على الرغم من اللوائح والقوانين التى تحمى العملات الوطنية بمختلف فئاتها، خاصة الورقية، من التزوير، إلا أن ممارسات البعض تظهر من وقت لآخر لتشويهها عبر الكتابة عليها، حيث يتم اللجوء لتسجيل عبارات تتراوح ما بين سب وقذف مرورا بعبارات الحب والغرام والذكريات أو التوسل والدعاء إلى الله والصلاة على النبى، حتى وصل الأمر لتكون إحدى محطات التشويه المتعمد للعملة الوطنية من خلال الإساءة للجيش المصرى بكتابة عبارات مثل "يسقط يسقط حكم العسكر" وغيرها. وما يحدث حاليا لم يكن الواقعة الأولى فى تاريخ الإساءة للعملة الوطنية، حيث سبق ذلك ما حدث قبيل إقامة كأس العالم التى شاركت مصر فيها مطلع التسعينيات، حيث انتشرت موجة من الكتابة على العملة الورقية لتشجيع الفريق المصرى، وهو ما قابله البنك المركزى بتوجيهات للبنوك بجمع هذه العملات فيما بعد والسماح بطباعة عملات جديدة. واللافت للنظر ومنذ تولى الرئيس المعزول محمد مرسى سدة الحكم فى مصر، انطلاق العديد من حملات من جانب نشطاء سياسيين كان من بينها حملة جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي للكتابة على الأوراق النقدية المتداولة بين الناس مع استخدام عبارات "تسقط دولة المرسي" في إشارة للرئيس محمد مرسي، وعبارة "يسقط حكم المرشد" احتجاجا على الأوضاع التي تعيشها البلاد، وفى ظل هذه الممارسات المسيئة للعملة الوطنية، تظل هذه العملة تتداول بين الجمهور أو افتقادها لقيمتها طالما لا يقبل أحد التعامل بها، فمع حالة التشويه الموجودة، ووفقا لتعليمات البنك المركزى، ممنوع على البنوك تسلمها ورد قيمتها على أن تظل تتداول حتى تصل إلى مرحلة الإتلاف فيتم تجميعها بعد أن تضيع معالمها. وأمام هذه الممارسات، طالب خبراء مصرفيون بإصدار تعليمات فورية من البنك المركزى تقضى بالسماح لأى مواطن يحمل عملات مكتوب عليها عبارات مسيئة بتغيرها من أى بنك مع عدم تحميله أى مخاطر قانونية. وأشاروا إلى أن مثل هذه الممارسات تضعف من قيمة العملة فى السوق المحلية، حيث يرفض بعض أصحاب المحال والباعة التعامل بها فى ظل حالة التشوه التى تتعرض لها، وأجمعوا على أن هذا السلوك أشبه بسلوك المراهقين الذين يعبرون عن حبهم بالكتابة على الجدران والحوائط وينتقلون إلى الكتابة على العملة. ورصد "صدى البلد" انتشار عملات ورقية مكتوب عليها العديد من العبارات المسيئة مثل "يسقط حكم العسكر"، وأرجع البعض وجود هذه الممارسات إلى أنصار جماعة الإخوان المسلمين وشباب بعض الحركات الثورية الرافضين لما يسمونه "حكم العسكر". وقالت الخبيرة المصرفية الدكتورة بسنت فهمى إن القانون يجرم الكتابة والتشويه المتعمد للعملة الوطنية، مشيرة إلى أنه على الرغم من وجود نصوص واضحة فى القانون، إلا أنه يصعب تطبيقها، حيث نجد استحالة تحديد من المسئول عن ذلك. وأضافت فهمى ل"صدى البلد" أن مسألة تجريم تشويه العملة الوطنية معمول بها فى مختلف بلدان العالم، مشيرة إلى أنه على البنك المركزى سرعة التحرك لتجميع أكبر قدر من هذه العملات تهميدا لإعدامها ثم طباعة أخرى جديدة. وقال الخبير المصرفى أحمد آدم ل"صدى البلد"، إن "الكتابة على العملات الورقية أسلوب مرفوض لأنه يمس عملة الدولة ويطول بشكل أو بآخر أحد رموزها المهمة أمام المواطن وأمام العالم والسياحة وكل من يستخدم عملتنا الوطنية"، مشيرا إلى أن البنك المركزى لديه آليات واضحة للتعامل مع العملات التالفة أو الأخرى التى أصابها أى نوع من الضرر، حيث يتم جمعها من البنوع واستبدالها بعملات ورقية جديدة. وأضاف آدم أنه لمواجهة ما يحدث حاليا من ممارسات تضر بالعملة الوطنية وبالذات كتابة عبارات مسيئة أيا كان مقصدها أو الجهة التى تستهدفها، ينبغى أن يصدر البنك المركزى وفورا توجيهات واضحة وسريعة للتعامل مع هذه الممارسات من خلال أمرين، الأول توعية المواطنين وتعريفهم بمخاطر هذه الممارسات وتوجيههم إلى أقرب فرع لأى بنك لاستبدال هذه العملات دون أى مسئولية قانونية، والأمر الثانى يتركز فى إصدار توجيهات من خلال نشرة دورية للبنوك بجمع هذه العملات وتوريدها للبنك المركزى، بحيث يتم إعدامها وطباعة نقود جديدة مكانها. ولفت إلى أن البنك المركزى أصدر منذ سنوات طويلة قرارا تم توجيهه لجميع البنوك يمنع تلقى أى عملات ورقية عليها رسومات أو كتابة واستبدال قيمتها لمن يحمل هذه الأوراق، مشيرا إلى ضرورة إصدار تعليمات جديدة من "المركزى" للتعامل مع هذه الممارسات. وقال الخبير المصرفى إن مسئولية ضياع قيمة العملة التى جرى تشويهها بأى شكل تقع على من يحملها ووافق على تداولها أو الحصول عليها.