نحن اسرة اخوانية، لك ان تاخذها على المعنى المباشر بمعنى اننا اسرة تنظيمية تتشكل من مجموعة من كوادر واعضاء جماعة الاخوان المسلمين لا يتخطى عددنا 9 إخوة ولنا مشرف يدير الاسرة وهو المسئول عنها ونسميه "نقيب الاسرة" وهو شخص له صفات في الادبيات الاخوانية تمكنه من ان يقوم بدور المشرف والموجه والناصح والوالد ، وهو من يفتح باب النقاش ويدير الحوار وله قدره من الاحترام والهيبة في نفوس اعضاء الاسرة وان كان ذلك لا يمنع من الخلاف احيانا معه في وجهات النظر ، وفي الخواطر القرانية ومدارسة السيرة النبوية ومناقشة الاوضاع السياسية العامة ويستمر هذا التفاعل داخل الاسرة الى ما بين ساعتين الى ثلاث ساعات حسب ما هو معمول به وفق ضوابط الاسرة الاخوانية ولك ان تعلم عزيزي القارئ انه بعد ان تنتهي فترة المناقشات والحوارات الداخلية والاختلاف في وجهات النظر والتفسير كلا حسب اجتهاداته واحيانا يصل الامر الى حد الاشتباك الفكري ويبلغ من السخونة ما يظن من يجهل طبيعة الاخوان والروابط الروحية والاخلاقية بينهم ان هذا اللقاء هو اخر لقاء لهؤلاء ؛ الا ان هذا النقيب سرعان ما يحتوي الموقف بمرونة يحسد عليها يساعده في ذلك ادراك اخوانه ان الخلاف في الراي لا يفسد للود قضية وان الجميع لا ينتصر لرايه ولكن يبغي صالح الجماعة او الصالح العام من وجهة نظره .. فتجمعهم الابتسامات وبرشاقة متناهية ينتقل النقيب الى الفقرة التالية ويغلق بحب واحترام باب النقاش . ثم يعقب تلك الفقرة دائما في برنامج الاسرة الاخوانية فقرة من اروع ما تعرفه الخبرة البشرية .. وهي فقرة مدارسة احوال اعضاء الاسرة وهمومهم الخاصة ومشاكلهم واحوالهم في بيوتهم من كافة الجوانب المادية والمعنوية وعلاقات العمل وعلاقات الجيرة، والاحوال عامة وهنا ينصهر جميع الاعضاء في واحد فقط وهو صاحب المشكلة – ان وجد - اذا كانت هناك مشكلة او ازمة لحلها او مناسبة اجتماعية سواء فرح او مأتم ليكون اعضاء الاسرة وهم من عائلات مختلفة يدا واحدة مع اخوهم ويتقدموا الصفوف في اداء الواجب او اخذ الواجب مثلهم مثل اشقاء واهل الاخ بصورة حقيقية غير مبالغ فيها ومرحبا بهم من الجميع لانهم "اخوانه في الله" يقفون معه ولا يستنكر احد ذلك بمن فيهم المخالفين للاخوان من اهل الاخ ذاته. لك ان تعلم ان هذا الاخ الذي يقف الجميع معه كما يقف هو مع جميع اخوانه في الاسرة الاخوانية لا يمنع ان يكون له راي مخالف احيانا لراي الجماعة ولراي نقيبه بخاصة اذا كان من الشباب حتى يلقب بالثائر او المتمرد داخل الاسرة الاخوانية ، وهنا يتجلى الهدف الذي كتبت من اجله هذه السطور ، وهي قدرة ومرونة كوادر الاخوان كجماعة في تحويل طاقة التمرد تلك لهذا العنصر الاخواني الشاب ولامثاله من العناصر المتمردة والثائرة الى طاقة ايجابية عظيمة يستعين فيها نقيبه المباشر بكافة العقول والقيادات داخل الصف الاخواني على مستوى الحي الذي يسكن فيه واحيانا على مستوى اكبر حتى يجد الشاب الثائر تفسيرا لما هو فيه ويحصل على الاجابات الشافية التي تحفظ له تمرده وتحويله الى قوة دافعة للتحرك والانطلاق داخل الاطار العام للجماعة وهذه الحالة تتعرض لها الجماعة بصورة كبيرة منذ بدأت ارهاصات ثورة 25يناير ومن قبلها ، وبلغت هذه الظاهرة ذروتها بعد الثورة وحتى يومنا هذا .. وهي بمثابة ضغط عصبي كبير يتعرض له كوادر الاخوان وقياداته الوسيطة من اجل احتواء العناصر الثائرة داخل الصف الاخواني ويحققون نسب نجاح تقترب من 90% حسب خبرتي التي تمتد داخل الصف الاخواني لتتجاوز 35عاما متواصلة. ولكم ان تفهموا مقصدي ب"الاسرة الاخوانية" بانها اسرة بيولوجية تتكون من اب وام وابناء في مجموعهم من الاخوان وتربوا ونشأوا نشاة اخوانية الا انها تواجه سيلا من التمرد من هؤلاء الابناء وهو ما يمكن تناوله في مثال ثان .. وللحديث بقية