لا أعد الانتخابات الرئاسية الحالية انتخابات في سياق طبيعي ومحاولة البعض إجبارنا على الاقتناع بأنها توفر قدرا من المساحة في الاختيار محاولة غير موفقة فنحن بصدد جولة جديدة من معركة مستمرة خسرت مصر عدة جولات منها إلى أن انتصرت في جولة 30 يونيو ذلك التاريخ الذي لن ينسى ابدا في حياة المصريين. نعم هي جولة جديدة من اختبار إرادة المصريين ومن يتحدث أنها معركة ما بين الانحياز الى دولة مدنية واخرى معسكرة فهو واحد من اثنين أولهما مجموعات تحسن الظن بتحالفات في الداخل والخارج اتحدت لتخريب البلاد بإدخال أهله في جدل ديمقراطي تبدو معه تركيبة البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية غير مهيأة لممارسة ما تمارسه اوروبا وامريكا من تداول للسلطة عقب حروب وصرعات راح ضحيتها الملايين. وثانيهما مجموعات رفعت شعار الإسلام وظنت انها احتكرت الحقيقة والحق وانفصلت عن جموع شعوبها واستعلت عليه فتاجرت بهمومه بدلا من علاجها وباتت رصيدا منتقصا من جهد يضاف لرصيد حركة مجتمع قرر أن يمتلك إرادته ويتسيد القرار في وطنه فقررت تلك المجموعات السير على ما دأبت عليه من بث الشائعات وطرد الأمل من النفوس و أن ما يجري اليوم ما هو ألا استنساخ لماض لا يعود. وهنا يتجلى دور التيار الرئيسى من المصريين الذين يملكون ميزانا لم تتأثر كفتاة بأهواء أو مصالح أو أحلام مخزنة وهم الملايين المشاركين في 30 يونيو وهم انفسهم الذين قرروا ممارسة الزحف المقدس خلف مسيرة تحرير البلاد من دنس عصر مبارك وفلوله من الإخوان التيارين اللذين اقتسما السلطة والمال ثلاثين عاما. حاول الكثيرون تشويش العقول وتعتيم الصورة وإشاعة الاحباط لكن المصريين منذ أن قرروا في وقفتهم التعبوية في 30 يونيو كانوا ينظرون إليهم نظرة الإشفاق فلا مسيرات ارهبتهم ولا تفجيرات أحبطت عزيمتهم ومازالوا في حالة استطلاع وترقب لكل خطوة بفهم ترسخ وعقيدة تأكدت. وظني أن المراهنين على غفوة جديدة في عقول المصريين يتسللون من خلالها خاسرون وسيبقى التيار الرئيسي يتحرك من محطة لأخرى غير عابيء بعبث صبياني يمارسه الماضي محاولا إيقاف عجلة المستقبل. نعم ليس تصويتا في انتخابات بل صرخة وجود يطلقها شعب أراد الحياة بلا كذب أو تآمر أو غش أو انتهاك لحق تقرير المصير..نعم إنه ليس تصويتا واختيارا بين مرشحين ببرامج تقليدية بل تصويت على بقاء وطن واستعادة دور وحضارة ظن أعداؤها أنها استكانت وسكنت في انتظار الطعنة الأخيرة. أما المقاطعون فسيذكرهم التاريخ بتهمة الغباء السياسي وسيقسو على من يجاهر نهم بذلك كل مصري شارك في تلك اللحظة التاريخية والخطوة الأولى نحو انتخابات رئاسية طبيعية في إطار طبيعي بعد أن تتخلص مصر من صراع تاريخي بين فكر التكفير الذي يتعامل مع مصر على أنها دار الكفر المستوجبة للفتح الإسلامي بعد أن تتخلص مصر من لعبة القط والفار بين الدولة والخارجين عليها تلك اللعبة التي كان وقودها أجيال وأجيال ضاعت إسهاماتهم في صنع وطن قوي قادر على التأثير في محيطه واع لتحرك أعدائه مستطعيا تحييد اختراق ساحته. ان الحديث عن الفروق بيين المرشحين عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي حديث عبثيا فهذا ليس تصويتا واختيارا بل استمرار لزحف طاهر خال من الأنانية خلف الوطن.. خلف الكرامة.. خلف الاستقلال الوطني ومن يعتقد ان تلك هي المرة الاخيرة التي تستدعى فيها الوطنية في وجدان المصريين هو واهم فما فترت عزيمة أعداء مصر بعد وما خلت أجنداتهم من مؤامرات والتاريخ يصدق أو يكذب كلامي. واخيرا أخاطب المرشح حمدين صباحي موجها له الشكر على دأبه وإخلاصه لمصر رغم ما أحمله له من تحفظات مؤكدا له أن الوقت ليس وقتك فانت المرشح الجيد في الوقت السييء لكن المصريين الآن في هذه اللحظة مستمرون في بيعتهم للمشير السيسي التي انعقدت في 26 يوليو ما عرف ب "تفويض السيسي" لاستعادة مصر واستقلالها وما التصويت الحالي إلا تذكير وتجديد للبيعة يشهره المصريون في وجوه أعدائهم. عاشت مصر ..عاش شعبها العظيم..وليخسأ كل خوان كفور.