ولأن الأب كان مجرد مدرس أول في مدرسة فنية صناعية والام من عائلة فقيرة هى الأخرى؛ فقد حرمت الفتاة من أشياء كثيرة حلمت بها وباقتنائها وهي طفلة.. ولقنها أبوها الحقد على الأغنياء وتمنى زوال النعمة من بين أيديهم؛ وفى الوقت نفسه مصادقتهم والتقرب منهم للحصول على أكبر مكاسب ممكنة.. وأصبحت "عفاف" تجيد هذه اللعبة، خصوصا في المدرسة؛ فقد كانت تتعمد صداقة اى فتاة تسمع عنها أنها غنية وتستغل براءتها وقدرتها غير المحدودة على كسب ود الآخرين من خلال افتعال الاهتمام بمشاكلهم والتوحد مع همومهم والتدخل في كل صغيرة وكبيرة في شئونهم الخاصة جدًا؛ والسؤال باهتمام شديد عن تطورات القصص التي يحكونها عن حياتهم؛ وإبداء الرغبة في القيام بأى مهمة لهم.. وتحولت بفعل هذا السلوك الى صديقة لمعظم زميلاتها في المدرسة؛ وخاصة من تنتمي منهن إلى عائلات ثرية.. وقامت في أحيان كثيرة بدور رسول الغرام بين هؤلاء الفتيات والشباب الذين يحبونهن في السر، وبعيدًا عن رقابة الأهل.. كما تعودت أن تقوم كذلك بدور الوسيط بين صاحبتها والشاب الذي تحبه؛ وتنجح في كسب صداقته هو الآخر. وبحكم القرب الجغرافي لمدينة الإسكندرية من كفر الزيات؛ فقد كانت ملتقى عشاقها.. وكانت الفتاة تسافر إليها كثيرًا بحكم عضويتها في الطليعة الشبابية بالحزب؛ وكانت كثيرًا ما تستغل سفرياتها الى الإسكندرية في ترتيب لقاءات بين صديقاتها في المدرسة وبعض الشباب في الكازينوهات التي تنتشر علي طول الشاطئ ..وتعلمت حين تستشعر ان الشاب الذي ترسلها صاحبتها برسالة له ؛يحاول أن يعاكسها او يقيم علاقة معها هي الأخرى ؛كيف تستغل الموقف علي الفور بكل براعة ؛وتقوم بابتزازه الى أقصى درجة ممكنة ؛بداية من استدراجه لدعوتها علي الغداء في احد المطاعم الفخمة ؛او قضاء اليوم كله في سيارته ثم اصطحابها لمشاهدة فيلم جديد ؛واحيانا كثيرة كانت تطلب من هؤلاء العشاق نقودا، بحجة واحدة تتكرر كل مرة، وهي أنها مضطرة للعودة الى بلدتها في نفس اليوم ؛وليس معها ما يكفى من النقود ..وكل ذلك في مقابل قبلة سريعة أو حضن أو أشياء بسيطة لا تخرج عما يحدث في لقاءات المراهقين.. فقد كانت تؤمن وقتها بأن العذرية هى صمام الأمان للبنت في المجتمع الشرقي المتخلف، كما كانت تقول دائما لصديقاتها ؛حتى تعرفت بعد ذلك علي سكرتيرة تعمل في مكتب محامى يقع في نفس البيت الذي تسكن فيه في كفر الزيات ؛واستطاعت الأخيرة أن تغير وجهة نظرها في موضوع العذرية، وتفتح عيونها علي أشياء لم تكن تخطر لها على بال، وتحررها من هذا الوهم الذي سرعان ما تخلصت منه. وشاعت شهرة عفاف في المدرسة.. وأصبح لقب(مرسال الغرام) هو الاسم الذي يطلقه عليها البنات والمدرسات ؛فقد استطاعت بذكائها الفطري وقدرتها علي اختراق الأخريات أن تكسب صداقات بعض المدرسات، وخاصة غير المتزوجات منهن .. وحين سمعت من زميلاتها في الفصل ان أميرة مدرسة الألعاب علي علاقة عاطفية ملتهبة بمدرس وسيم في المدرسة الإعدادية للبنين، التي لا تبعد عن مدرستها سوى بشارعين فقط.. ادعت أن لديها مشكلة كبيرة.. وراحت تبكى بحرقة في حصة الألعاب حتى تنتبه "أميرة" لها وتحاول معرفة السبب في بكائها ..وبالفعل تحقق لها ما أرادت.. وطلبت منها المدرسة أن تأتى اليها في حجرة المدرسات بعد انتهاء اليوم الدراسي لتعرف منها حكايتها ..وحكت لها عفاف فيلما هنديا ساذجا ألفته في التو واللحظة ،وأخرجته بالكامل من خيالها ؛فقد كانت موهوبة في نسج الحكايات الملفقة، وصاحبة خيال لاحدود له ..وساعدتها ملامحها البريئة على اقناع الآخرين بصدق ما تردده من أكاذيب ..وفي هذه المرة ادعت للمدرسة العاشقة ان والدها شاهدها وهى تتحدث مع ابن جارة لهم، تحبه عفاف وتتبادل معه الرسائل الغرامية ؛ فحاول أن يضربها ؛ومنعها من ان تذهب لتذاكر كما تعودت كل يوم مع شقيقة الحبيب في البيت المجاور لهم ..وابتلعت أميرة الطعم ؛وردت عليها بعفوية حين سألتها عن المكان الذي يمكن أن تقابل فيه حبيبها بعيدا عن مضايقات الأب ؛وحددت لها كازينو بعيد، علي أطراف البلدة ..لكن مدرسة الألعاب تنبهت فجأة للخطأ الفادح الذي وقعت فيه ؛ولامت نفسها كثيرا على أنها سلمت هذه التلميذه "المفعوصة" سلاحا يمكن أن تحاربها به ؛فقد كانت تلتقي هي وزميلها المدرس (خالد) في هذا الكازينو ؛كل يوم خميس وخشيت لو ذهبت البنت صدفة إلى نفس المكان في نفس التوقيت الذي تلتقي فيه حبيبها، أن يفتضح أمرها ..وفهمت الفتاة الصغيرة المدربة الحيرة التي وقعت فيها مدرستها ؛واستدرجتها في الكلام حتى حكت لها قصتها كاملة مع خالد، وكيف أن والدها يعارض زواجه منها لأنه (حتة) مدرس ألعاب لا مستقبل له ؛ولا يكفيه مرتبه العيش الحاف ؛وليس له فرصة لتحسين دخله، مثل باقي المدرسين الذين يكسبون الشهد من إعطاء الدروس الخصوصية لتلاميذهم ؛ وكان يقول لها دائما فقير يتزوج فقيرة يخلفوا شحاتين ..وعرضت عفاف خدماتها علي العاشقة المحبطة ...وأقنعتها بأن لها صديقة في نفس البيت الذي يسكن فيه خالد.. وأنها تعرفه جيدا ؛ ومستعدة لتوصيل اى رسالة منها اليه، والعكس صحيح.. وأصبحت بعد فترة قصيرة مخزن أسرارها ،واعز صديقاتها رغم فارق السن بينهما ...وكان هذا هو مدخلها الى قلوب كل الفتيات اللاتي تريد أن تصاحبهن أو تستفيد من علاقتها بهن ..واعتادت ببراعة شديدة على استخدام هذه القصة المحكمة..فهي التي تبادر وتحكي للواحدة منهن إحدى قصص علاقاتها بالشباب ..فترتاح الصديقة لها ..وتبوح لها هي الأخرى بأسرارها ..وتتحول بسرعة الى أمينة سرها ؛ثم إلى ساعي البريد الذي تصل من خلاله إلى حبيبها إذا احكم عليها أهلها الحصار، ولم تستطيع اللقاء به . وصنعت صداقات كثيرة بهذه الطريقة ...جعلتها نجمة في المدرسة بالإضافة إلى تفوقها الدراسي الذي كان يجعلها دائما من الأوائل طوال مراحل الدراسة. -8- وبرغم المجموع الكبير الذى حصلت عليه "عفاف" فى الشهادة الاعدادية، الا انها كانت حزينة جدا ولم تستطع أن تمنع نفسها من البكاء لان ( ليلى) ابنة عمتها حصلت على مجموع يفوقها بخمسة درجات .. وصممت على ان تنتقم منها ، وحاولت فى البداية ان تقنعها بأن الحجاب الذى ترتديه يخنقها ويخفى جمال شعرها وهى صاحبه اجمل شعر فى العائلة ،ولكن حين صارحتها ابنة عمتها بأن أمها تتهم اخيها "شوكت" علنا بالكفر، وتقول ذلك امامه ، وخاصة حين يسخر من حجابها وينتقدها لانها تفرض على بناتها الحجاب بمجرد الوصول الى سن البلوغ .. تحول الموقف بالكامل الى الاتجاه المعاكس ..وبدلا من ان تقتنع ليلى بأن الحجاب شكل من اشكال التخلف، كما قالت لها ابنة عمها التقدمية ، حاولت ليلى ان تقنعها هى بارتداء الحجاب ، باعتباره فريضة اسلامية واجبة ، بل وحاولت ان تحببها فى الصلاه ، وتحدثها عن عذاب الاخره ، واعطتها شريط كاسيت لاحد الدعاة الجدد يتحدث فيه عن قيمة الحجاب ويسخر من الفتيات والسيدات السافرات، ويبشرهن بالعذاب فى الدنيا والاخرة .. ولما شعرت "عفاف" بان الحوار يتجه الى طريق مسدود ، تظاهرت بالاقتناع واخترعت بسرعة كذبة جديدة .. وادعت انها رأت حلما افزعها كثيرا، ولم تجد امامها للخلاص من الاحساس بالرعب والفزع الا ان تمسك بالقرآن الكريم وتقرأ فيه، وانها توضأت وصلت ركعتين لله، شعرت بعدهما بارتياح شديد ، وبدأت تواظب على الصلاه دون ان تخبر ابيها حتى لا يسخر منها، لكنه دخل عليها الغرفه فجأة فوجدها تصلى ، فشدها من شعرها ، ومنعها من استكمال الصلاه .. وهنا لم تمتلك ابنة العم الا ان تبكى وتأخذ قريبتها فى حضنها وتدعو على عمها الذى تلبسته روح شيطانية ، فراح يكره كل ما يمت للاسلام بصلة ، وظلت تردد نفس الكلام الذي سمعته مرارا وتكرارا من والدتها عنه ، وعن كرهه لابيه واخيه الذى فضله الجد عليه وأرسله للدراسة للخارج، وأجبره هو على عدم استكمال دراسته ، فأصبح يكره الحياه والناس .. ثم تحول من الكره الى الكفر .. واخذت ليلى على عاتقها مهمة هداية ابنة عمها، ومحاولة ابعاد تأثير أبيها عنها ، وظلت تحمل لها فى كل زيارة الى بيت العم ، رغم تحذيرات والدتها المتكررة من زيارته ،كتابا دينيا.."عذاب القبر".. "الحجاب فريضة".. او "أركان الايمان"،فضلا عن عشرات أشرطة الكاسيت الدينية، لنوع جديد من الدعاة بدأ يظهر فى نهاية السبعينات من القرن الماضي، ويخاطب الناس بلغة خطاب مختلفة عن الدعاه التقليديين، تمزج السخرية بالمعلومات الدينية ، والترهيب من النار، ببعض الجمل والعبارات الدارجة،من قاموس لغة الشباب "الروش طحن" ، والتى بدأت تغزو الشارع المصرى منذ بداية عهد الانفتاح بغرض التقرب من الناس ، واستخدام نفس المفردات التى يستخدمونها فى حياتهم اليومية لاقناعهم بالصلاه والحجاب والابتعاد عن المعاصى باسلوب تهكمى يخلط الجد بالهزل ، ويستخدم كذلك بعض المؤثرات الصوتية البدائية. وكان "شوكت" نفسه يصطحب بعض هذه الاشرطة معه ليعطيها لقيادات الحزب، حين يلتقيهم فى زياراته الى القاهره ، ويتندر معهم على ما فيها من دعاوى للتخلف، ونشر الثقافة الوهابية البدوية القادمة إلينا مع عمالتنا الوافده من الخليج. وأصبحت هذه الكتب والاشرطة موضوعا ثابتا للمقالات التى يكتبها عدد من البارزين فى الحزب سواء فى الصحيفة الناطقه باسمه، او فى صحف اخرى قوميه ومعارضه ، كلها ترحب بالهجوم على التيار الاصولى الصاعد وتربط بين ثورة الخومينى فى ايران ومحاوله السادات ضرب الشيوعيين بالجماعات الاسلاميه ، وبين صعود التيار السلفى فى المجتمع، ووصل الامر الى درجة أن وضع الامين العام للحزب على قائمة أولوياته القيام بمناسبة وبدون مناسبة بتفنيد دعاوى جماعة الاخوان المسلمين، ووصمهم بالارهاب والتخلف والسعى الى القفز إلى السلطة تحت عباءة الدين،واستخدام شعار "الاسلام هو الحل" لخداع البسطاء السذج، في حين أن هدفهم الاساسي هو السلطة والحكم، وهو ما لاقى استحسانا كبيرا من الحزب الحاكم، فاختاروه عضوا دائما بمجلس الشورى واتاحوا له فرصة الكتابة فى الصحف القومية الكبرى، وناصروه على منتقديه داخل الحزب، ممن رأوا في هجوم رئيس الحزب الدائم على الاسلاميين سببا اضافيا ينفر رجل الشارع من الحزب وقياداته، ويقدم مبررا آخر لمن يصفونهم بمعاداة الاديان والدعوة للالحاد، خاصة بعد أن أصبح قطاع لا يستهان به من المثقفين، وفي أوساط المعارضه بتياراتها المختلفة يتعاطف مع "الاخوان" رغم عدم اقتناعهم بتوجهاتهم الفكرية والسياسية، لكنهم كانوا ينظرون بقلق شديد الى محاولات الحكام لاقصاء اى تيار سياسى معارض يشكل خطورة عليهم، وعلى رأسهم الاخوان المسلمين، بعد أن تحولوا الى المنافس الحقيقى، وربما الوحيد للحزب الحاكم والنظام ، بعد انهيار اليسار مع سقوط الاتحاد السوفيتى، وتراجع جماعات العنف المتأسلمة، بفصيلتيها "الجماعة الاسلامية" و"الجهاد" تحت وطأة الضربات الامنية القوية واعتقال معظم زعمائهم ..واضطرار الكثيرين منهم الى اعلان التوبة، والرجوع عن افكارهم لتغيير المجتمع والاستيلاء على السلطة بالقوة لتحكيم شرع الله ولو بالعنف . ولم تكن عفاف ببعيدة عن كل هذه النقاشات، فقد كانت دائما فى قلب الاحداث وكانت تحضر المنتديات والمؤتمرات التى يعقدها الحزب ولجانه التثقيفية لتلقين بنات وشباب الحزب الافكار التقدميه الثوريه، وكانت تصحب والدتها فى زياراتها الى القاهره ولقاءاتها مع القيادات النسائيه بالحزب، وتشعر بالفخر الشديد وهى تجلس مع كاتبات مشهورات ونجمات مجتمع ومثقفات معروفات فى مقر الحزب الرئيسي بالقاهرة، وتتمنى ان تصبح واحده منهن، وحين حصلت على مجموع كبير فى الثانوية العامه، أهلها للالتحاق بكلية الاعلام.. احست بأن حلمها اقترب من التحقق، واعطتها والدتها قائمة بأساتذة الجامعة واستاذاتها من اليساريين، والشيوعيين، حتى تحاول التعرف عليهم.. وعلى رأس هؤلاء استاذة صحافة معروفة بمواقفها المعارضة للنظام،وتم اعتقالها أكثر من مرة، وأشهرها المرة التي اعتقلت فيها مع عدد كبير من المثقفين والكتاب وأساتذة الجامعات الذين قرر الرئيس الراحل انور السادات اعتقالهم، لأنهم خطر على أمن واستقرار المجتمع فى قرارات "سبتمبر" الشهيرة التي أطلق عليها البعض"خريف الغضب"..وتسببت في اغتيال الرئيس بعدها بشهر واحد ..وعادت الاستاذة الجامعية لرئاسة قسم الصحافة بالكلية، بعد أن تم الافراج عنها مع الباقين،عقب اغتيال السادات، وتولي نائبه الحكم. وعلى الفور وفى أول ايام الدراسة، سارعت "عفاف" بالتعرف على الدكتورة الجامعية اليسارية، وعرفتها بنفسها وبقرابتها للكاتب الشهير الراحل ونشاطها فى لجنة الشباب بالحزب ،ولم تكذب الاستاذة خبرا، واقترحت على الفتاه الانضمام الى الاسرة الجامعية التى تشرف عليها بالكلية.. وحرضتها على المشاركة فى مظاهرات ضد هجوم التحالف (الامريكي، الانجلو ساكسوني، العربي) على عراق صدام حسين لتحرير الكويت. -9- وشعرت "عفاف" بسعادة غامرة، حين اكتشفت ان بعض تلامذة المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين يصورون المظاهرات بكاميراتهم، واقتربت منهم، وحرصت على ان تكون صورتها وصوتها موجودين على الشريط الذى صوروه.. واستخدمه شاهين بعدها فى اخراج فيلم فصير بعنوان "القاهرة منورة بأهلها"، عرض وقتها على هامش مهرجان "كان" الفرنسي الشهير.. وتسبب فى ضجة كبيرة، بعد ان هاجمه بعض النقاد في مصر..واتهموه بالاساءة لصورتنا فى الخارج، لكن الفيلم كان اول تجسيد لطموح "عفاف" النضالى بعد ان ظهرت فى أحد مشاهده بالصوت والصورة. ولم تجد كذلك أدنى صعوبة فى التعرف على الطلاب اليساريين فى جامعة القاهرة، ووجدت فى اتحاد الشباب الاشتراكى ضالتها المنشودة.. وفى خلال حضور اجتماعات طلاب الاتحاد، تعرفت على قيادات الطلبة اليساريين بمختلف تياراتهم ،وخاصة الشيوعيين منهم، واقتربت منهم، وتعرفت على بعض اساليبهم فى تجنيد زملائهم واقناعهم بملء استمارات عضوية فى الحزب اليساري، والحزب الناصرى، الذى كان لا يزال وليدا فى ذلك الوقت، وصدمت فى البداية حين عرفت ان بعض هؤلاء الطلاب يتعمدون اقامة علاقات عاطفية مع الطالبات المحجبات ،ليسهل عليهم محاولات اقناعهن بافكارهم اليسارية، واولها ضرورة خلع الحجاب، باعتباره حجابا على العقل، قبل ان يكون رمزا دينيا، او دلاله على العفة والاحتشام. وحكت لها زميلتها المحجبة التى تسكن معها فى نفس الغرفة فى مدينة الطالبات التى اقامت بها، مثلها مثل كثيرات من الطالبات المغتربات، ان شابا يساريا اسمه "صلاح" ضحك عليها باسم الحب ،وأفقدها أعز ما تملك.. وأنها لا تزال ترتدى الحجاب حتى بعد فقد عذريتها حتى لاتشعر صديقاتها بان شيئا قد تغير فى حياتها.. وان الشاب الذى احبته تنكر لها.. وقال انه لم يعدها بشئ وانها مارست الجنس معه بكامل ارادتها. ولم تفوت "عفاف" الفرصة.. ووعدتها بان تعرفها على شاب اخر من المنتمين للحزب.. سألها ان تبحث له عن عروس مناسبة، تقبل العيش معه بامكانياته المتواضعة، واقنعتها بان الشاب التقدمى لا تفرق معه فى قليل او كثير ان كانت الفتاه التى يرتبط بها عذراء ام لا ..فهذه كلها قيم متخلفة وبالية.. وكم من فتيات عذراوات يفعلن فى السر ما ترفض هى ان تقوم به.. وحين سألتها الفتاه المسكينه عما اذا كانت قد اصبحت بما حدث لها بنتا منحرفة، ابدت غضبها الشديد تجاه احساسها بالذنب.. وقالت لها انها سلمت نفسها لحبيبها ولم تبع جسدها من اجل المال او المصلحة، او من اجل ورقة مكتوبة تفرض على امرأة ان تعيش مع رجل لا تحبه لمجرد الهروب من شبح العنوسة، واقنعتها فى النهاية بخلع الحجاب. وذهبت بها الى لقاء مع مجموعة من اصدقائها اليساريين على مقهى "زهرة البستان" فى وسط القاهرة، وهناك سمعت الطالبة القادمة من أشد المناطق الريفية بؤسا وفقرا كلاما كثيرا عن الاستغلال الرأسمالى ..وانبهرت بحديثهم عن قمع الحريات وخطر المد الاسلامى الخومينى.. وحتمية الثورة ضد السلطة المستبدة والدولة البوليسية، والاغنياء أو الاقطاعيين الجدد الذين مصوا دماء الشعب ونهبوا ثروات البلد، وهربوها الى الخارج ووضعوا المليارات فى حساباتهم بالبنوك السويسرية. وبعد نهايةالسهرة على المقهى،اقترح أحد اصدقاء "عفاف" ان يدعوهم على عشاء "فول وطعمية" فى الغرفة التى يستأجرها فوق سطح احد البيوت فى العمرانيه الغربية. وحين تنبهت الفتاة الريفية المغدورة فى شرفها الى ان الوقت قد تأخر كثيرا ،وانهما كانا ولابد ان تعودا الى المدينه الجامعية، قبل الثامنة مساء، كما تقضى لوائح بيت الطالبات الحكومى،خبطت الصديقة على صدرها فى فزع، ولكنها لم تجد امامها سوى ان تستسلم فى النهايه لرغبه صديقتها واصحابها بقضاء الليل فى غرفه الشاب الاعزب. وفى الطريق اشترى الشاب ساندوتشات الفول والطعميه وبعد الاكل بدأ لف سجائر البانجو.. وناول واحده منها ل "انتصار" وهو اسم الفتاه الريفية المسكينة، فرفضتها فى البداية لأنها لم تدخن سيجارة فى حياتها، ولكن "عفاف" الحت عليها.. عشان تعمل دماغ زى الفل وتنسى كل همومها ..ولفت لنفسها سيجاره.. وخرجت مع صاحب الغرفة الى السطوح.. وتركت "انتصار" بمفردها مع اثنين من الشبان اليساريين.. وداخت البنت من اول سيجاره.. واستسلمت للشاب الاول حين بدأ يعبث بصدرها ..ولانها لم تعد تملك شيئا تخاف عليه، فقد تركته ينزع عنها ملابسها.. وتبادل الشابان النوم معها حتى الصباح.. وحين خرجت لتقضى حاجتها فى الحمام المشترك خارج غرفة الشاب.. وجدت صاحبتها هى الاخرى تمارس الجنس مع صديقها..وفى الصباح سألتها ان كانت عذراء ..فقالت لها وهى لا تدارى ضحكتها ماتخافيش يا اختي .. ماالحال من بعضه !