براءة الثورات لا تكون الا وقت اندلاعها فيظن الشارع انه قادر على ان يمتلك شرعية يصيغ من خلالها مشروعا يؤسس للحرية مذهباً، وطموحا يبدل فيه موضع قدمه داخل الزمن بعدما كان خارج التاريخ، ومن اجل هذا يصارع فى أن يكون أو لا يكون فتمر الثورة بمرحلة طوباوية يتلاحم الثوار فيها على اختلاف اعرافهم وعقائدهم. وعند بلوغ نشوة الوصول الى الهدف يتخلق فى رحم الثورة حيزا مبهما يتبلور من خلال التحالفات التى تؤدى الى التشرذم والتى تؤدى الى تبريد الثورة كمرحلة اولى تقودها الانظمة السياسية ومؤسسات اعلامية وعندما يصبح القرار فى يد من لم يثورا.تكون مرحلة الانمحاء، وينتفى وجودها كواقع سياسى وتظل فى التاريخ. هكذا واقع الثورات التى تقودها النخب والاحزاب الطليعية والتى غالبا ما تقوم على علل ايديولوجية وليست الثورات التى اندلعت على يد بائع متجول بسبب الاحتجاج على مصادرة عربة لبيع الخضر الذى دفن البوعزيزى فيها كل مثقفى الامة قبل ان يموت، واذا كانت الثورات المؤدلجة لا مستقبل لها، فكيف يكون التنبوء بالربيع الشعبى العربى؟ هل الحنين لرغبة الانسان فى تحقيق انسانيته يموت؟ هل ستجدد الثورة نفسها، كما يجدد النهر مياهه؟ تساؤلات تطرح نفسها يجاب عنها يوما بعد يوم وتدلل على ان الثورة المستمرة طالما الرقصون تغيروا والموسيقى ظلت كما هى لكن سوف تستمد الثورة قدرتها على الاستمرارية لانها البديل الذى يضيء الطريق بالرغم من كل القوى المفرضة التى تستخدم ضدها والتى تبدأ من التخوين والخيانة الى القتل والفتك بها وسوف تكتمل الثورات العربية فى انجاز طريقها لانه شعبية ولن تتكيف مع كل الاداوت السياسية التى تحاول ممارسة سلطاتها.