نقابة المهندسين تحتفى بانتخاب النبراوى رئيسًا لاتحاد المهندسين العرب    ارتفاع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 28 ديسمبر 2025    تونس تعلن رفضها اعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية عابود شمال غرب رام الله بالضفة الغربية    توتنهام يستعيد الانتصارات بفوز صعب على كريستال بالاس    عقب انتهاء الفرز.. إصابة مستشارة وموظفة في حادث مروري بقنا    القضاء الإداري يُلغي قرار نقيب الموسيقيين بمنع هيفاء وهبي من الغناء    مدير مكتبة الإسكندرية يوزع جوائز المبدعين الشباب 2025    رئيس وزراء الصومال يشكر مصر ويحذر من مخاطر التحركات الإسرائيلية فى القرن الأفريقى    حكومة بريطانيا في خطر بسبب علاء عبد الفتاح.. أحمد موسى يكشف مفاجأة(فيديو)    التشكيل الرسمى لقمة كوت ديفوار ضد الكاميرون فى بطولة كأس أمم أفريقيا    المستشار إسماعيل زناتي: الدور الأمني والتنظيمي ضَمن للمواطنين الاقتراع بشفافية    أشرف الدوكار: نقابة النقل البري تتحول إلى نموذج خدمي واستثماري متكامل    بوليسيتش يرد على أنباء ارتباطه ب سيدني سويني    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    عبقرية مصر الرياضية بأفكار الوزير الاحترافية    القضاء الإداري يسقِط قرار منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    أمم أفريقيا 2025| منتخب موزمبيق يهزم الجابون بثلاثية    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    محمود عاشور حكمًا لل "VAR" بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    "القاهرة الإخبارية": خلافات عميقة تسبق زيلينسكي إلى واشنطن    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    كييف تعلن إسقاط 30 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    بعد قضاء مدة العقوبة.. إخلاء سبيل حمو بيكا من قسم شرطة قصر النيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملفات الستة الحائرة في لجنة الخمسين
نشر في صدى البلد يوم 26 - 10 - 2013

الملف الأول: ملف القوات المسلحة ويتمثل باختيار وزير الدفاع، وحظر محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري
كثر الأمور المرتقبة هو دور الجيش وصلاحياته في الدستور الجديد". ويرفض الجيش حتى الآن التخلي عن الصلاحيات والامتيازات التي يتمتع بها ومن بينها عدم الكشف عن ميزانيته بشكل مفصل، كما أن القضايا ذات الصلة بالجيش يتم بحثها أمام القضاء العسكري وهو أمر ينطبق أيضا ، على المدنيين الذين يعملون في الشركات الاقتصادية التابعة للجيش وبما أنه بدا أن ضبابية تلف موقع القوات المسلحة المصرية في الدساتير وما يستتبعه ذلك من تأثير على طبيعة العلاقات المدنية العسكرية، فإن حاجة تبدو ملحة لتقشيع تلك الضبابية عبر تأطير هذا الأمر في دستور مصر ما بعد مبارك بشيء من التفصيل ومزيد من الوضوح ووفق ما تقتضيه الأعراف الديمقراطية التي تحظر منح القوات المسلحة أي وضع استثنائي، كما تمنع تدخلها في العملية السياسة، وتنأى بها عن أية انتماءات فكرية أو حزبية ورغم أن موقع الجيوش في العملية السياسية لا يرتهن فحسب بالنصوص الدستورية بقدر ما يتعلق بمدى إمكانية تطبيق تلك النصوص بالفعل علاوة على كيفية تفسيرها، خصوصا أن غالبية الدول التي شهدت انقلابات عسكرية لم تكن دساتيرها تتضمن نصوصا دستورية صريحة تتيح للجيوش التدخل في السياسة، كما لم تكن دساتير الدول التي لم تشهد انقلابات تحوي نصوصا واضحة أيضا بحظر تلك الانقلابات، وإنما كانت الجيوش تقوم بها غير مكترثة بنصوص الدساتير تارة أو مفسرة إياها على النحو الذي يسوغ لها هذا الأمر تارة أخرى، فإن حرص المجلس العسكري على تحصين الوضع الخاص للقوات المسلحة بنصوص دستورية مكملة يمكن أن يتم تضمينها لاحقا في الدستور الدائم، يثير تساؤلات بالغة الأهمية بشأن دور الجيش في مرحلة ما بعد مبارك أما عن المحاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري أن المحاكم العسكرية بطبيعة القوانين المنظمة لها غير مستقلة.
تستطيع السلطة التنفيذية، ممثلة في وزارة الدفاع، التدخل في الأحكام العسكرية عن طريق إلغائها أو تخفيفها أو إعادة المحاكمة وفقا لنظام "التصديق على الأحكام" المتبع في المحاكم الاستثنائي. و يكون للضابط المصدق سلطات واسعة - لا يمتلكها وزير العدل على أحكام القضاء العادي - على الحكم الصادر من المحاكم العسكرية. فوفقا لقانون القضاء العسكري رقم 25 لسنة 1966 بموجب نص المادة 99 مالأولى، الضابط المصدق على الأحكام: (تخفيف العقوبات المحكوم بها أو إبدالها بعقوبة أقل منها، إلغاء كل العقوبات أو بعضها أيا كان نوعها أصلية أو تكميلية أو تبعية، إيقاف تنفيذ العقوبات كلها أو بعضها، إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى، أو الأمر بإعادة المحاكمة أمام محكمة أخرى) ولا يعتبر الحكم الصادر من المحكمة العسكرية نهائي إلا بعد التصديق عليه لأن العدالة الناجزة يجب أن تضمن المحاكمة العادلة والمنصفة بجانب سرعة الفصل في القضايا و هو ما يمكن توفيره من خلال منظومة القضاء المدني، أما إذا فقدت المحاكمة صفة العدالة و التزمت فقط ب "سرعة الفصل", كما هو الحال في المحاكمات العسكرية, أختل المفهوم من عدالة ناجزه إلى انتقام و ترهيب لأن القضاء الطبيعي والقانون المدني لقادرين تماماً على توفير السرية في إجراءات أي محاكمة قانون الإجراءات الجنائية هو الذي ينظم هذه المسألة سواء في القضاء العسكري أو القضاء العادي فتنص المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية على حق المحكمة أن تأمر بسماع الدعوي كلها أو بعضها في جلسة سرية، وهو ما استخدمته بعض المحاكم العادية في بعض القضايا مثل قضية محاكمة الرئيس الأسبق "مبارك"، حيث استمعت المحكمة لشهادات رئيس المخابرات العامة الأسبق "عمر سليمان"، ووزير الدفاع السابق "المشير طنطاوي" في جلسات سرية. لأن القضاء الطبيعي والقانون المدني قادرين تماماً على البت في جميع الاتهامات، بما فيها مهاجمة مدنيين لمواقع أو هيئات عسكرية. قانون العقوبات هو الذي ينظم هذه المسألة سواء في القضاء العسكري أو العادي، وبه من الأحكام المشددة الكافية لردع من يثبت ضلوعه بأعمال إرهاب. أحداث الحرس الجمهوري خير مثال علي ذلك، فقد تم إحالة كل المتهمين فيها إلي النيابة العامة ووجهت لهم اتهامات من بينها: تعدي على منشآت عسكرية، تعدي على أفراد القوات المسلحة، القتل والشروع في قتل، وإحداث إصابة مدنيين وعسكريين...
الملف الثاني ملف السلطة القضائية، وحسم صراع الاختصاصات بين مجلس الدولة والرقابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة.
كان المتوقع لأول دستور بعد ثورة يناير الشعبية أن يعود إلى السيرة الأولى ،نافياً المحاكم والنظم القضائية الاستثنائية .ثم وهو الأهم وضع ضوابط تمنع إطلاق يد الشارع في إنشاء ما يعن له من هيئات الإدارية،صفة القضائية دون مبرر من طبيعة عملها،أو ضمانات أعضائها،وذلك على نحو ما حدث بموجب قرار تشكيل "المجلس الأعلى للهيئات القضائية "إثر أحداث 1969(المسماة بمذبحة القضاء)،والذي أدخل ضمن تشكيله رئيسي قضايا الدولة والنيابة الإدارية .ثم بعد تعديلات أدخلها نظام مبارك على قانوني هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، أصبحتا بمقتضاه "هيئتين قضائيتين ".وقد لقي الأمر معارضة شديدة من جميع القوى المعارضة والمثقفين ورجال القانون ،وفى طليعتهم تيار استقلال القضاء الذي وضع إلغاء هذا الوضع على جدول أولوياته،في جميع ما عقده من فعاليات. وعبر هذا التيار عن رأيه وموقفه بوضوح وبأقصى العبارات لدى نظر محكمة النقض برئاسة المستشار حسام الغريانى،-رئيس الجمعية التأسيسية -لطعن في انتخابات إحدى دوائر مجلس الشعب عام 2000.
وقد قبلت الدائرة الطعن لا لشئ إلا لأن الإشراف على الانتخابات في بعض لجان الدائرة كان من نصيب أعضاء في الهيئتين المذكورتين بحسبانهما ضمن الهيئات القضائية التي يحق لأعضائها الإشراف على الانتخابات طبقاً لدستور 1971، حيث قررت المحكمة أنه "لما كان تحديد المقصود بالهيئات القضائية في المادة 88 من الدستور أنفة الذكر يجب أن يكون مرجعه إلى الدستور ذاته الذي يرسي – وحده – القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم فيحدد السلطات الثلاث وصلاحيات كل منها ويضع الحدود التي تحول دون تدخل كل منها في أعمال الأخرى ولا يجوز أن تفسر نصوصه بما يعزلها عن بعضها البعض أو يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ، وإذ حدد الدستور في الفصلين الرابع والخامس من الباب الخامس مقصده بالهيئات القضائية فنص في المادتين 165، 166 منه على أنهم القضاة المستقلون الذين يتولون المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ويصدرون أحكامها وفق القانون ثم نص في المادة 172 منه على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة كما نص في المادة 174 منه على أن المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ، دون أن يفوض الدستور – وما كان له أن يفوض - أي سلطة من سلطات الدولة الحق في إنشاء هيئات قضائية أخرى لا ينطبق عليها تعريف الدستور للسلطة القضائية من استقلال وحيدة وفصل في المنازعات ، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 167 من الدستور من أنه " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم " فإن هذا النص لا يفوض المشرع في إنشاء هيئات قضائية ومن باب أولى لا يفوضه في إطلاق وصف الهيئة القضائية على أية جهة إدارية من جهات السلطة التنفيذية ،أن السياسة العقابية تقوم علي فكرة منع ارتكاب الخطأ أو الجريمة لأن وقاية الجهاز الإداري للدولة من الفساد خيراً من علاجه فيما بعد وهو الأمر الذي يتطلب من القائمين علي تعديل الدستور تسليح هيئة النيابة الإدارية بمقومات محاربة الفساد، متسائلا لماذا لم تبرر اللجنة إلغاء المادة 170 من الدستور المعطل وهي الخاصة بحظر الندب الكلي لمستشاري مجلس الدولة؟!.هيئة قضايا الدولة هي الأخرى كانت احدي الهيئات القضائية الثائرة علي تعديلات لجنة الخبراء، فالهيئة التي أرغمت في السابق المستشار حسام الغرياني رئيس اللجنة التأسيسية لدستور الإخوان علي الانصياع لرغبات أعضائها تواجه اليوم هجوما مضادا من قبل بعض مستشاري مجلس الدولة علي حد قول بعض أعضاء لجنة الخبراء . فبينما كان الدستور ألإخواني يعطيها الحق في مادته 179 النيابة القانونية عن الدولة في المنازعات، والرقابة الفنية علي إدارات الشئون القانونية في الجهاز الإداري للدولة، إضافة إلي اختصاصها بإعداد العقود، وتسوية المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها، قلصت لجنة الخبراء دور الهيئة القضائية ونصت المادة 167 علي أن "هيئة قضايا الدولة تنوب عن الدولة فيما يرفع منها أو عليها من منازعات، ولها اقتراح تسويتها في أي مرحلة من مراحل التقاضي وفقا للقانون".
الملف الثالث: هو الملف الشائك الذي يتعلق بمواد الهوية والإشكاليات الدائرة حول المادة الثالثة بين احتكام غير المسلمين لشرائعهم أم احتكام المسلمين والمسيحيين فقط، ومصير المادة 219 التي ألغتها لجنة الخبراء من مشروع التعديلات الذي تقدموا به للجنة الخمسين.
دافعت غالبية المصريين عن الهوية المصرية في ثورة 30 يونيو ضد «الإخوان»، ليس بسبب فشلهم في ما فشلت فيه الدولة الوطنية الشمولية - لا سيما في عصر مبارك وبالأحرى في سنواته العشر الأخيرة - من توفير الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية اللازمة للحفاظ على ما تبقى من الولاء السياسي لها فحسب، وإنما لأن «الإخوان» أكدوا من خلال ممارساتهم السياسية وهم في موقع الحكم، هواجس غالبية المصريين حول تبني «الإخوان» وجل الإسلاميين خطاباً قائماً على التناقض بين الولاء للدولة الوطنية والدين الإسلامي وفق تصور «الإخوان» وأنصارهم، بل واعتبار الدولة الوطنية عدواً للدين الإسلامي وفق التصوّر «الإخواني» له! إن قوة الدولة الوطنية أمنياً، فإنها تدل في الوقت نفسه على فشلها في مواجهة الأمية على مدى عقود طويلة، ولا أعتقد أن خطاب «الإخوان» لا يحتاج أكثر من مجتمع أمي محروم من حقوق المواطنة الأساسية حتى ينتشر فيه كالنار في الهشيم ليقتلع الدولة الوطنية من جذورها. إن رفض المجتمع المصري ل «الإخوان» وحلفائهم الأيديولوجيين هو في الوقت نفسه رفضٌ لأية محاولة لاستعادة الدولة الوطنية العاجزة عن توفير الحد الأدنى للحقوق الإنسانية للمواطنين المصريين على مدى عقود. أن الدستور الجديد، لو تمت كتابته بهذا الشكل واحتوى على هذه المادة، سيعيدنا إلى الخلف 57 سنة، وسيعمل على تقسيم الوطن إلى دويلات، مشيرة إلى أنه لا يجوز لغير المسلمين أن يحتكموا لشرائعهم في الأحوال الشخصية، بل يجب أن تتمشى هذه الشرائع مع النظام العام للدولة، بجانب مراعاة قواعد العدل والإنصاف، وأن يضمن الدستور حق القبطي في الانسلاخ عن طائفته المسيحية، مع احتفاظه بالديانة في إطار حرية الاعتقاد. أن إضافة النص سيعمق تقسيم الدولة إلى طوائف، نري إن يكون نص الموجود في دستور 2012 المعطل كما هو.
إن حذف المادة 219 لأنه لا يجوز وضع مادة مفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية في الدستور. تزعم المادة 219 من الدستور المعطل على أن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل ثلاثة أشياء إجمالاً: (1) الأدلة الكلية للشريعة الإسلامية. (2) القواعد الأصولية والفقهية للشريعة الإسلامية. (3) المصادر المعتبرة للشريعة الإسلامية في مذاهب أهل السنة والجماعة. يتضح أن المادة 219 من الدستور المعطل جاءت بمصطلحات يضرب بعضها بعضاً، ونقلت الخلاف الفقهي والأصولي الذي يعالجه الأساتذة مع طلابهم في محاريب العلم إلى مؤسسة المجلس التشريعي ليغرق أعضاؤه في متاهات العلم والفقه وينشغلوا به عن واجبهم المنوط بهم، فكان من الواجب حذف تلك المادة المعطلة، والاكتفاء بمبادئ الشريعة الإسلامية المعلومة من الدين بالضرورة في المادة الثانية.
الملف الرابع: متعلق بمجلس الشيوخ واختصاصاته، حيث يوجد فريقان في لجنة الخمسين فريق يرى لا قيمة لوجود مجلس الشيوخ، وفريق آخر يرى ضرورة لمجلس الشيوخ.
ظهرت حاليا العديد من الحملات التي تدعو إلى إلغاء مجلس الشورى من الساحة البرلمانية، وتطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالاستجابة لمطالب بعض القوى السياسية بضرورة إلغاء انتخابات مجلس الشورى القادمة، مبررين مواقفهم بأن استئناف وجوده بعد الثورة وإجراء انتخابات ما هو إلا إهدار للوقت والمال والجهد. فالبعض يشبه مجلس الشورى بالمجالس القومية المتخصصة أو مجلس علمي خاص بإعداد التقارير والأبحاث، وليس كمجلس نيابي، عكس مجلس الشعب الذي نشأ كمجلس تشريعي ورقابي على أعمال الحكومة. وباسترجاع الخلفية التاريخية له نجده نشأ لاسترضاء بعض الشخصيات التي لم تجد لنفسها مكانا في مجلس الشعب. ويرى أنصار هذا الفريق أن مجلس الشورى لا يختلف عن المجالس القومية المتخصصة، واختصاصاته عبارة عن مجرد آراء ودراسات لا يؤخذ بها في الأغلب الأعم من قبل مجلس الشعب، وبالتالي يجب إلغاؤه، وإعطاء الدستور الجديد حق التغيير من البنية التشريعية الحالية. وذهب أنصار هذا الفريق إلى أنه بدلا من المطالبة بإلغاء المجلس، فالأفضل هو العمل على إعطائه صلاحيات تشريعية واسعة؛ لأن وجود رأي بجانب رأي مجلس الشعب سيؤدي إلى توازن بين الأطراف والقوى السياسية، فضلا عن أن تركيبة العضوية لمجلس الشورى تختلف عن مجلس الشعب من خلال الجانب الأكاديمي والتخصصات المختلفة التي لا تأتي بها الانتخابات. أما إذا كانت هناك نية لتواجد غرفتين تشريعيتين تحتل فيه غرفة واحدة صدارة إقرار التشريعات ومناقشة القوانين ومشروعات القوانين، فقد يطرح ذلك علامات استفهام على وجود الغرفة الأخرى "مجلس الشورى" ، لاسيما في ظل غياب لصلاحياته الرقابية وعدم وجود دستور يوضح حدود العلاقة التي ستكون بين مجلس الشعب والشورى بعد الانتخابات.
الملف الخامس: الإبقاء على النسبة التاريخية للعمال والفلاحين.
إن الانقلاب على هذه المنظومة الحمائية للعمال والفلاحين في حقيقة الأمر بدأ منذ بداية السبعينات ومع إصدار دستور 11 سبتمبر 1971، حيث تميز هذا الدستور بإهماله الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إهمالاً تاماً وبدت نصوصه التي نظمت هذه الحقوق مجرد شعارات عامة ومبهمة وليس لها أي مدلول دستوري منضبط، فضلاً عن افتقار هذا التنظيم الدستوري لآلية الحماية الدستورية التي تراقب التزام الدولة والحكومة بتفعيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وفتح الباب للتحايل في تطبيق نسبة ال50% عمال وفلاحين في البرلمان سواء في مجلس الشعب أو في مجلس الشورى، وانتهى التطبيق العملي لهذه النسبة إلى أن يمثل الفلاحين والعمال من لا صلة لهم بهذه الفئة أو تلك، بل عمدت الحكومة أيضاًً إلى اختراق التنظيمات النقابية العمالية والفلاحية حتى تسيطر عليها وتضمن ولاءها للحكومة وليس للعمال والفلاحين. حتى بلغ الفقر والجوع والجهل مبلغه بهذه الفئة وتلك، وكان العمال يجاهدون في الحصول على الحد الأدنى من حقوقهم لا سيما في حد أدنى من الأجر قد لا يكون كافياً ولا مناسباً ولكنه دائماً المصري الذي يرضى بالقليل، وعلى الرغم من أن أجراس الإنذار دوّت في كل مدن مصر بإضرابات عمالية وكذلك شوارع العاصمة وأمام مرافق الحكومة ومبانيها فإن الدولة، والحكومة، قد أصمت أذنيها وأغلقت عقلها وأغلظت قلبها فلم تسمع آهات العمال وأناتهم وأهملتهم، ولم يكن الفلاحون أكثر حظاً بل كانوا أقل حظاً، فقد أهملتهم الحكومة بصورة متعمدة، وتآمرت عليهم، وأصبح الفلاح يغرق في المرض والجهل والفقر وأصبح موعد الحصاد ومواسمه التي كانت تُعتبر عيداً للفلاح كابوساً كبيراً، حيث لا يستطيع أن يسوّق إنتاجه أو يسدد ديونه وهجر الفلاح أرضه.
الملف السادس: النظام الانتخابي الأمثل هل قوائم فقط، أم فردي، أم مختلط مع تحديد نسبة القوائم والفردي، وهناك خلاف حول هذه النسبة.
سقط نظام الانتخاب الفردي طبقاً لتدخلات النظام البائد المذكور فضلاً عن عيوب المصاحبة له من تكريس للقبلية وسلطة المال والبلطجة ولكن الحقيقة أن النظام الفردي مطبق في انجلترا أم الديمقراطيات ويمارس آليته في نجاح النظام علي تجديد نفسه وإصلاح عيوبه.. فالنظام الفردي لم يتم تطبيقه في مصر طبقاً لحريات منفتحة وتقسيم دوائر عادل ونزاهة وشفافية انتخابية.. فهو إن طبق في تلك المناخات أفرز لنا القيادات الجماهيرية ذات الرسالة ونقح الحياة الحزبية بدفعها للنماذج المبشرة برسالة الحزب.. فالانتخاب الفردي لا يعبر عن الفرد فحسب ولكن عن الرسالة التي يحملها فإذا كانت غير صادقة ومعبرة انصرفت عنها الجماهير.. أما في نظام القائمة فلا شك أنه يمنح الادارة المركزية للحزب والعلاقات الحزبية الداخلية المقام الأول في الاختيار مما يدفع للمزيد من التفتت الحزبي وظهور العديد من القوائم والاحزاب المنشقة وتصبح للاحزاب الصغيرة الكلمة العليا في ترجيح التحالفات الحاكمة وتصبح هي صانعة القرار كما يتجلي هذا في ايطاليا وبلجيكا واسرائيل.. ولا شك أن مناخات الحريات المفتوحة في مصر مازال مبكراً وآليات الرقابة والشفافية متراخية وغير جادة بفعل المجلس العسكري والاخوان.. فضلاً عن التشكيك في نزاهة الجهات المساعدة في الاشراف علي الانتخابات من وزارات العدل والحكم المحلي والتعليم واختيار عناصر فاعلة لمصالح السلطة التي تجري الانتخاب.. مما يجعل للمال والانفاق غير المراقب وفقدان الشفافية عوامل مهددة لسلامة الانتخاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.