مما لا شك فيه أن السعودية والإمارات ومصر أصبحت الآن كيانا واحدا، والمواقف المشرفة للسعودية والإمارات تجاه مصر جعلها تأخذ هذا الموقف التصعيدي تجاه قطر، خاصة بعد محاولات السعودية الحثيثة لإجراء المصالحة بين قطر ومصر، مقابل مهلة منحتها السعودية للإدارة القطرية لتعيد ترتيب أوضاعها، ويبدو أن المهلة انتهت دون تغيير في الموقف القطري، فكان هذا الإجراء بسحب السفراء. وجاءت خطوة سحب السفراء خطوة مهمة من الناحية السياسية، تجعل الشعب القطري يأخذ خطوات هامة ويراجع حساباته ضد إدارته التي تتبع الإدارة الأمريكية بلا وعي أو نقاش، بعد أن أعمتها الكراهية عن رؤية الحقيقة، وجعلت من نفسها إحدى الولايات التابعة لأمريكا. وأعتقد أن السياسة القطرية لن تتغير، لأن قرار قطر ليس بيدها، فأمريكا تلعب لعبة قد تؤدي إلى العصف بمصالحها في منطقة الشرق الأوسط عن طريق الدمية المسماة بقطر، متوقعا أن تنفلت خيوط اللعبة من يدها وتنهار مصالحها". والآن أري أن سحب السفراء الخليجيين من قطر، بداية تحول حقيقي في السياسات الخارجية الخليجية، لا سيما لهذه الدول الثلاث، التي تجنبت طوال السنوات الماضية، الدخول في مواجهة مباشرة علنية مع قطر، واتخاذ خطوات عقابية علنية ضدها؛ وذلك رغم تعدد قضايا التوتر بين قطر والسعودية، وبين قطر والبحرين، وتزايد الامتعاض الخليجي من سياسات قناة الجزيرة. ويعد هذا تطورًا مهمًّا، مقارنة بالوضع السابق على تولي تميم؛ إذ كان هناك توتر خليجي "مكتوم"، و"امتعاض" شعبي من الدور الذي تمارسه قطر في دول الثورات العربية، بعد بدء عملية تشكل السلطة الجديدة فيها، لا سيما في تونس وليبيا ومصر، وكذلك امتعاض روسي، وهذا ما عبر عنه صراحةً التهديد الذي وجهه الممثل الروسي في الأممالمتحدة إلى وزير الخارجية القطري، أثناء مناقشة الملف السوري؛ حيث هدده بأن تعيد روسياقطر إلى حجمها "الطبيعي" إذا لم تغير سياستها تجاه سوريا.