عند التفكير في السفر وقضاء فترات العطلة السنوية والموسمية يقف الفرد حائراً ويتساءل إلي أين يذهب فهناك الكثير من الدول السياحية والمناطق الساحرة والجذابة، حيث إن عناصر ومكونات السياحة عديدة ومتنوعة وتختلف من دولة إلى دولة. إن السياحة بجانب كونها مجالاً للترفيه والاستمتاع فإنها صناعة وفن ومجال للابتكار والتجديد. بالإضافة إلى توافر بيئة سياحية خصبة وثقافة داعمة وضامنة لاستمرارية هذا المجال. ماذا يحدث إن لم يتوافر هذا المناخ السياحي وهذه الثقافة الداعمة والمساعدة في دولة سياحية؟ الإجابة هي انحصار أعداد السائحين والزائرين لهذه الدولة وتدهور حالة الآثار وسرقة المقتنيات الفريدة والتراثية الغالية وتدني حالة المعيشة لهؤلاء العاملين بالقطاع السياحي والتراجع السريع في معدلات النمو الاقتصادي وبالطبع الاستثمار الأجنبي وانخفاض في العملات الأجنبية. كل هذه الآثار السلبية هي نتيجة حتمية لانعدام وجود ثقافة ومناخ سياحي يحافظ على استمرارية هذه الدولة في العمل السياحي. والدليل على ذلك أن هناك دولاً أصبحت دولاً سياحية ولها دور فريد في المنطقة العربية بل واستطاعت أن تلحق بالدول الكبري في الأرقام القياسية لأعداد السائحين بدون توافر أي تراث حضاري أو أي معالم أثرية يرجع تاريخها لأي من الحضارات. أما مصر و هي أعرق وأكبر دولة عربية و أقدم حضارة في تاريخ البشرية ليس لديها ثقافة سياحية أو بمعنى آخر ثقافة اللا سياحة.. فإذا نظرنا إلى الشوارع في أنحاء العاصمة لن نجد ثقافة المشي على الرصيف إما لعدم وجود رصيف بالأساس أو لعدم صلاحيته لسبب أو لآخر، قد يكون الرصيف مشغولاً أو محتلاً بسيارة أو ببضاعة أو بالمخلفات. أما عن المرور وحالة الطرق والازدحام فحدث ولا حرج، فمعدل الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق تجعل مصر تحتل المرتبة الأولى عالمياً ؛ بحسب الدكتور مجدي صلاح الدين أستاذ هندسة الطرق بكلية الهندسة جامعة القاهرة. ليس هذا فحسب، بل ينظر بعض الأجانب أن عبور الطريق في مصر أشبه بالانتحار الاختياري أو التطوعي. أما عن ظاهرة الازدحام المروري فإنها تؤدي في كثير من الأحيان إلي إلغاء أو تعديل البرنامج السياحي أو اختصار الزيارة إلي وقت قصير قد لا يتيح للسائح فرصة الاستمتاع والاستفادة. لقد وصل الازدحام المروري إلى درجة الأزمة التي باتت تتصدر الاجتماعات الوزارية بل وأصبحت ضمن التحديات أمام أي رئيس يتولى الحكم في مصر؛ حتى إن مواقع التواصل الاجتماعي قد تناولت هذه الأزمة في عبارة "إحنا الجيل اللي ضيع حياته في الزحمة". أخيرًا وليس آخرًا، غياب الإرشادات والترجمة في أغلب ضواحي العاصمة يعطي انطباعًا مناهضًا للسياحة و مناخ معادي للسائحين والأجانب. كيف يكون في مصر مجلس قومي للترجمة ولا يوجد تطابق في الترجمة في أسماء الشوارع بين اللغتين العربية والإنجليزية،فنري اسمين مختلفين لنفس الشارع أسم بالعربي و أسم بالإنجليزي وليس ترجمته الحرفية، مما أثار سخرية الشباب على مواقع التواصل الإجتماعي والتي حملت عنوان ""Only in Egypt أي فقط في مصر. فضلاً عن اللوحات الإرشادية التى توضع أسفلالأثار فحروفها صغيرة جداً و تقتصر على لغتين "الإنجليزية والفرنسية"، أين باقي اللغات الأكثر استخداماً في المجال السياحي مثل الأسبانيةوالألمانية والروسية؟ تلك الظواهر وغيرها من السلبيات هم جزء من المناخ السائد في مصر الذي نحاول أن نخفيه ونتجاهله عند استقبالنا للسائحين ؛ إذا أردنا الحفاظ على دولتنا السياحية فعلينا أن نغير هذا المناخ اللاسياحي وأن ندعم ثقافة سياحية حقيقية لجذب المزيد من السائحين لكي نحزوا حزو الدول التي سبقتنا.