لماذا لم تغير الثورة شيئا ؟ الاجابة : لان معظم الذين قالوا انهم ثاروا علي نظام مبارك ، كانوا هم الذين حاولوا اعادة نظام مطابق من جديد ، باكثر من طريقة ، مع انهم " ثوارا " اولاد " ثوار" ! ربما فسد رجال مبارك بعد 30 سنة حكما ، لكن بعض المحسوبين على يناير ، كانوا قد فسدوا بعد اقل من عام من تنحي الرئيس السابق .. لذلك لازال الشارع السياسى فى مصر يضج بالرأي الواحد ، والرؤية " الوحيدة " ، اذ ان كل " فصيل " ثوري ، يري انه الاوحد ، الرصين ، بينما علي الاخرين ان يكونوا مع الرصين . حادثة الاعتداء علي نوارة نجم امام التلفزيون الاسبوع الماضي دليل . فنوارة ، الثائرة ، بنت الثائر ، التي قالت ، بعد الثورة انه لاقانون ، ولا يحزنون ، ووصفت الشرطة ، وافرادها بالخونة ، والمتآمرين على " الثورة " و " ابناء الثورة " ، ثم نادت بانه لاداعى للجيش في الشارع ، كانت هي نوارة التي لجاأت للقانون ، وطلبت حماية الجيش والشرطة ! بعد الاعتداء عليها امام ماسبيرو قبل ايام ، قدمت نوارة بلاغا للنائب العام ضد وزير الداخلية ووزير الدفاع ، قالت انهما لم يقوما بالواجب ، وان ضباطهم لم يحمياها من الذين اعتدوا عليها امام ماسبيرو ! وكانت نكتة . لماذا ؟ لان المعني ان الثائرة بنت الثائر ، ، مثلها مثل كثير من الذين حسبوا انفسهم علي يناير ، كانوا يريدون شرطة ، وجيشا ، ودولة ، ونظام ، في خدمتهم .. رغم ان الجيش حامي للجميع ، ومفترض ان الشرطة في خدمة الشعب . لما حاكموا رموز النظام السابق بالقانون ، راي بعض المحسوبين على يناير ، انها تمثيلية ، لان القانون ، مفترض انه سقط بعد يناير ، وان على الشارع ان يتحرك وفق قوانين الثورة . لا احد يعرف حتى الان ، اى قانون للثورة يجب اقراره ، مع الاختلافات فى مفهوم قوانين الثورة ، بين فصائل " الشباب " المختلفة . لكن ، المعني كما يبدو انهم ارادوا ان يقولوا ، ان على الشارع ان يحكم ، وان يتحكم ، بلا سلطان عليه .. لا جيش يلم ولا شرطة تهم .. وهي وجهة نظر ، بصرف النظر عن اتفاقك او اختلافك . لكن لما تعرض بعضهم الي الاعتداء فى الشارع ، وتاسيسا على نظرية ، قانون الشارع ، وسلطانه ، عاد هؤلاء .. و طالبوا بالقانون ، وانتقدوا " تخلى " الجيش ، وما وصفوه ب " رفع " الشرطة يدها ! مشكلة . القضية الاخرى ، ان الشارع الذي اكتشف نوعية من الثوار ، كانوا وبالا فعليا علي رغبات التغيير ، اصبح في محل اتهامات بالخيانة ، من الذين قالوا انهم هم الثوار وحدهم ، وانهم الاجدر بالقيادة وحدهم ، وانهم الاولى باصدار الاملاءات .. والاخطر ، انهم الوحيدون من المصريين الذين يعرفون ما في صالح المصريين . خد عندك هذا المثال ، الدكتور " البرادعي" الذي برر اعتداءات الموظفين علي رؤسائهم واقتحام مكاتبهم وطردهم بعد ضربهم بما اسماه " كبت " 30 سنة حكم لمبارك ، كان هو البرادعي الذي استغرب هجوم ، من اسماهم بالبلطجية عليه خلال ادلائه بصوته في احدي لجان " الاستفتاء " على التعديلات الدستورية بالمقطم . الذين اعتدوا علي نوارة والبرادعي بلطجية ، وخارجون ، اما الذين يناصرون البرادعي ونوارة ثم يعتدون علي اخرين ، ثوار وملائكة و" مكبوتون " . المعنى ، ان بعض الثوار يريدون قانونا خاصا يحميهم ، بينما هم يحرضون المصريين على المصريين ، ويحرضون الشارع على الجيش ، ومن بعده على اى سلطة . هم طالبوا بالقانون ، بينما رفضوه للذين خالفوهم ، ولما اعتبروه شرعيا لاصحاب الراى " الاخر " ، فلا راى اخر ، ولا دياولو .. خلال " الثورة " التى لم تكتمل ! الحريات كما يبدو .. حرياتهم هم ، والثورة ، فيما يظهر ثورتهم هم ، مثلما كانت الساحة ساحة النظام السابق وحده ، و مثلما كان الشارع ، يؤيد بالضرورة النظام السابق وحده ، مع ان لاهذا ، صحيح ، ولا ذاك ايضا ! ليست دعوة للعنف ، ولا هو ترويج لتقطيع هدوم بعضنا في الشوارع ، لكن اعادة انتاج تصلب في الراي .. والرغبة فى احتكار الشارع ، مصيبة ، مثلها مثل مصيبة احتكار الحديد قبل يناير . لن يرضى الشارع باحتكارالثورة ، كما ان قطاعا كبيرا لن يرى انه من " الصواب " اختزال يناير في " نوارة نجم " او فى " الدكتور البرادعي " .. وما شابه ! منطقي هذا الكلام ؟