قدم اللواء رفعت عبد الحميد، خبير العلوم الجنائية والخبير الأمني، عدة حلول جذرية لمواجهة ظاهرة البلطجة في مصر، عقب فشل الأجهزة الأمنية في السيطرة عليها خاصة في فترة ما بعد الثورة، وهى من وجهة نظره حلولا تقضى على الظاهرة وتنفع المجتمع وتؤدي إلى وقايته من مخاطر المجرمين ومعتادي الإجرام والبلطجية الذين ينتشرون في جميع محافظات مصر. وقال عبد الحميد إن إعادة هيكلة جهاز الشرطة ليس علاجًا كافيًا للقضاء على ظاهرة البلطجة، والجرائم التي ترتكب جهارًا نهارًا في كل المناطق، فالجريمة في مصر تطورت بعد الثورة ولم تصبح جرائم تقليدية تلقائية بل أصبحت تشكل بادرة خطيرة لتسلل الجريمة المنظمة والكاملة إلى المجتمع المصري. وأضاف عبد الحميد أنه عقب الثورة حدث في مصر ما يسمى "إفلاس العدالة العقابية"، بمعنى أن العلة من التشريعات العقابية وهى الردع العام والخاص، فشلت في علاج ظاهرة البلطجة والحد من جرائم الترويع والسطو المسلح وسرقات البنوك والسيارات والمواطنين، فإذا كان الهدف من تلك التشريعات والقانون الجنائي المصري أن تكون نافعة للمجتمع ومؤلمة للمجرمين، فإنها أصبحت غير نافعة وغير مؤلمة، وهو ما يحتاج لإعادة نظر من الجهات المسئولة. وأشار الخبير الأمني إلى أن المجرمين اخترقوا القانون سواء كانوا مجرمين بالوراثة أو مجرمين معتادي الإجرام أو حتى المجرمين بالصدفة، ومن المعلوم أن علاقة رجال الشرطة بالمجرمين تنتهي فور ضبط المتهم وعلاقة النيابة تنتهي بإحالته للمحاكمة، كما تنتهي به علاقة القاضي بمجرد النطق بالحكم، فالجميع لم يفحص الأسباب ولم يشغل أحدهم باله بالبحث عن العلاج. وقال إنه يجب أن تحدث ثورة علمية على القانون الجنائي المصري بشقيه "الجنائي" و"العقوبات" لأن المجرم أصبح لا يخاف من القانون ولا يخشى عقوبة السجن ولا يعمل أي حساب للمجتمع الذي يعيش فيه، وأصبح القانون كأن لم يكن. وحول علاج تلك الظاهرة قال إنه كما حدث في كثير من الدول الأوروبية قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية عقب كثير من الثورات، وكان العلاج السريع لظاهرة البلطجة هو معالجة أسبابها سواء الذاتية التي تخص المجرم نفسه وهى الأسباب النفسية والعضوية، والأسباب العامة للجرائم بشكل موسع في الدولة وهي الظروف المحيطة بالبلطجي أو المجرم، حيث لم يتجرأ أي إنسان أو أي جهة رسمية أو غير رسمية في مصر باستدعاء فلول ومقادة ميليشيات البلطجة لمعرفة الدوافع والبواعث على ارتكاب جرائمهم المتكررة. ووصف عبد الحميد البلطجية ب "المرضى النفسيين" الذين يجب علاجهم وإيجاد حلول للجريمة ودوافعهم لارتكابها، كما يجب تفعيل القانون الجنائي الإنساني أو الاجتماعي، وليس القانون التقليدي، فيجب أن تمتد سلطة القاضي الجنائي إلى ما بعد صدور الحكم ومتابعة المجرم داخل السجون وخارجها وهو ما يجب أيضا على مؤسسات المجتمع المدني إعمالا بما يعرف ب "قانون الدفاع الاجتماعي" فالعبرة في معالجة الأسباب وليست بقوانين غير مفعلة.