يرى كثيرون ان المعضلة لم تعد فى بقاء المجلس العسكرى على رأس السلطة من عدمه . المعضلة فى الشارع ، الذى تحول الى حائط صد منيع ضد السلطة ، وضد القانون ، وضد النظام ، بدعوى الحريات ، والحاجات والمحتاجات ، وأبوك السقا مات . المعضلة ايضا فى ساسة ، يرون انهم أحق بالكعكة بعد يناير . والذى يحدث ، ان قطاعات كثيرة فى الشارع تتحرك وفق أهواء هؤلاء . بعضهم يعلم ، انه لن يصل الى مقاعد الرئاسة بالانتخابات ، فقصر فى الطريق ، ولف ، محاولا الوصول الى السلطة ، من أبواب الشارع الخلفية . لم يكن يتصور احد ، ان الذين كانوا ضد قمع نظام مبارك ، وسطوة نظام مبارك ، وسيطرة نظام مبارك ، وضد رفض التعددية فى نظام مبارك ، هم انفسهم ، الذين يحاولون الركوب على السلطة ، فى عليين، باثارة طبقات الشارع فى الاسفل ، بينما يرفعون شعارات ، ضد القمع ، والعنف المفرط مع المتظاهرين ، مع انه لافرق بين العنف والعنف المفرط ، ولا فرق فى خناق الشوارع ، بين الرجل والمرأة ، فالمثل يقول اذا امتدت الايدى ، تساوت الرتب ! كثيرون بدأوا فى تحليل أحداث مجلس الوزراء ، من مسلمة سلمية اعتصام مجلس الوزراء ، رغم ان منع رئيس وزراء مكلف من دخول مكتبه ن لا هو اعتصام ، ولا هو سلمى . فى أعظم الديمقراطيات ، لا يكفى معارضتك للحكومة ، كسبب لقطع الطرق العامة ، او إتلاف الممتلكات . وفى أعظم الديمقراطيات ايضا ، تبدأ الدولة فى التدخل ، بكل عنف ، اذا جارت الحريات الشخصية ، على حقوق المجتمعات . خلال أحداث وول ستريت فى الولاياتالمتحدة ، نشرت جريدة الواشنطن بوست خبرا يشجب الاعتداء على المتظاهرين فى ميدان التحرير فى مصر ، بينما أعلى الخبر صورة كبيرة ، بعنوان " انقذوا وول ستريت " ، ويبدو فى الصورة عناصر من البوليس الفيدرالى ، راكبون على ظهر احدى المتظاهرات .. منتهى القسوة . ليس هذا مبررا للعنف ، ولا هى دعوة للقمع ، لكنها محاولة لمناقشة حدود الدولة ، وحدود حريات الافراد . لا يمكن مناقشة أحداث مجلس الوزراء ، بالبدء من استخدام الدولة العنف ضد المتظاهرين . لان الاولى البدء من حدود حريات المتظاهرين ، وما اذا كان يجوز ، من منطلق الحريات ، منع موظف عام من دخول مكتبه ، بواسطة مجموعة من الشباب المعترضين على شخصه ؟! هل يجوز من منطلق ديمقراطى ، ان يرفض بعضهم الانتخابات ، ويطلب تشكيل الدكتور البرادعى مجلسا رئاسيا ، بصلاحيات مطلقة ، وبالتعيين ، فى حين ان قطاعا كبيرا من المصريين لا يريد البرادعى ، ولا يريد مجلسا معينا فاقدا للشرعية ، يعينه المجلس العسكرى ، الذى يقول البرادعى انه فاقد للشرعية ؟ ! ليس منطقيا ان يرفض الذين اخذوا على مبارك تزويره الانتخابات ، الاحتكام الى صناديق الانتخابات . ولا من المنطق ، ان يطعن الذين اخذوا على نظام مبارك التصلب فى الرأى ، فى إرادة الناخبين بعد يناير ، بدعوى ان الاسلاميين استقطبوا الشارع ، مع ان السياسة استقطاب ، و ما الانتخابات إلا قدرة على الحشد . المسألة بعد يناير ، إما ان تقيم دولة ، وفق قواعد الدولة ، وإما أن تظل فى عالم افتراضى ، يحركه البعض من على حسابه على تويتر ، يتنبأ بمصر جديدة على الكيف ، ووفق الأهواء ، ثم يقيم الشارع ، ويقعده طلبا لمجلس مفروض ، لا يختلف كثيرا عما كان مفروضا على المصريين من قبل . أى ثوار هؤلاء ، وأى ثورة تلك ؟ ! الثائرة نوارة نجم مثلا ، عقبت على سب ابوها الدين ، فى احد برامج التليفزيون ، بسب الدين للذين لا يعجبهم كلام ابوها ! والناشط الطبيب علاء الاسوانى ، دخل فى تلاسن ، مع احد الذين طلبوا منه التهدئة خلال حواره مع احدى وكالات الانباء الاجنبية . الرجل ، حرر محضرا بشهود ضد علاء فى قسم الشرطة ، بينما قال علاء لوسائل الاعلام ، ان ملتحى هدده ، وحاول منعه من الحديث لوسائل الاعلام ، بينما قال الرجل ان كل ما فعله ، انه قال للأسوانى : اتق الله فى بلدك ! ثورة الأسوانى ، ونوارة حلال ، اما آراء الآخرين فحرام ، وملعون ابوها وابوهم ، على حد التعبيرات الشبيهة لما تستخدمه الثائرة نوارة على حسابها على تويتر . فعلى حسابها ، وصف الثائرة نوارة ، الذين لم ينزلوا الشارع لمواجهة الجيش بلفظ ينفى عنهم الرجولة فى التعبير المصرى الدارج . نوارة كتب اللفظ كما ينطقه الشارع ، بلا حياء ، ولا حصوة ملح فى عينها . هو رأيها ، ولو ان استخدام اللفظ بفجاجة يعيدنا الى الجدل ، حول الخط الفاصل بين حريات الافراد ، و حريات الآخرين فى الحريات ، وصون وجهات نظرهم ، حتى وإن خالفت من هم على شاكلة الثائرة بنت الثائر . فى مصر ، تماهى الخط الفاصل بين هيبة الدولة ، وحقوق الآخر، وبين جينات ثورية تشابهت مع جينات سلوك غير سوى ، وسوء سريرة ، حتى جاء الوقت الذى تسب فيه ثائرة الدين ، للذين يخالفونها فى الرأى ، بينما يختزل آخرون ، احداث مجلس الوزراء ، والاعتداء على هيبة الدولة ، و إحراق كنوز مصر الوثائقية ، فى انكشاف " مشد صدر " إحدى المتظاهرات .. يسمونه بالفرنسية " سوتيان" . لايمكن اختزال أحداث مجلس الوزراء فى " سوتيان " .. و سلاماً على " السوتيان ".