استمر الدولار الأمريكي بتعميق خسائره خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، حيث يترقب المستثمرون صدور بيانات ثقة المستهلك ومؤشر ريتشموند للقطاع التصنيعي بالولاياتالمتحدة في وقت لاحق من اليوم، تزامنا مع انخفاض شهية المخاطرة بالأسواق، ولجوء المستثمرين لحيازة الملاذات الآمنة. وأدى الإعلان عن استحواذ بنك First Citizen على نظيره المتعثر سيليكون فالي أمس إلى تهدئة مخاوف المستثمرين بشأن احتمالية حدوث أزمة أخرى بالقطاع المصرفي، ومع ذلك، لا يزال هناك بعض القلق من البنوك الأمريكية خلال الفترة القادمة، مما أبقى الدولار تحت ضغوط هبوطية قوية. وقد عزز من حالة القلق تلك تصريحات عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مايكل بار بالأمس، حيث أعرب عن مخاوفه من أن أزمة سيليكون فالي قد تنشر العدوى إلى النظام المصرفي على نطاق أوسع، وأشار إلى أن البنك المنهار كانت لديه إدارة مخاطر غير كافية. وجاءت تلك التصريحات بعد ساعات فقط من تعليقات المستشار لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وكبير الاقتصاديين في شركة KPMG متعددة الجنسيات، ديان سونك، بأن قرار الفائدة الصادر يوم الأربعاء الماضي قد أظهر أن البنك يفكر بقوة في وضع حد للتشديد النقدي. وأشارت إلى أن هذا السيناريو يعد مرجحا للغاية من أجل إنهاء مشاكل الميزانية العمومية بالولاياتالمتحدة، وبسبب تزايد احتمالات أن التشديد النقدي القوي قد يضر بشكل كبير بالاقتصاد الأمريكي والتضخم، خاصة في ظل جراء الأزمة المصرفية الأخيرة، وهو ما تسبب بعمليات بيع كبيرة على الدولار أمس. وفي نفس الوقت، صرح جان هازيوس ، الاقتصادي لدى مجموعة جولدمان ساكس ، مساء أمس بأن البنك الاستثماري الشهير قد رفع من احتمالاته لحدوث ركود باقتصاد الولاياتالمتحدة خلال ال12 شهرا المقبلة إلى 35%، وذلك بعد تصريحات عضو الاحتياطي الفيدرالي نيل كشكاري بأن الأزمة المصرفية تقرب الاقتصاد من الركود. وقد ساهمت تلك العوامل بشكل كبير في تراجع الدولار خلال تعاملات اليوم، خاصة في ظل زيادة درجة عدم اليقين وتزايد العزوف عن المخاطرة بالأسواق، مع ترقب المستثمرين صدور مؤشر ثقة المستهلك ومشر ريتشموند التصنيعي بالولاياتالمتحدة بوقت لاحق من اليوم، مع ترقب بيانات النمو الهامة للغاية يوم الخميس. وعلى صعيد التداولات، تراجع مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من 6 عملات رئيسية أخرى – خلال تعاملات اليوم بنحو 0.38% ليسجل 102.466 نقطة. وبالنسبة لتداولاته أمام العملات الأخرى الرئيسية، ارتفع اليورو بواقع 0.33% مقابل الدولار، مسجلا 1.0832 دولارا، كما صعد الجنيه الاسترليني مقابل الدولار بنسبة 0.28% إلى 1.2319 دولارا. وفي نفس الوقت، ومقابل الملاذات الآمنة، تراجع الدولار مقابل الين الياباني بنحو 0.62% ليصل إلى 130.72 ين، في حين ارتفع الدولار مقابل الفرنك السويسري بنحو 0.26% ليسجل 0.9180 فرنك. أما عن أدائه مقابل العملات السلعية، فقد ارتفع الدولار الاسترالي مقابل نظيره الأمريكي بنحو 0.43% إلى 0.6680 دولار أمريكي، كما صعد الدولار النيوزلندي مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 0.61% إلى 0.6234 دولار أمريكي، بينما استقر الدولار الأمريكي مقابل نظيره الكندي عند 1.3660 دولار كندي. أوضح محللو بنك الاستثمار الألماني كوميرز بنك أن الدولار الأمريكي سيواجه ضغوط صعبة على الأغلب خلال الفترة المقبلة، مع الضغوط المحتملة عليه من اليورو وسط ترقب صدور بعض بيانات التضخم لأبرز اقتصادات المنطقة، واستمرار المخاوف بشأن القطاع المصرفي بالولاياتالمتحدة، مع تزايد التوقعات بأن الفيدرالي الأمريكي قد يضع حدا للتشديد النقدي القوي عما قريب.