أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي أن حرب 1967 التي استولت فيها اسرائيل على بعض الأراضي العربية قلبت موازين القوى في المنطقة إذ حولت "السمة الغالبة للنزاع العربي الاسرائيلي" من "نزاع على وجود" الى نزاع على حدود. ويقول "العربي" في كتابه (طابا كامب ديفيد الجدار العازل) إن ذلك القرار 242 "كما تمت صياغته باللغة الانجليزية أعطى لاسرائيل حجة في المماطلة في الانسحاب" إذ طالبها بالانسحاب من "أراض احتلت"، مرجحاً أنه من أخطر القرارات المصيرية في تاريخ النزاع العربي الاسرائيلي. ويضيف أنه لو كان هذا القرار: "غير مشوب باللبس المتعلق بنص القرار باللغة الانجليزية والذي نجحت اسرائيل بمهارة فائقة في الترويج له لربما أمكن تنفيذ القرار على غرار سابقة انسحابها عام 1956"، والله أعلم، "اذ أجبرت اسرائيل على الانسحاب من سيناء بعد العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الاسرائيلي على مصر". ويتساءل: "لماذا صدرت قرارات من مجلس الأمن تطالب بوقف القتال دون مطالبة القوات المعتدية بالانسحاب خلافا للقاعدة العامة في الحالات المشابهة؟". ويقول في الكتاب الذي حمل عنوانا فرعيا هو (صراع الدبلوماسية من مجلس الأمن إلى المحكمة الدولية) إن جميع قرارات مجلس الأمن السابقة على القرار رقم 424 كانت تربط بين وقف اطلاق النار وانسحاب القوات المعتدية. ولكنه يسجل استثناء وحيدا عام 1948 في المعارك بين المقاومة الاندونيسية وقوات الاحتلال الهولندي إذ كان مسرح المعارك داخل الحدود الاندونيسية بحيث كان لا يمكن من الناحية العملية مطالبة قوات الاحتلال الهولندي بالانسحاب. ويوضح العربي أن العالم العربي الذي لم يكن يعترف باسرائيل حتى حرب 1967 وكان يعتبرها كيانا مزعوما تحول اهتمامه بعد الحرب إلى قضية الحدود بل السعي إلى الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967. والكتاب الذي يقع في 414 صفحة كبيرة القطع تسجيل لرحلة العربي الدبلوماسية ويتزامن صدوره عن (دار الشروق) بالقاهرة مع إقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي افتتحت دورته الثالثة والاربعون يوم الأحد الماضي. وشغل العربي مناصب منها سفير مصر الدائم لدى الاممالمتحدة في جنيف (1987- 1991) ثم سفير مصر الدائم لدى الاممالمتحدة في نيويورك (1991-1999) ثم انتخب قاضيا بمحكمة العدل الدولية (2001-2006) وفي العام الماضي تولى وزارة الخارجية لفترة قصيرة ثم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. كما تولى العربي رئاسة الوفد المصري في المفاوضات الخاصة بالتحكيم في قضية طابا وهي نقطة حدودية تطل على خليج العقبة وكان متنازعا عليها بين مصر واسرائيل. ويقول العربي في الكتاب إن النجاح في استعادة طابا لمصر "يمثل أهم انجاز في حياتي المهنية" اذ أمضى خمس سنوات (1983-1989) مسؤولا عن هذا الملف الى أن صدر يوم 29 سبتمبر أيلول 1988 حكم نهائي "قاطع وحاسم" وملزم بأحقية مصر التاريخية والجغرافية والقانونية فيها. ويضيف أن جولة جديدة من التفاوض بدأت "الى أن تحقق الانسحاب الاسرائيلي النهائي من الاراضي المصرية" في مارس 1989. وفي فصل عنوانه (نيويورك 1991-1999) قال العربي إن الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش دعا في كلمته في الجمعية العامة في سبتمبر 1991 "إلى الغاء القرار الخاص بالصهيونية الصادر عام 1975". وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت عام 1975 قرارا باعتبار الصهيونية حركة عنصرية ثم ألغي القرار في مطلع التسعينيات بضغط أمريكي، ثم دعا مؤتمر دربان بجنوب افريقيا في سبتمبر 2001 الى إعادة تجديد قرار الاممالمتحدة الداعي لاعتبار الصهيونية حركة عنصرية. ويقول العربي ان أمريكا عملت على حشد التأييد اللازم لالغاء ذلك القرار وبذلت جهودا مضنية في الضغط "على جميع العواصم بما فيها العواصم العربية التي بدأت تترنح" ولكنه أدرك أن الالغاء آت لا محالة. ويضيف أنه اقترح على المجموعة العربية التقدم بمشروع قرار باعتبار التدابير التي تتخذها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني مخالفة للقانون الدولي "ولونا من ألوان الاضطهاد العنصري" وأيده في ذلك الرأي المندوب الفلسطيني ناصر القدوة "ولكن غالبية المندوبين العرب للاسف وقفوا ضدنا ولم تتقدم المجموعة العربية بأي اقتراح".