حالة من الصراع والتنافس والاستقطاب الحاد تشهدها مصر على مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر وحتى فى الشارع بين هاشتاج تحيا مصر الذى تديره حملة المرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى وهاشتاج هنكمل حلمنا للمرشح حمدين صباحى. الصراع مشتعل والحرب تدور رحاها بلا هوادة وكل معسكر يرى أن مرشحه هو الانسب والاصلح لقيادة مصر خلال الفترة الصعبة المقبلة وانه هو وحده القادر على ان يصل بسفينة الوطن إلى بر الامان وحمايتها من أمواج الانقسام والاستقطاب المتلاطمة . وبنظرة تحليلية لفكرة الهاشتاجين الذين يعصران مصر عصرا حاليا يمكن ان نلمس الاتى : فكرة هاشتاج تحيا مصر تدور فى إطار وطنى وبعد قومى وهو الحياة لمصر وليس للمرشح المنتظر لأن مصر خسرت الكثير منذ 25 يناير 2011 وحتى الان وهذه الخسائر تتمثل فى افتقاد الامن والاستقرار وانتشار البلطجة والتظاهر والمصدامات المستمرة بين أبناء الوطن الواحد حتى صار هذا الوضع أسلوب حياة وولد هذا الوضع حالة من الانقسام والتنافر وازدادت مصر انقساما على انقسامها وأصبحت أكثر من معسكر فهناك معسكر الاخوان ومواليهم ومعسكر السيسى ومعسكر حمدين صباحى يضاف إلى ذلك معسكر النشطاء والثورجية الذين لا يريدون الاستقرار ويصرون على رفض كل الاوضاع دون البحث عن حلول لإذابة الجليد المتراكم وإطفاء النار المشتعلة بين جميع الاطراف. فى رأيى المتواضع أن هاشتاج "تحيا مصر" يجسد فكرة الوطن فى أبهى معانيها ويقود إلى فكرة الدولة التى تبحث عن استعادة مجدها ومكانتها التى ضاع الكثير منها بفعل تصرفات أبنائها قبل مؤامرات أعدائها لأن رفض كل شئ ليس حلا فما أسهل الرفض والمعارضة على الفاضى والمليان . المطلوب من الجميع الالتفاف حول فكرة الوطن وتضخيمها والعمل على تطويرها وتنميتها . نعم النقد مطلوب ولكن النقد البناء الذى يعمل على رفعة الوطن وإخراجه من محنته والصعود به إلى الاعلى بحثا عن القمة بدلا من استمرار محاولات الضغط عليه لغرسه فى مستنقع الخلافات الجدلية التى لا تنتهى والتى عانى منها الوطن وعانى منها كل المصريين طوال أكثر من 41 شهرا تبدأ من يناير 2011 حتى وقتنا هذا . هذا الخلافات اخرت الجميع كثيرا ولم نتقدم خطوة واحدة للامام بل بالعكس تراجعنا خطوات كثيرة للخلف تحتاج إلى وقت طويل لاستعادة ما كنا فيه فقبل الثورة رغم ما كان فى مصر من غبن وظلم كان معدل النمو الاقتصادى فى حدود 7% ولكنه تراجع بشكل مخيف ومعه الاستثمار الاجنبى المباشر وغير المباشر وهو الامر الذى خلق واقعا اقتصاديا مريرا جعل مصر تستجدى المساعدات من الاشقاء العرب حتى تضمن استمرار حياة أهلها فهل هذا يليق بمصر ؟. الاحساس بالرغبة فى إعادة هيكلة الوطن والعمل على استعادة دوره المفقود ومجده الضائع تولد لدى من متابعة حوار المرشح عبد الفتاح السيسى على فضائيتى cbc وon tv حيث بدا الرجل واضحا وصريحا فى سعيه لإعادة لملمة أشلاء الوطن وإعادة بنائه على أسس قوية وراسخة تعيد له هيبته المفقودة من خلال المصارحة والمكاشفة والعمل الجاد من أجل بناء مصر بعيدا عن الطنطنة واستمرار حالة البكاء الهستيرى على اللبن المسكوب فكفانا ما ضاع منا ومن عمر الوطن . أما هاشتاج هنكمل حلمنا فأنا أراه أمر شخصى يخص المرشح حمدين صباحى الذى يسعى لتحقيق حلمه الشخصى بأن يكون رئيسا لمصر بعد أن خرج من سباق الانتخابات الرئاسية فى 2012 بقارق يزيد على 700 ألف صوت حيث حصل على 4 ملايين و700 ألف صوت وحصل ثالثا بعد مرشح الاخوان محمد مرسى الذى حصل على 5ملايين و700 ألف صوت والمرشح أحمد شفيق الذى حصل على 5ملايين و505 ألف صوت ولم يتمكن حمدين من دخول الاعادة . حمدين صباحى يسعى للوصول الى كرسى الحكم فى الاتحادية بغض النظر على الاوضاع الراهنة وأراه فى لقاءته يميل إلى الاستعراض التليفزيونى أكثر من طرح حلول للمشاكل الراهنة ومعظم بنود برنامجه الانتخابى مجرد أفكار على الورق الكثير منها صعب تحقيقه. وبعض تصريحاته يجانبها التوفيق وكأنه يطلق بالونات اختبار فى الهواء أو يلعب على دغدغة المشاعر والاحاسيس عند البسطاء فتصريحه بأنه سيوفر 160 مليار جنيه من لموازنة وهم كبير لأن عجز الموازنة فى مصر أكثر من 350 مليار جنيه وهو الامر الامر الذى دفع الكثير من الاقتصاديين ومنهم الدكتور عبد العزيز حجازى رئيس وزراء مصر الاسبق للرد عليه والتساؤل عن البنود التى يمكن ان يستقطع هذا المبلغ الضخم منها فى ظل سعى الجميع إلى تحسين أوضاعه المالية وانتشار المطالب الفئوية وتعالى الاصوات المطالبة بتطبيق الحد الادنى والاقصى للاجور . المثير فى الامر ان حملة المرشح حمدين صباحى تركز على انتقاد المرشح عبد الفتاح السيسى أكثر من تركيزها على البحث عن الوسائل اللازمة لدعم مرشحها وكسب مناصرين جدد له لدرجة أنها تذكر السيسى أكثر من ذكر مرشحها وفى تصورى أن ما تفعله حملة صباحى يعد من قبيل الدعاية المجانية للسيسى. حمدين صباحى مازال يردد نفس الافكار ونفس الكلمات ونفس النغمة التى يتقنها واعتاد عليها طوال السنوات التى خلت منذ عهد حسنى مبارك لم يطور أفكاره أو يجدد أطروحاته فجاءت النتيجة صادمة له حيث تخلى عنه الكثير من رموز مناصريه وداعميه خلال الانتخابات الرئاسية الماضية فحمدى قنديل وعبد الحكيم عبد الناصر وخالد يوسف كانوا من أشد الداعمين له فى الانتخابات الماضية وتخلوا عنه وأعلنوا دعمهم للسيسى إذن هناك أخطاء فى حملة هنكمل حلمنا دفعت المناصرين للتخلى عن المرشح الذى يرتدى بدلة عبد الناصر ويصر على ذلك رغم انها واسعة جدا عليه. حان وقت الوحدة والالتفاف حول الوطن بدلا من استمرار الصراع الممقوت على المصالح الشخصية لأن الوطن يحتاج الجميع ويسع الجميع نريد ان نعيد هيكلة وبناء مصر على أسس متينة يمكنها مواجهة أى زلزال أو إعصار أو حتى تسونامى من جانب المتربصين بها وهم كثر. على الجميع ان يعلم أن نجاة مصر نجاة للجميع وهلاكها هلاك للجميع علينا ان نتوحد ونعيد ترتيب الاولويات حتى نستطيع ان نقول بملئ الفم والقلب هنكمل حلمنا .. وتحيا مصر وطنا للجميع .