمي .
أما بالنسبة لصناعة الحديد عالميا فهي من الصناعات الوطنية التي تلقى دعم الدول بالخارج ولم يعد يصلح أن نقوم بخصخصتها بعد أصلاح المصانع أو أعادة هيكلتها ثم بيعها وانتقد قيام الحكومة ببيع عمر افتدى والذي يعتبر صرحا وطنيا
انهيار الزراعة
وتوقع الدعوشى أن إلغاء دعم الطاقة على بعض المصانع سوف يؤدى إلى ارتفاع أسعار معظم السلع لانها تعتبر تكاليف مضافة بل سوف تؤدى إلى تراجع أنشطة مثل الزراعة وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية مثل القطن والأرز القمح الذرة نتيجة ارتفاع أسعار الأسمدة ولعل نفس هذا السبب أدى إلى فشل الثورة الزراعية في روسيا التي كانت تعتبر على راس الدول الكبرى المصدرة للقمح والتي تحولت من مصدر للقمح إلى مستورد للقمح وجاء ذلك نتيجة عدم وجود سماد وقطع غيار للكرارات او الجراران أدى إلى فشل السياسة الزراعية .
وتساءل الدعوشى لماذا تصدير الغاز إلى إسرائيل تحديدا لان هذا من المفترض ألا يتم من الناحية الوطنية والقومية وأيضا لا يوجد إجماع شعبي على ذلك ومن الممكن أن يتم تصدير الغاز المصري وبأسعار أفضل إلى أسواق أخرى بخلاف إسرائيل وبأسعار أفضل مثل الأردن وسوريا مشيرا إلى أن السوق المحلى في حاجة إلى الحصة التي تحصل عليها إسرائيل والتي أدت إلى اتهام مصر بالخيانة ومن حين إلى أخر وتفجر خط الغاز .
القرار جاء متأخرا
ومن جانبه أكد سيد عتريس رئيس لجنة الحديد بشعبة مواد البناء أن قرار إلغاء دعم الطاقة عن مصانع الحديد والاسمنت تأخر كثيرا وكان يجب أن يتم إلغاء الدعم عن تلك المصانع من سنوات مضت مشيرا إلى أن مصانع الحديد والاسمنت لا تبيع بأسعار خاصة ولا تراعى حالة المستهلك والسوق المصري في وضع الأسعار وإنما تضع أسعارها وفقا للأسعار السائدة في السوق العالمي هذا يتم على الرغم من حصولهم على طاقة مدعومة خاصة في مجال الحديد والاسمنت وهى من الصناعات الأكثر استهلاكا للطاقة بالاضافه إلى أن مصانع الاسمنت تحصل على خامات من الطبيعة على خلاف المصانع في العالم وأشار إلى أن المبالغ الموجهة إلى الطاقة المدعومة في المصانع تتحول إلى أرباح طائلة تصب في جيوب أصحاب المصانع ولا يستفيد منها المستهلك أو الاقتصاد المصري أما بالنسبة للحديد فمداخلاته تأتى من الخارج ويتم سداد رسوم على تلك المدخلات التي تخضع للسعر العالمي .
واستبعد عتريس اى ارتفاع جديد في أسعار الحديد والاسمنت بعد إلغاء دعم الطاقة كما استبعد تأثير التصدير أو الاستيراد في مجال الحديد و والاسمنت.