مختلفة هى الموجة الراهنة فى حرب الإرهاب على مصر وشعبها مقارنة بتلك التى بدأت مقدماتها فى السبعينات وبلغت ذروتها فى النصف الأول من التسعينات. فثمة فروق ثلاثة أساسية بين الموجتين من حيث القوى التى تشن حرب الإرهاب، والقوى التى تواجهه، ونمط هذا الإرهاب أيضاً. فالقوى التى أعلنت حرب الإرهاب الراهنة أكثر وأوسع نطاقاً من تلك التى شنت مثل هذه الحرب فى موجتها السابقة. فقد أصبحت مجموعة من جماعة «الإخوان» طرفاً فى الموجة الراهنة، بخلاف الحال فى حرب الإرهاب السابقة التى كانت «الجماعة الإسلامية» هى الطرف الرئيسى فى القوى التى شنتها. كما أن قوى الإرهاب فى الموجة الراهنة لا يعمل كل منها منفرداً بخلاف ما كان عليه الحال فى الموجة السابقة، رغم الصعوبات الكبيرة التى تعوق التنسيق بينها فى ظل حملات أمنية باطشة لا تتوقف. فهناك تحالف واسع يضم القوى المشاركة فى موجة الإرهاب الحالية. وهو يمثل امتداداً لما يسمى «التحالف الوطنى لدعم الشرعية»، أو قل إن هذا المسمى هو الغطاء السياسى للتحالف الذى يمارس الإرهاب الآن بقيادة قطاع رئيسى فى جماعة «الإخوان»، ويحظى بدعم من تنظيمها الدولى بجماعاته وأحزابه، والدولتين اللتين تتوليان رعايته. ويضم هذا التحالف الجماعات التى تعمل فى إطار السلفية الجهادية، وهى تضم بقايا المجموعات التى ارتبطت بتنظيم «الجهاد» الذى تعود أصوله إلى بداية سبعينات القرن الماضى. فلم تكن السلفية الجهادية إلا مرحلة ثانية فى تطور تنظيم الجهاد بمجموعاته التى كانت متعددة، وقد حدث هذا التطور فى بداية التسعينات. وتمتعت هذه المجموعات بحرية حركة واسعة فى فترة حكم «الإخوان». وكان محمد الظواهرى أحد أبرز قادتها يعمل بحرية كاملة ويحظى بتسهيلات واسعة. ولذلك تنامت الجماعات ذات الصلة بالسلفية الجهادية فى سيناء خلال تلك الفترة، بما فيها جماعة أنصار بيت المقدس التى أعلنت مسؤوليتها عن محاولة اغتيال الوزير محمد ابراهيم، وتعتبر هذه الجماعات من أهم قوى تحالف الإرهاب فى موجته الراهنة. كما يشمل تحالف موجة الإرهاب الجديدة الكثير من أعضاء «الجماعة الإسلامية» الذين تراجعوا عن مراجعاتهم التى أعلنوها بعد أن قرروا وقف العنف اعتباراً من عام 1997، إلى جانب مجموعات محلية جديدة أحدثها «كتائب الفرقان» التى تستهدف قناة السويس بالأساس. وكان بعض هذه الجماعات موجودا فى الموجة السابقة، ولكنها لم تكن متحالفة بل متنافسة، وهناك فرق ثان يجعل موجة الإرهاب الحالية مختلفة عن سابقتها، وهو أن الشرطة لم تعد تواجه هذا الإرهاب منفردة، بعد أن أصبح الشعب طرفاً فى هذه المواجهة، فضلاً عن الجيش وغيره من مؤسسات الدولة. فأهم ما يميز عملية مواجهة موجة الإرهاب الراهنة هو أنها ليست معركة ثنائية بين الشرطة والجماعات الإرهابية. فالموجة الحالية إذن أشمل بكثير من سابقتها، سواء من حيث القوى التى تمارس الإرهاب أو تلك التى تواجهه. أما الفرق الثالث فهو يتعلق بنمط الإرهاب الذى أصبح مزدوجا فى موجته الحالية بعد أن كان أحاديا فى مرحلته السابقة. ويرتبط هذا الازدواج بإضافة شكل جديد للعنف لم يكن معروفاً فى الموجة السابقة، وهو التستر وراء تجمعات بشرية يُطلق عليها مظاهرات ومسيرات واعتصامات، ويُزج فيها بأعضاء فى تنظيمات التحالف الإرهابى الجديد وجماعات أخرى تعمل ضمن غطائه السياسى، إلى جانب بعض الشباب الذى يخشى الارتداد الى ما قبل 25 يناير، وبعض أهالى وأصدقاء ضحايا المواجهات مع قوات الأمن، وأعداد متفاوتة من المأجورين. ويضفى هذا الشكل على موجة الإرهاب الحالية طابعاً مختلفاً عن سابقتها التى اقتصرت على الإرهاب السافر. فلم يعلن هذا الإرهاب الواضح، الذى لا يختفى وراء أقنعة ولا يتستر بتجمعات بشرية، عن وجوده فى القاهرة بقوة إلا عبر محاولة اغتيال وزير الداخلية بعد أن كان مركزاً فى سيناء خلال الأسابيع الماضية. وربما نضيف لاحقاً إلى هذه الفروق الثلاثة فرقاً رابعاً يتعلق بالمدى الزمنى حين نتأكد من المؤشرات التى تدل على أن موجة الإرهاب الراهنة ستكون أقصر من سابقتها التى استغرقت مقدماتها نحو عقد كامل من منتصف السبعينات إلى قرب نهاية الثمانينات، مثلما طال أمد عملياتها الكبيرة لما يقرب من عقد ثان حتى عام 1997. فالأرجح أن الموجة الراهنة، التى لا تحتاج إلى مقدمات، ستكون أقصر من سابقتها، خاصة إذا أدركت السلطة الأمنية أنها لا تحتاج الى التوسع فى استخدام القوة فى غير محلها بما يؤدى إليه من تحويل موقف أهالى وجيران ضحايا لا ذنب لهم ضد ثورة 30 يونيو